6/12/2005
عقد اليوم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان مؤتمرا صحفيا لإعلان التقرير الثاني لمرصده الإعلامي الذي يتناول بالتقييم أداء وسائل الإعلام المملوكة للدولة والمستقلة خلال المرحلة الأولى للإنتخابات البرلمانية في الفترة من 27 أكتوبر إلى 3 ديسمبر 2005.
تناول التقرير أداء 8 قنوات تليفزيونية مملوكة للدولة (الأولى والثانية والرابعة والسادسة والثامنة والبرلمان)، وقناتين مستقلتين (دريم2 والمحور)، و 18 صحيفة مملوكة للدولة ومستقلة.
ويمكن إيجاز مستخلصات هذا التقرير في النقاط التالية:
أولاً: رغم تنوع تغطية القنوات التليفزيونية المملوكة للدولة -على الصعيد الكمي- للتيارات السياسية الرئيسية التي شاركت في الانتخابات البرلمانية ، إلا أنه كان هناك تحيزاً واضحاً للحزب الوطني الحاكم في كم واتجاهات ونوعية التغطية والتي جاءت في معظمها ايجابية لصالحه. وقد انعكست طبيعة الصراع السياسي الذي شهدته هذه الانتخابات على التغطيات التليفزيونية، حيث حصلت القوتان المتنافستان الأكبر، أي الحزب الوطني وجماعة الإخوان المسلمين، على النسبة الأكبر من مساحة التغطية التليفزيونية، وإن كانت في معظمها تغطية سلبية موجهة ضد الأخيرة. كما لوحظ ميل القنوات الخاصة -وبدرجة أكبر قناة المحور- للتوسع في تغطية الحزب الوطني بالمقارنة مع باقي التيارات السياسية.
ثانيا: خصصت الصحف مساحات كبيرة لتغطية الحملات الانتخابية، وقد تخلت الصحف القومية عن موقع المقدمة من حيث المساحة المخصصة لتغطية الانتخابات البرلمانية، حيث جاءت جريدة المصري اليوم، ومن راءها نهضة مصر المستقلتين في مقدمة الجرائد من حيث حجم المساحة المخصصة لتغطية الانتخابات. أما بين الصحف المملوكة للدولة، فقد جاءت الجمهورية أولاً، ثم روزاليوسف اليومية، فالأهرام.
ثالثا: استمرار الموقف المتحيز للصحافة المملوكة للدولة بشكل صارخ لصالح مرشحي الحزب الحاكم، والتي بلغت أقصاها في جريدة الأخبار بنسبة 83%، والمساء بنسبة 75%، وأخبار اليوم بنسبة 67%، والأهرام بنسبة 62% من إجمالي التغطية التي حصلت عليها الأحزاب والقوى السياسية المختلفة. وعلى صعيد الصحف المستقلة فقد بلغت نسبة تغطية الحزب الوطني أقصى مستوى لها في جريدة صوت الأمة، حيث بلغت 84%، وفي جريدة الفجر حيث وصلت إلى 82%، والدستور بنسبة 75%، وإن كان القسم الأكبر من التغطية الواردة في هذه الجرائد ذو طابع ناقد للحزب الوطني. رابعا: من أبرز دلائل تحيز الصحف المملوكة للدولة تخصيص النصف الأول من صفحاتها الأولى بشكل متكرر وملحوظ لتغطية مؤتمرات ومرشحي الحزب الوطني، أو نشر الإنجازات والقرارات الإيجابية للحكومة أو الرئيس في فترة الدعاية الانتخابية. كما خصصت أماكن بارزة وواضحة إضافية للتغطية الإعلامية والإخبارية لمرشحي الحزب الوطني في صفحاتها الداخلية، والتي عادة ما تكون في النصف الأول من الصفحة أو في صدرها، وغالبا ما تضمنت هذه التغطية بعض الصور من الحجم الكبير، والتي أحيانا ما تكون ملونة.
خامسا: على الصعيد الكيفي، كانت جريدة ومجلة روزاليوسف الممولة من المال العام الأكثر عداءا للإخوان المسلمين لحساب الحزب الحاكم.
سادسا: رغم اهتمام مختلف وسائل الإعلام بكافة أنواعها بإبراز الانتهاكات واسعة النطاق التي سادت العملية الانتخابية، إلا أن طبيعة التناول اختلفت بشكل ملحوظ بين الإعلام المملوك للدولة والإعلام المستقل، وعلى وجه أخص الصحف المستقلة، حيث تعمدت الصحف القومية في معظم تغطيتها تجهيل مسؤلية الحكومة والأمن عن هذه الانتهاكات -مثلها في ذلك مثل بيانات اللجنة المشرفة على الانتخابات والمجلس القومي لحقوق الإنسان- بينما اتسمت تغطية أبرز الصحف المستقلة بالموضوعية والمهنية والحيادية، كما كانت تنقل بشكل أمين ويومي تقارير منظمات المراقبة الميدانية وشهادات القضاة وغيرهم حول نزاهة العملية الانتخابية.
سابعاًً: إزدياد حالات الاعتداء والتحرش بالصحفيين والإعلاميين المصريين والأجانب، للحيلولة بينهم وبين كشف حقيقة ما يجري في العملية الانتخابية للرأي العام، والتي وصل الأمر في بعضها إلى حد الاعتداء البدني المهين.
ثامنا: من اللافت للنظر أنه خلافا لما هو مستهدف من انحياز وسائل الإعلام المملوكة للدولة ضد طرف بعينه في الانتخابات، فإن النتيجة تأتي لصالحه! لقد لوحظ ذلك خلال الانتخابات الرئاسية، التي استهدف فيها أيمن نور، فاحتل المركز الثاني، وحدث نفس الأمر مع الإخوان المسلمين.
أخيراً: إن ما يكشف عنه هذا التقرير، من أن المال العام المخصص للإنفاق في وسائل الإعلام المملوكة للدولة، قد جرى توظيف القدر الأعظم منه إما للدعاية لمرشحي حزب واحد ( الحاكم) أو للحط من شأن بعض خصومه، وهو مجرد مظهر واحد من مظاهر فساد الانتخابات البرلمانية، مكمل لمظاهر أخرى خطيرة رصدتها ووثقتها منظمات المجتمع المدني في مجال المراقبة الميدانية، وهي بمجملها تؤكد انعدام ونزاهة وحرية هذه الانتخابات، فضلاً عما ترتب عليها من نتائج.