10/6/2005

مرة أخرى ينهار القضاء التونسي أمام ” التعليمات ” و يترك إدارة المحكمة و جلسات التقاضي في يد البوليس السياسي الذي خطط و سطر لسير جلسة الاستئناف لمحاكمة الأستاذ محمد عبو أمام هيئة قضائية برئاسة القاضية فائزة السنوسي التي كانت إدارتها للجلسة مثالا في خرق حقوق المتهم و الاعتداء على حقوق الدفاع و الضرب بعرض الحائط بكل القوانين .

فإلى جانب إخضاع محكمة الاستئناف و قصر العدالة و كامل محيطها لحالة طواريء غير معلنة منذ الصباح الباكر و انتشار قوات الشرطة بفرقها المختلفة بالزي المدني و الزي الرسمي و إقامة الحواجز لمنع دخول محكمة الاستئناف على كل من يشتم منه رائحة المعارض أو المناضل الحقوقي أو ممثل جمعية مستقلة ، إضافة إلى كل ذلك قرر البوليس السياسي في سابقة جديدة تحديد دخول المحامين إلى قاعة الجلسة بصفة اعتباطية و دون أي موجب بدعوى أن القاعة لن يمكنها أن تتسع لكل المحامين النائبين، علما و أن العديد من مقاعد القاعة كانت شاغرة في حين احتل عددا كبيرا منها أعوان البوليس السياسي الذين حجزوا لهم مكانا بالقاعة منذ الصباح الباكر .

و أمام احتجاج المحامين انضم الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف إلى أعوان الأمن لمنع المحامين من الدخول ، و أمام إصرار المحامين و هياكلهم المنتخبة على التمسك بحقهم في الحضور بالجلسة دون تحديد . و بعد جدل لمدة ناهزت الساعة و بحضور و معاينة ممثلي بعض السفارات الأجنبية و عدد من الملاحظين الممثلين لمنظمات أوروبية غير حكومية و هيئات محامين أجنبية سمح بدخول المحامين بدون تحديد .

مع الاشارة أن رئيسة الجلسة القاضية فائزة السنوسي افتتحت الجلسة و نادت على الأستاذ عبو في محاولة أولى لتمرير القضية في غياب أغلب المحامين النائبين ، غير أن إصرار الحاضرين منهم على ضمان التحاق زملائهم بهم أجبرها على رفع الجلسة لتمكين بقية المحامين من الحضور .

و لم تستأنف الجلسة مرة أولى إلا لتعاود الرئيسة رفعها مرة تلو أخرى فمرة ثانية لاخلاء القاعة من كل الحضور بما فيهم المحامين الذين رفضوا الخروج رغم التهديد باستعمال العنف من طرف أعوان البوليس إلى أن انتصبت المحكمة من جديد و قبلت بحضورهم و مرة ثالثة لاخلاء القاعة من غير التونسيين حيث تم فعلا و في سابقة خطيرة لا مبرر لها طرد الديبوماسيين الأجانب الحاضرين في حين رفض الزملاء المحامين الأجانب مغادرة القاعة مما أجبر رئيسة الجلسة على العودة دون تنفيذ قرارها الجائر ، و مرة أخيرة للتصريح بالحكم بعدما اضطر الدفاع برئاسة العميد إلى الانسحاب احتجاجا على الانحياز الفاضح لرئيسة الجلسة ضد الأستاذ عبو و ضد المحامين و على انعدام شرط علانية الجلسة بتعمد أعوان البوليس غلق الباب القاعة و منع عدد كبير من المحامين النائبين و أصدقاء محمد عبو و أفراد عائلته و عدد من الصحفيين و عدد من ممثلي وسائل الإعلام الوطنية و الدولية و الهيئات الديبلوماسية المعتمدة في تونس من حضور المحاكمة و متابعتها .

و قد أصدرت المحكمة حكمها الجائر بإقرار الحكم الابتدائي الذي قضى بسجن الأستاذ عبو مدة ثلاثة أعوام و نصف فكان يوم محاكمة الأستاذ عبو أمام محكمة الاستئناف يوما أسودا آخر في تاريخ القضاء لما شهده من دوس لكل الإجراءات و القوانين التي تحمي حقوق الدفاع و حقوق المتهمين و حقوق الانسان ، و قد تأكد مرة أخرى أن القضاء ما زال خاصة في القضايا السياسية و قضايا الرأي أداة بيد السلطة السياسية لتصفية و حسم خصوماتها مع معارضيها و مع المدافعين عن حرية الرأي و التعبير و استقلال القضاء كما أثبتت الأحداث مرة أخرى تمسك المحامين بحرية الدفاع و كرامة المحاماة و رفضهم أن يكونوا شهود زور فكان انسحابهم رفضا منهم لهيمنة البوليس على المحاكم و توظيف السلطة للقضاء .

و إن لجنة الدفاع عن الأستاذ محمد عبو إذ تجدد شكرها لكل الهيئات و الفعاليات الوطنية و الدولية التي حضرت لمتابعة الجلسة تعبر عن اعتزازها بتوحد المحامين دفاعا عن حرية زميلهم و كرامتهم و استقلال القضاء تؤكد إصرارها على مواصلة النضال من أجل إطلاق سراح الأستاذ عبو و تحرير المحاكم من سيطرة البوليس السياسي و الدفاع عن كرامة المحاماة و استقلال القضاء

عاشت المحاماة التونسية حرة ومستقلة ومتضامنة
الحرية لمحمد عبو
عن اللجنة
الأستاذ العياشي الهمامي