14/1/2010

أكد خبراء قانون وبرلمانيون ونشطاء حقوق الإنسان أن قانون الضرائب العقارية معرض للطعن عليه بعدم الدستورية ، نظراً لمخالفته ولائحته التنفيذية لبعض مواد الدستور (40،38،34) ،فضلاً لماتناوله من فرض ضريبة على رأس المال وليس ناتج رأسالمال،مطالبين بإعفاء السكن الخاص من الضريبة العقارية، معلنين عن تضامنهم مع حملة المنظمة المصرية لحقوق الإنسان التي أطلقتها في شهر ديسمبر 2009 بهدف إقناع المشرع بضرورة تعديل قانون الضريبة العقارية ليتفق مع نص المادة 11 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتعليقات لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والفقرة ا من المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المصدق عليهما من قبل الحكومة المصرية ، وذلك بإلغاء فرض الضريبة على السكن، وذلك حماية لحق المواطنين في مسكنهم الخاص، والاقتصار بفرض هذه الضريبة على مالكي الوحدات العقارية ذات الطبيعة المختلفة عن السكن ، وعلى مالكي أكثر من وحدة عقارية، جاء ذلك في ختام الحلقة النقاشية التي عقدتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تحت عنوان “قانون الضرائب العقارية…ماله وما عليه” أمس الأربعاء الموافق 13/1/2010 بفندق بيراميزا بالدقي .

واختلف في الرأي أ.أشرف العربي رئيس مصلحة الضرائب المصرية مؤكداً أنه لا شبهة بعدم دستورية قانون الضرائب العقارية الجديد ، مشيراً إلى أن القانون قد راعى مصالح محدودي الدخل، كما خفض فئة الضريبة العقارية من 40% إلى 10% ، بل وأن القانون يتسم بالعدالة ، ويراعى القدرة التكليفية لمؤدي الضريبة، ولا يعصف بالملكية تلك المبادىء الثلاثة التي ألزم الدستور بضرورة توافرها في القوانين الضريبية حال سنها.

وأكد العربي أن الضريبة بصفة عامة يجب أن يستفيد منها الأقل دخلاً في الدولة ويتم أخذ القيمة السوقية حتى يتم الصرف على الناس الأقل حظا ، مضيفاً أن القانون الجديد هو الحل الذي تستطيع به الحكومة الحفاظ على الثروة العقارية في مصر بتحسين الخدمات المقدمة للثروة القائمة ،والتوسع في مد البنية الأساسية التي تخلق مناطق عمرانية جديدة، وخاصة أن مصر بها ثروة عقارية تقدر في المتوسط بنحو 4 تريليونات جنيه، إلا أن الحصيلة من القانون السابق للضريبة العقارية التي تصل إلى 400 مليون جنيه لا تغطي إلا تكلفة مرتبات موظفي الضريبة العقارية بعد ضمهم لوزارة المالية .

وأبدى العربي استغرابه من الثورة العارمة التي يلقاها القانون ، موضحاً أن القانون سيخضع له حوالي 5% فقط من أصحاب العقارات في مصر و الـ95 % لن يخضعوا ، كما أن 60% من الـ5% لا تزيد قيمة عقاراتهم على مليون جنيه ، وهو ما يعني أن المواطن صاحب العقار الذي يصل سعره لمليون جنيه لن يدفع سوى 600 جنيه عن كل 100 ألف جنيه في العام فقط .

وأكد أ.حافظ أبو سعده الأمين العام للمنظمة المصرية أن فرض الضريبة العقارية يأتي مخالفا لروح الدستور وما تنص عليه أحكامه ومواده الأساسية التي تقيم النظام الضريبي على العدالة الاجتماعية ماده 38 منه وتحمي الادخار وتشجعه وتنظمه ماده 39 منه ولا تقضي عليه، كما تحمي الملكية الخاصة ماده 34 منه وتعمل على الكفاية والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين ماده 40 منه، ومن ثم يكون طلب إلغاء القرار الصادر بإصدار اللائحة التنفيذية رقم 493 لسنه 2009 والقرار 494 لسنه 2009 بإصدار النماذج أمرا قد صادف صحيح الواقع والقانون لمخالفة الدستور وغيره من القوانين الأخرى .

وأوضح أبو سعده أن القانون يعتريه الازدواج الضريبي فالمادة 41 من القانون رقم 91 لسنة 2005 قد نصت على أن تسرى الضريبة على الإيرادات الناتجة من تأجير أي وحدة مفروشة أو جزء منها سواء أكانت مهنة غير تجارية أو لأي غرض أخر ويحدد الإيراد الخاضع للضريبة على أساس قيمته الإيجارية الفعلي مخصوما منه 50% مقابل جميع التكاليف والمصروفات، وبالتالي فمالك الوحدة السكنية الذي يؤجرها مفروش يقوم بأداء ضريبة عن إيجاره المفروش كما نص عليها قانون الضرائب على الدخل رقم 91 لسنة 2005 وكذلك مطالب بدفع ضريبة أخرى طبقا للقانون رقم 196 لسنة ،2008 مما يعد معه فرض ضريبتين على وعاء واحد وبالتالي فهو ازدواج ضريبي، ومن المتعارف عليه أن فرض أكثر من ضريبة على وعاء واحد يؤدي إلى التهامه،ـ خاصة أن صاحب الوحدة السكنية عند شرائه لهذه الوحدة دفع ثمنها من ناتج مجموع استثمار دخله خلال فترة معينة، وهذا الاستثمار قد أدى عليه ضريبة للدولة طبقا للضريبة على الدخل ،كذلك عند قيامه بشراء الوحدة السكنية قام بأداء الضريبة المسماة بضريبة التصرفات العقارية المنصوص عليها في المادة 42 من القانون رقم 91 لسنة 2005 والتي تنص على” تفرض ضريبة بسعر 2,5% وبغير أي تخفيض على إجمالي الإيرادات الناتجة عن التصرف في العقارات المبنية أو الأرض داخل كردون المدن سواء كان هذا التصرف عليها بحالتها أو بعد إقامة منشآت عليها وسواء كان التصرف شاملا للعقار كله أو جزءاً منه أو وحدة سكنية منه أو غير ذلك…………….. الخ”، مضيفاً أنه في ضوء ذلك نجد أن الوحدة السكنية التي اشتراها المواطن العادي والذي سبق وأن سدد ضريبة على الدخل ، ثم ضريبة على التصرفات العقارية، مطالب بسداد ضريبة أخرى عقاريه سنوية ، وهذا أمر فيه ازدواجية ضريبية أخرى مهدداً لمبدأ العدالة الاجتماعية والمساواة أمام القانون.

ومن جانبه، أكد د. ثروت بدوي أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة أن هناك قوانين كثيرة تصدر بالمخالفة للقوانين الدولية الأمر الذي يهدد مبدأ العدالة الاجتماعية وهذا ما حدث في قانون الضرائب العقارية، فليس في هذا القانون أي مزايا فهو مخالف لكل القواعد، وبالتالي فهو صبغ بالعوار الدستوري.

وأوضح بدوي أن قانون الضرائب العقارية يحتوي ثغرات دستورية كثيرة، لأن الضريبة لا يمكن أن تفرض إلا على دخل معين ولا يمكن أن تفرض على رأس المال ، بل وأنه قد حطم مبدأ المساواة ، حيث أن المساواة في الضرائب تختلف عن المساواة في الكثير من الأمور الأخرى، لأن المساواة تختلف في تحمل الأعباء في الحياة العامة والمساواة في تلقي الخدمات العامة ، فالمساواة في تحمل الأعباء تعني القدرة على تحمل الأعباء فقدرة الممول تختلف حسب الدخل، ويجب أن نفرق أن الضريبة بالذات التي حركت الثورات الكبرى في العالم.

وأعرب الفقيه الدستوري عن أمله في المحكمة الدستورية العليا والتي أصدرت العديد من الأحكام في قضية الضريبة ، فحينما عرضت ضريبة الأرض الفضاء نبهت المسئولين إلى عدم الدستورية ،وبالفعل وبعد بضع سنوات صدر حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية ضريبة الأرض الفضاء لقانون الضرائب، متوقعًا أن يحدث نفس الأمر بالنسبة لقانون الضرائب العقارية، وبالتالي يجب أن يكون هناك تحديد واضح للوعاء الضريبي لقواعد حسابات الضريبة لكل المصريين .

وطالب بدوي بضرورة تحديد واضح لقواعد حساب الضريبة، وأن يكون واضحا ومحدداً ، ويمكن فرض الضريبة على رأس المال بشرطين الأول أن تفرض مرة واحدة فقط ، وأن تكون الضريبة على رأس المال مقابل خدمات قدمتها الدولة.

واتفق معه في الرأي د.عاطف البنا أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق جامعة القاهرة، مؤكداً أن قانون الضريبة العقارية به العديد من شبهات عدم الدستورية، مشيرا إلى أن الضريبة لا يجب فرضها على رأس المال كما في حالة المسكن الخاص، لأنه مع مرور الوقت سيتم الانتقاص من الوعاء الأساسي مما ينتقص من قيمة رأس المال، كما أن القانون لم يقم بتحديد الإعفاءات، ولا يوجد نص بها في القانون، وإن هذه الإعفاءات لابد أن تكون بناء على أسس وشروط.

وطالب البنا بضرورة إعفاء السكن الخاص من الضرائب لأنها لا تدر دخلاً وهي من الحقوق الطبيعية التي لا يجوز التنازل عنها لأي شخص ، وقد أكدت المحكمة الدستورية على ذلك ، وبالتالي ففرض ضريبة على السكن يعد مخالفاً للحقوق الطبيعية ، وعليه فلابد من عدم فرض الضريبة على المساكن المخصصة لأغراض السكن ، وتحديد الوعاء الضريبي ولا يكون للسلطة التنفيذية سلطة تقديرية، لأن الضرائب لا تكون إلا بقانون محدد وبدون هذا التحديد يكون هذا القانون مخالف للقواعد التشريعية ، وأن يحدد القانون قواعد وشروط الإعفاء حيث لم يوضحها ، وتحديد قيمة الغرامة فيما يتعلق بالعقوبات ، ويجب أن تكون الضريبة على الدخل الحقيقي ، فالضريبة على الرأسمال لا تفرض إلا في ظروف محددة .

واتفق معه في الرأي د. مصطفي النشرتى وكيل كلية الاقتصاد بجامعة مصر للعلوم والكتنولوجيا، مطالباً إعفاء السكن الخاص من الضرائب لمن لا يستطيع دفع هذه الضرائب، فعلى سبيل المثال في ألمانيا يستفيد 20% من الشعب الألماني من الإعفاء من الضرائب على السكن.

وأكد النشرتي ضرورة وجود باب خاص بالنظام المالي للدولة في الدستور، ففي الدستور المصري نجد أن الدولة مركزية وليس هناك نظام مالي ،ولذا يجب تعديل هذا الدستور . أما بالنسبة لقانون الضرائب العقارية فإنه يخصص ما يساوي 75% من إجمالي إيراداتها إلى الخزانة العامة ، أما نسبة 25 % المتبقية فهي التي تذهب إلى المحافظات ، وبالتالي فإن مقولة أن حصيلة الضرائب المتحصلة ستذهب لتنمية المحليات مقولة كاذبة ، فالضريبة لا تقدم خدمات للمحافظات والباقي سوف يذهب إلى تمويل العجز في الموازنة العامة في الدولة ، ومعنى ذلك أن الاقتصاد المصري في حالة تدهور مستمر

وأوضح د. أحمد أبو بركة عضو مجلس الشعب عدم وجود نقاش وحوار مجتمعي حول القوانين التي تصدرها المؤسسة التشريعية في مصر، الأمر الذي يجعل هذه القوانين مليئة بالعديد من الانتقادات ومواطن الضعف ، ومؤكداً أن قانون الضرائب العقارية أبرز مثال على ذلك، فالمادة 3 مثلا تتضمن تعديل الضريبة على

الدخل وبالتالي يحدث نوع من الازدواجية الأمر الذي يجعلها مشوبة بالطعن بعدم الدستورية ، والمادة 8 والخاصة بنظام سريان الضريبة، والتي تفرض ضريبة على كل عقارات ثابتة أو غير ثابتة ، فقد أوجدت شكل من الالتباس وعدم العدالة في المعيار لجهة صاحبة المصلحة وساوت العقارات المشغولة بغيرها بما يعني نظرة الجباية ،والمادة 10 والتي فرضت على العقار المقام على أرض زراعية أخضعته لضريبة الأرباح في الاستثمارية ، في حين أن المجتمع المصري يقوم على الزراعة . وأشار أ.أحمد سيف الإسلام حمد مدير مركز هشام مبارك السابق والمحامي بالنقض أن المادة 13 من قانون الضرائب العقارية مخالفة للمعايير الدولية للحق في السكن ، فهناك شروط خاصة بالسكن حددها العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تساعدنا كمدخل في التعامل مع الضريبة وهي توافر الأمن وتوفير الخدمات مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي، و القدرة على تحمل التكلفة والصلاحية للسكن وإتاحة إمكانية الحصول على السكن ، والموقع والسكن الملائم ، وعليه فإن الدولة ملزمة أن تحترم تعهداتها و إعمال هذه الحقوق لحماية الأفراد أثناء ممارساتهم الحقوق المنصوص عليها طبقا للمادة 151 من الدستور .

و طالب سيف الإسلام بضرورة إعادة النظر في الضريبة العقارية ، لأنه من حق المواطن بغض النظر عن مستواه الاقتصادي ، أن توفر الدولة له مسكن خاص ، فلماذا إذن تطبق عليه ضريبة!!!.

المنظمة المصرية لحقوق الإنسان

× 8/10 شارع متحف المنيل – منيل الروضة- الدور العاشر
تليفون : 23636811(02) – 23620467 (02)
فاكس : 23621613 (02)
E-mail:
eohr@link.com.eg

website :
www.eohr.org