30/7/2009

طالب صندوق النقد الدولى بفرض ضرائب قيمة مضافة جديدة، والاقتراض من الخارج، وتقليص الدعم بهدف تقليل العجز فى الميزانية، والحفاظ على جذب المستثمرين الأجانب.

وأضاف ، أن العجز فى الميزانية يتفاقم نتيجة الأزمة العالمية والتى يتمثل تأثيرها على مصر فى انخفاض عوائد قناة السويس، والسياحة، وتحويلات العاملين فى الخارج. وأوضح الصندوق أن سد العجز فى الميزانية «يجب أن يتم من خلال دعم الدخل عن طريق ضريبة قيمة مضافة شاملة وكاملة» و«ترشيد الدعم». وحث الصندوق مصر على اللجوء إلى الاقتراض الخارجى حالياً بدلاً من الاقتراض الداخلى نظرا لارتفاع الدين العام.

كانت «المصرى اليوم» نشرت فى ٨ يوليو الجارى تقريراً عن مفاوضات تجريها وزارة المالية مع البنك الدولى للحصول على قرض بقيمة ١.٢ مليار دولار – نحو ٦.٧ مليار جنيه – لاستخدامه فى سد عجز الموازنة العامة، وهو ما اعتبرته دوائر اقتصادية أكبر قرض يقدمه البنك الدولى لمصر حال إتمامه، كما أنه الأول الذى يستخدم فى هذا الغرض، غير أن الحكومة نفت فى اليوم التالى اللجوء إلى الاقتراض الخارجى.

يري المرصد المدني لحقوق الانسان ان نصائح صندوق النقد الدولي ادت الي كوارث اقتصادية واجتماعية في التسعينات من القرن المنصرم وادت الي توترات اجتماعية في العديد من البلدان وهو الامر الذي لاتتحمله دولة في حجم مصر ولا يتحمله مواطنيها الذين يعانون من نتائج سياسات الخصخصة وارتفاع اسعار المواد الغذائية الامر الذي ادي الي افقار الملايين من الشعب المصري واهدار لحزمة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية .

والجدير بالذكرأن صندوق النقد الدولي انشأ في عام 1945 بصفته إحدى الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة بهدف دعم الحالة الصحية للاقتصاد العالمي عن طريق منظومة ثابتة لمعدلات الصرف.وتشتمل وظائف صندوق النقد الدولي على تشجيع التوسع المتوازن في التجارة العلمية واستقرار معدلات الصرف وتصحيح مشكلات ميزان المدفوعات لبلد ما. يكمن الخطر الأعظم الآن في أن يعود الصندوق إلى المبالغة في بسط نفوذه وفرض

شروطه، فهذا هو ما حدث في النصف الثاني من تسعينيات القرن الـ 20، حين بدأ صندوق النقد الدولي في التبشير بتحرير حسابات رأس المال، وبالغ في فرض العلاجات المالية المفرطة في التشدد والقسوة أثناء الأزمة المالية الآسيوية، وحاول بمفرده إعادة تشكل الاقتصاد الآسيوي. ومنذ ذلك الوقت أقر الصندوق بأخطائه في كل هذه المناطق، وفي تقرير صادر عن مركز دراسات السياسات بواشنطن في ابريل 2006 وضعته عدد من المنظمات الغير حكومية خلص الي ان الصندوق يعاني ازمة شرعية كان لأزمة الشرعية عواقب ونتائج مالية. ففي عام 2003 أعلنت الحكومة التايلندية أنها سددت معظم دينها لـ “صندوق النقد الدولي” وقالت إنها ستكون عما قريب مسقلة عنه مالياً. وأما إندونيسيا فقد أنهت اتفاقيتها الاستقراضية مع الصندوق في عام 2003 وأعلنت مؤخراً عن نيتها عن تسديد دينها عديد المليارات خلال سنتين [4]. وامتنع عدد من المستقرضين الكبار في آسيا عن اللجوء إلى الاستدانة مجدداً من “صندوق النقد الدولي”، بعدما عقلوا العواقب الكارثية التي تخلفها سياساته، ومنها الفيليبين والهند والصين. وقد تأكد هذا الاتجاه الجديد بتحركات قامت بها مؤخراً كل من البرازيل والأرجنتين في تسديد كل ديونهما وإعلان سيادتهما المالية، الأمر الذي أكد ضمناً أنهما لن يلجآ إلى الاستدانة مجدداً.

وضع صندوق النقد والبنك الدوليين وصفة اقتصادية عامة افتراضاً أنها صالحة لكل الدول كما وضعا نموذجاً للتنمية اعتبراه النموذج الأمثل للتنمية في دول العالم الثالث، خلاصته في عبارة واحدة:

(اقترض .. استثمر وأنتج .. صدّر .. سدّد الديون)
هذا الإصلاح الاقتصادي الموصوف مؤسس على افتراض أن سبب أزمة دول العالم الثالث وتخلفها يكمن في بنائها الاقتصادي الضعيف، ومن ثم على هذه الدول أن تقوم بتعديل اقتصادياتها لتتوافق مع الاقتصاد العالمي الأوسع، وجاء خبراء البنك والصندوق ليقوموا بهذا التعديل ويُخضعوا مسار هذه الاقتصاديات لمتطلبات وإجراءات تفصيلية أدت إلى نتائج خطيرة يرصدها اقتصادي من العالم الثالث هو “بادى أونيمودى” حيث يقول: (لقد أدت سياسة التعديل الهيكلي إلى الاستغناء عن ملايين العمال، وإلى تخفيض مستمر لسعر العملة الوطنية أمام العملات العالمية، وإلى خصخصة القطاع العام، وفتح الأبواب على مصاريعها لدخول الشركات عابرة القارات، والقضاء على كل أنواع السيطرة الحكومية على الأجور والأسعار، وإلغاء دعم السلع اللازمة لمعيشة الفقراء .. وكانت النتيجة النهائية خلال العقود الأربعة الأخيرة فشل ذريع على طول الخط لسياسة الصندوق والبنك، وفشل كل المشروعات الاقتصادية التي وافقا عليها أو أشرفا على تنفيذها، وترتب على تطبيق نموذج التنمية الموصوف لدول العالم الثالث تراكم في ديونها، فلم تستطع دولة واحدة تسديد ديونها بل عجز بعضها حتى عن تسديد الأقساط في مواعيدها، واضطرت إما إلى إعادة جدولة الأقساط، أو إلى مزيد من الاقتراض.

وانتهت بذلك أسطورة التنمية في العالم الثالث لتتحول إلى كارثة اقتصادية وديون ترزح تحتها وتستنزف مواردها ودخلها الوطني.

فقد اضطرت الحكومات التي سقطت في شرك الديون المتراكمة إلى خفض إنفاقها على المستشفيات العامة والتعليم والدعم السلعي، وتدهور الاستثمار في الزراعة المحلية مصدر طعام الشعب، كما تدهورت الصناعة وركد البحث العلمي وتدهورت البنية الأساسية من الطرق والكهرباء .. وأدى هذا كله إلى بطالة عارمة. وتسبب إلغاء الدعم الحكومي للسلع الشعبية الأساسية، وتخفيض قيمة العملة المحلية في الارتفاع السريع لأسعار المواد الغذائية.

وكانت النتيجة النهائية لكل هذا انهيار مأساوي في مستويات معيشة فئات من الطبقة المتوسطة الدنيا. 1- محاولة علاج الديون بمزيد من الديون.

2- استبدال بعض الديون ببيع القطاع العام، بمعنى أنه لكي تسدد دولة ما بعض ديونها تضطر إلى التخلي عن ممتلكات الشعب من الأرض والمؤسسات الصناعية والمالية.

3- تدمير البيئة: إذ تضطر بعض الدول في نضالها للتخلص من عبء ديونها لحرق غاباتها الطبيعية لكي تنشئ على أرضها الشركات العملاقة مشروعاتها كما حدث في دول أمريكا اللاتينية.

4- تفضيل النخب الغنية في بلاد العالم الثالث الذين يشتركون مع الأجنبي بنصيب ما في شراء القطاع العام بأسعار بخسة.

العنوان :العاشر من رمضان / مجاورة 29 /قطعة 120
ت: 0109223559 / 015378886
mrsd_mdny@yahoo.com
www.acmhr.org