8/3/2009
ان حقوق المرأة جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، بحيث تم التنصيص على المساواة التامة بين الرجل و المرأة في كافة الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية و المدنية، لكن رغم ذلك مازالت المرأة المغربية تعاني من الحيف في مختلف المجالات مما يفرغ المكاسب الجزئية المحققة من مضمونها، فما حققته المرأة المغربية منذ الاستقلال إلى اليوم يبدو أمرا عظيما، وما بقي يبدو أعظم، لذا فالأمر موكول للأسرة والمدرسة والإعلام والدولة بشكل كبير لتحطيم الثقافة الذكورية السائدة التي تسكن العقلية المغربية، كي يعم الرضى والانتشاء كل الشرائح النسائية بدون استثناء، حيث يتم فرض قوانين جديدة تناهض كل أشكال الميز ضد المرأة وفي نفس الآن خلق عقلية مجتمعية نقية تتخلص من كل شوائبها وتنصت بعمق للقيم الكونية المتعارف عليها دوليا.
الا ان نظرات ملئ بالشجن، تتسلل من هاته الزوبعة والضجة التي أقيمت حول المرأة المغربية وحقوقها، حيث لازالت المرأة التاوناتية تستانف عملها كالعادة، سواء كعاملة في الحقول والضيعات والمتاجر أو كخادمة في البيوت أو نادلة في المقاهي أو..
تنزوي وراء صمتها تارة ووراء انكسارها وقلة حيلتها تارة أخرى، موؤودة في قبور التنحية والتهميش والإقصاء، تقتات بعض الحقوق من موائد المناضلات والسياسيات والمثقفات والموظفات، لا تعرف مدونة الأسرة، بل فقط سمعت عنها في شاشات التلفاز أو جهاز الراديو، تتهجى أبجدياتها، لتخلص أن الأمر مسل في النهاية، ربما سيسهل عملية تطليقها أو ربما رفع سن الزواج إلى الثامنة عشرة، ومنع التعدد إلا لضرورات قاهرة وضوابط صارمة، وتسهيل عملية الزواج من دون وصي، لكنه في الأخير لن يغير حالها بأي حال من الأحوال، بل سيراكم من حجم معاناتها بشكل أكبر من أكوام التبن تلك المتراكمة حول المرأة القروية، وأكثر من أكوام الأزبال تلك التي تحاصر امرأة الاحياء الشعبية، وأكثر من الأشغال المنزلية تلك التي تنتظر الفتاة الخادمة اليائسة، وهن اللائي يجاهدن للم شمل الأسرة حتى ولو كانت الطريق إلى ذلك مأهولة بأشواك الذل والمهانة والمعاناة، وهن اللائي لا يطبلن أو يهللن كثيرا لمراكز الاستماع لضحايا العنف الأسري خوفا من انتهاك قداسة الأسرة وسريتها، وهن اللائي يطمحن أولا وأخيرا، إلى ما يغير ظروف عيشهن ويؤمن حياة أبنائهن ويمتعهن بأبسط حقوقهن ويعترف بإنسانيتهن.
واعتبارا لكون المرأة هي الكائن «الهش» الذي استوقف الزمن بحدة في العالم وفي المغرب على وجه الخصوص، لأنه الكائن الأكثر تعرضا لحيف وظلم الماضي والحاضر، فان مكتب فرع تاونات للجمعية المغربية لحقوق الإنسان الذي وقف على واقع المرأة في مجتمع شبه بدوي، أو بدوي متخلف، يسجل ما يلي :
– أن ظاهرة الامية في صفوف الاناث وبخاصة الفتاة القروية لها اثار سلبية على اندماج المراة في محيطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، فالعرض التربوي يتسم في الوسط القروي التاوناتي بسمات التشتت والاختلاف واللاتكامل ويتجلى ذلك في ضعف تغطية حاجة الدواوير الى المدارس وعدم كفاية هذه التغطية حسب الدواوير والمناطق القروية المتباينة، عدم توفر المدارس حتى في حالة وجودها على بنية بيداغوجية سواء في هيكلها المادي (البنية التحتية) او التربوي (توفر كل المستويات الدراسية المتعلقة بطور معين)، عدم ملائمة التنظيم البيداغوجي (التوقيت، استعمالات الزمن، والعطل) لخصوصيات الاوساط القروية هذه الوضعية تؤدي الى حدوث ظواهر تربوية سلبية متعددة كظاهرة العزوف عن التمدرس، والانقطاع المبكر، والتكرار،… – أن المرأة في مدينة تاونات، لازالت تعاني من مهانة الدونية الممارسة من قبل المجتمع في حقها، واستعمال الالفاظ النابية في حقها بسبب سيادة الوعي المتخلف.
– أن معظم النساء، في سن العمل، يعانين من البطالة، والبطالة المقنعة، التي تنخر كيانهن، وتكرس ممارسة احتقارهن في الواقع المحلي نتيجة غياب وحدات انتاجية تعمل على امتصاص البطالة المستشرية في صفوفهن، مما يؤدي الى انتشار الأمراض الاجتماعية في صفوفها، عن طريق الدفع بها إلى ممارسة الدعارة، والسعاية، والقيام بالأعمال المنحطة، التي لا علاقة لها باحترام كرامة المرأة.
– أن عطالة المرأة التاوناتية في تزايد مستمر وخاصة في صفوف حاملات الشهادات مع استمرار عنف السلطة ضدهن كلما طالبن بحقهن في الشغل والعيش الكريم.
– أن تزويج الفتيات القاصرات في تزايد مستمر مما يؤدي الى تراكم ملفات الطلاق وخصوصا الطلاق للشقاق والنفقة وقضايا العنف، وكذا التزايد الملحوظ لحالات الاغتصاب بما فيه ضد الطفلات.
– أن مآسي وبشاعة اوضاع العاملات الزراعيات وخادمات البيوت، والعاملات بالمقاهي والصيدليات والمحلات التجارية ومحلات الخياطة في تزايد مستمر.
– أن المرأة التاوناتية محرومة من حقها في مجانية الخدمات الصحية من خلال حرمانها من الحق في العلاج والصحة الانجابية، وتحميلهن – في ظل التوزيع التقليدي للأدوار الاجتماعية – اعباء الرعاية الصحية داخل الأسرة التي على الدولة تحملها، كما أنها تعاني من غياب المستوصفات بالبوادي والقرى،
وحتى ان توفرت تفتقر للتجهيزات الضرورية والأطر الطبية.
ولذلك فإن مكتب فرع تاونات للجمعية المغربية لحقوق الإنسان وإدراكا منه لكون المطالب النسائية كما تطرحها الجمعية على المستوى الوطني، وكما يطرحها الفرع على المستوى المحلي لا يمكن ان تتحقق الا اذا توفرت الارادة الحقوقية اللازمة، لذلك فانه ومن اجل رفع الحيف الذي يلاحق المرأة يطالب بهذه المناسبة من المسئولين إقليميا، ومحليا بالعمل على :
- إنضاج الشروط الموضوعية لفرض احترام كرامة المرأة.
- متابعة كل من يمتهن كرامة المرأة، ويعرضها للعنف اللفظي والجسدي.
- تعميم التعليم في صفوف النساء.
- تشجيع المشاريع الاقتصادية، والاجتماعية، المساعدة على ضمان تشغيل العاطلات من النساء، وإدماج حاملات الشهادات منهن في أسلاك الوظيفة العمومية.
- توفير الخدمات الصحية المجانية في كل المناطق النائية بالإقليم.
و
تحيــــة حقوقيـــــة
عن المكتب