17/11/2009
إختارت الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية لمؤتمرها السنوي الأول للديمقراطية، والذى ينعقد خلال يومي السبت21 والأحد 22 نوفمبر والخاص بقضايا التطور الديمقراطي في مصر موضوع “أزمة التنظيم بين الدولة والمجتمع”. ويعود إختيار موضوع الحق في التنظيم بالذات إلى أن كثيراً من المناقشات والدراسات والمؤتمرات والمطالب المتعلقة بالإصلاح الديمقراطي قد دارت طوال عقود، دون تقدم كبير ينعكس على البنية التشريعية والسياسية، رغم الإتفاق الواسع حول الملامح الرئيسية للتغيير الديمقراطى المنشود. والقضية في الجوهر هي إشكاليات التحول الديمقراطي، وفي مقدمتها تبرز أزمة التنظيم، فالتغيير المنشود يصطدم بالقيود المفروضة على الحق في التنظيم المستقل من جهة، و بقدرة القوى السياسية والإجتماعية، من جهة أخرى على الظفر بأشكال تنظيمية مستقلة وفعالة. وقد شهدت السنوات الأخيرة إهتماماً أوسع في الأدبيات السياسية وحملات النشطاء بقضية الحق في التنظيم وإشكاليته كقضية تدخل في صلب تحديات التطور الديمقراطي، لأن الأصل في الديمقراطية هو تمكين قوى المجتمع، وعلى الأخص أطرافه الضعيفة، من المشاركة في صنع السياسات و التأثير على صنع القرار والقدرة على تداول السلطة. وتتعلق هذه القدرة أساساً بتمكن القوى السياسية والإجتماعية من بناء أشكال التنظيم التي تدافع بها عن مصالحها.. وتؤثر بها في عملية صنع القرار… ويشي عنوان وجدول أعمال المؤتمر بأننا لسنا إزاء أزمة تتحملها الدولة وحدها، بل يتعلق جانباً من المسئولية بالنخبة والقوى السياسية والإجتماعية المختلفة، والتي تنتظر حلاً من أعلى، بدلاً من أن تقدم هي مباشرة على تلمس الإجابة، عبر المبادرات المباشرة. كما يعود هذا الإختيار إلى دلالة الإسم الذي إتخذته الجمعية لنفسها (النهوض بالمشاركة المجتمعية) أي الإسهام مع القوى الأخرى في تمكين المجتمع من كل حقوق التعبير والتنظيم وتطوير قدراته من أدنى مستويات العمل القاعدي المحلي، إلى المجال العام، بهدف التأثير في السياسات المباشرة والعامة. وتحرص الجمعية في أدبياتها وإصداراتها على عدم مركزة مؤشرات التحول الديمقراطي على طبيعة توجهات الدولة فقط، فكثيراً ما تتزايد ضغوط الدولة لتشي بتراجع أوضاع الديمقراطية، بينما يبدي المجتمع وقواه الأكثر حيوية، فعالية في كل مجالات حقوق التعبير والتنظيم.. بما يكسر الجمود والركود ويفتح الطريق لأفق جديد… فالمعادلة لها طرفان. وفي كل الأحوال فإن هناك مسئولية مجتمعية في صنع البدائل، وبلورة إستراتيجيات للتغيير، بدلاً من الرهان على تغيير يحدث بالتركيز على مجرد التشهير السياسي، وإنتظار الحل من قلب نفس الأوضاع المطلوب تغييرها وإخلاء مسئولية باقي الأطراف، فتركيز المسئولية على طرف واحد في المعادلة قد يقود إلى اليأس والإحباط، ويبقى كل الأطراف الأخرى في وضع المفعول به. وتكشف ظاهرة صعود حركات وجماعات التغيير في مصرـ في العقد الأخير ـ من خارج المظلة الرسمية عن مظهر مهم لقدرة القوى السياسية والإجتماعية على تحقيق درجات معينة من التنظيم، ومستوى معين من التأثير على السياسات فى بعض القضايا، ولو على طريقة تقوية الفرامل التى يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تصنعها في مواجهة مختلف أشكال الإنتهاكات من جهة، وفي صنع البدائل من جهة أخرى. كما تذخر الأدبيات السياسية لتجارب التغيير في الكثير من دول العالم بطرح مختلف لقضية الديمقراطية والحق في التنظيم، بإعتبارها عملية تنساب من أسفل إلى أعلى .. ومن القاعدة إلى القمة، عنوانها ديمقراطية المشاركة .. تصنعها القوى الإجتماعية نفسها، وتصنع من خلالها حراكاً إجتماعياً وتبلور ثقافة وتقاليد جديدة، دون إذن أو مرسوم، ودون أن تعلق الأزمة في رقبة الدولة وحدها وتنتظر منها السماح. تأكيداً لهذه الوجهة راعى جدول أعمال المؤتمر أن يفسح المجال للرؤية النقدية لكل الأطراف الفاعلة والكامنة وحتى المحرومة في معادلة الحق في التنظيم، وأن تجتمع هذه الأطراف قدر الإمكان في نفس الجلسة، تبعاً للموضوع، وأن يكون هناك متسع للبدائل والحركات الجديدة. وقد إختارت الجمعية أن تهدى هذا المؤتمر وأعماله إلى د.محمد السيد سعيد، وذلك قبل رحيله عن عالمنا وأخطرته بهذه الرغبة في الفترة الأخيرة من رحلة علاجه في باريس، وكتب لها د.السعيد بالفعل كلمة لإفتتاح المؤتمر، قد تكون آخر ما كتبه الغائب الحاضر العظيم، الذي أسهم نظرياً وعملياً إسهاماً كبيراً في تعزيز القيم الديمقراطية والإنتصار لها. وسوف يبدأ المؤتمر بمحاضرة إفتتاح لـعالم السياسة والمفكر البارز د. مصطفى كامل السيد تمثل إطلالة شاملة على أزمة وآفاق التطور الديمقراطى فى مصر، في إرتباطها بالحق في التنظيم. وراعى جدول الأعمال أن تخصص الحلقة النقاشية الختامية، لمناقشة الأسئلة المهمة المتعلقة بالتطور الديمقراطي في مصر مع التركيز على تجسير الفجوة بين السياسى والإجتماعي والأحزاب والمنظمات غير الحكومية، والمنظمات القاعدية والوسيطة. كما راعى التنظيم تخصيص ثلث وقت الجلسة لمشاركة الحضور من غير المتحدثين، والتنوع اللازم بين المتحدثين ورؤساء الجلسات تبعاً للتيارات الفكرية والنوع الإجتماعى وغيرها من الإعتبارات دون الإخلال بشرط الكفاءة والجدارة. في هذا السياق تتشرف الجمعية أن تدعو سيادتكم لحضور فاعليات هذا المؤتمر ونأمل في أن تسهم مشاركتكم في إثراء المناقشات وتلمس البدائل .. مع خالص التحية والتقدير. منسق المؤتمر رئيس مجلس ادارة الجمعية الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية |