27/6/2007

في إطار أنشطة مرصد حالة الديمقراطية، تابع المرصد أعمال الجمعية العمومية لانتخابات نقيب الموسيقيين، والتي انعقدت بمسرح العرايس بالقاهرة في صباح يوم الثلاثاء 26 / 6 / 2007، وتعد نقابة الموسيقيين واحدة من أعرق النقابات المهنية في مصر، ويرجع تاريخ إنشاءها إلي ثلاثينات القرن الماضي، وتعاقب علي رئاستها موسيقيين عظام، وانفردت بكونها أول نقابة مهنية ترأسها سيدة وهي السيدة {أم كلثوم}، وكانت آخر انتخابات للنقابة قد جرت في 7 / 3 / 2006، وفاز بها النقيب حسن أبو السعود الذي توفاه الله في نهاية شهر إبريل 2007، وتم تعيين نائبه د. حسن شرارة مكانه لحين دعوة الجمعية العمومية للانتخابات، وكان من المقرر أن تعقد الانتخابات علي منصب النقيب وأعضاء المجلس في نهاية العام الحالي وفقًا للمادة 4 من القانون 100 لسنة 1993، إلا أن المستشار فاروق سلطان رئيس محكمة جنوب القاهرة بصفته رئيس اللجنة المشرفة علي انتخابات النقابات المهنية بموجب أحكام القانون 100 لسنة 1993 لتنظيم النقابات المهنية قرر إجراء الانتخابات في 26 يونيو 2007، والإعادة يوم 3 / 7 / 2007.

وقد أصدر المستشار فاروق سلطان قرار بفتح باب الترشيح لمنصب النقيب بداية من يوم 21 / 5 / 2007 ولمدة أربعة أيام، وحدد لمرحلة الطعون علي المرشحين والاعتراضات علي الأسماء في كشوف الناخبين من 27 / 5 / 2007 ولمدة ثلاثة أيام، علي أن تفصل في الطعون والاعتراضات ابتداء من يوم الأربعاء 30 / 5 / 2007 ولمدة ستة أيام. هذا وتجري الانتخابات وفقاً للقانون رقم 35 لسنة 1978 المعدل بالقانون 103 لسنة 1987، والقانون 8 لسنة 2003 في شأن إنشاء نقابات واتحادات نقابات المهن التمثيلية والموسيقية والسينمائية، إضافة إلي القانون 100 لسنة 1993 (قانون تنظيم النقابات المهنية ).

أولاً فتح باب الترشيح و شروطه:
وفقا لنص المادة 30 من لائحة النظام الأساسي لنقابة المهن الموسيقية تقرر فتح باب الترشيح يوم الخميس الموافق 24 مايو 2007 فى مقر النقابة بشارع شريف، واستقبلت النقابة الطلبات المقدمة إليها من المرشحين لشغل منصب النقيب، وتقرر تقديم طلبات الترشيح بإسم النقيب على النموذج المعد لذلك، وعلى أن يكون تقديم طلبات الترشيح شخصياً أو بتوكيل موثق بالشهر العقارى منصوص على ذلك مقابل إيصال وذلك خلال ساعات العمل بالنقابة، ويكون طلب الترشيح مصحوباً بإيصال دفع مبلغ تأمين مالى قدره 500 خمسمائة جنيه عن الترشيح لمركز النقيب، ويجب أن يقدم طالب الترشيح لمركز النقيب مستندات تفيد إشتغاله بالمهنة عشر سنوات متصلة على الأقل، بالإضافة إلي ضرورة أن تحتوي أوراق الترشيح علي البيانات التالية:

1- أن يقدم المرشح أوراق ترشيحة وبها اسمه ثلاثياً ورقم قيده في الجدول العام ومدة القيد بالجدول العام.
2- مستندات بالأعمال التي أداها وشارك فيها وسنواتها وجهات إنتاجها.
3- يراعي أن يكون النقيب من غير أصحاب الأعمال المبينه فيما يلي:

أ) أصحاب شركات التسجيل الفنية والغرف الموسيقية والمنتجين إذا أتخذ هذا الانتاج الصفة التجارية.
ب) أصحاب الإستديوهات وقاعات التسجيل وصالات الانتاج الفني وأصحاب شركات أو دور النشر الموسيقي.
ج) جميع من يساهمون أو يوظفون أو يستثمرون أموالهم في استثمارات موسيقية أو غنائية.

ثانياً المرشحين:
تقدم للترشيح تسعة مرشحين هم {حسن شراره، رضا رجب، منير الوسيمي، حسن فكري، فاروق الشرنوبي، عصمت عباس، محمد عبد الرحمن، حلمي أمين، هاني مهني}

ثالثاً الطعون والاعتراضات:
الطعون:
تصارعت ثلاث جبهات بعد فتح باب الترشيح، الأولي بقيادة القائم بأعمال النقيب والمرشح {حسن شراره}، والثانية من الموسيقيين الثمانية المرشحين أمامه، والثالثة أعضاء مجلس الإدارة وموسيقيين يرغبون في تأجيل عقد الانتخابات.

وقد قام القائم بأعمال النقيب {حسن شراره} بالطعن ضد المرشحين الثمانية مطالباً برفض ترشيحهم لعدم ممارستهم المهنة خلال السنوات الأخيرة وهو ما يحرمهم من حق الترشيح، كما اتهم بعضهم بامتلاك شركات إنتاج أو فرق موسيقية وهو ما يعد خرقاً لشروط الترشيح وفقاً للمادة 30 من اللائحة والتي تشترط تنازل المرشحين عن رئاسة الفرق أو بيع الشركات التي يمتلكونها قبل 5 سنوات علي الأقل من الترشيح، وعلي الجانب الأخر اتهم المرشحين الثمانية شرارة باستغلال منصبه في الدعاية الانتخابية، وإقامة جولات في المحافظات منها بور سعيد والإسكندرية مع أربعة من أعضاء مجلس الإدارة، وموظف الخزانة، وعضو في لجنة العمل، بحجة شراء مقارات نقابية في تلك المحافظات وتحملت النقابة مصاريف ذلك.

كما تقدم { د.رضا رجب، و عاطف إمام} بطعن أمام محكمة القضاء الإداري علي القرار الصادر من المستشار رئيس محكمة جنوب القاهرة بصفته رئيس اللجنة المشرفة علي انتخابات النقابات المهنية لإلغاء قراره بدعوة الجمعية العمومية لانتخابات نقيب الموسيقيين وتأجيلها لحين عقد انتخابات النقيب والمجلس في نهاية العام الحالي وفقاً لأحكام المادة 4 من القانون 100 لسنة 1993، والتي نصت علي أنه إذا كانت المدة الباقية علي إجراء الانتخابات علي منصب النقيب في حالة خلو مقعده أقل من سنة، فإن وكيل أول النقابة يباشر أعمال النقيب، أما إذا كانت أكثر من سنة فإن الجمعية العمومية للنقابة تدعي إلي انتخابات نقيب جديد، هذا وقد استبعدت محكمة القضاء الإداري الموسيقار {هاني مهني} من الترشيح لأنه يمتلك إستوديو صوت، وقد طعن مهني علي الحكم وتم إعادة ترشيحه إلا أنه انسحب قبل ساعات من الترشيح.

يوم الانتخابات:
1) بدأت العملية الانتخابية في التاسعة من صباح الثلاثاء الموافق 26 / 6 / 2007 علي مسرح العرايس بميدان العتبة، وكانت اللجنة المشرفة علي الانتخابات برئاسة رئيس محكمة جنوب القاهرة بصفته رئيس اللجنة القضائية المشرفة علي انتخابات النقابات المهنية، وثلاثة من أعضاء النقابة من غير المرشحين، و12 مستشاراً من مجلس الدولة، وقد ترأس كلاً منهم صندوقاً ،وبلغ إجمالي عددالصناديق 12صندوق.

2) قسمت الصناديق على النحو التالي: القاهرة 7 صناديق، الأسكندرية 2 صندوق وتجرى الانتخابات عليها في مقر النقابة الفرعية في الإسكندرية، والصعيد صندوق واحد وتجري الانتخابات في مقر النقابة الفرعية في المنيا، والمنصورة صندوق وتجري الانتخابات في مقر النقابة الفرعية في المنصورة، والشرقية صندوق وتجري الانتخابات في مقر النقابة الفرعية في الشرقية.

3) من لهم حق التصويت 3430 عضواً، وكانت لجان التسجيل السبع بالقاهرة، خارج مقر الانتخابات في مسرح العرايس، ومقرات الاقتراع داخل المسرح وانتشرت أعمال الدعاية داخل لجان الاقتراع، وقد شاهد مراقب المرصد انتشار لافتات دعاية للمرشح حسن شرارة علي مقرات لجان التسجيل.

4) حفلت العملية الانتخابية بمخالفات صارخة، حيث اشتكي عدد من أعضاء النقابة المسددين للاشتراكات بأن أسمائهم غير مدرجة بكشوف الناخبين، مثل {د. عفاف طلبة، و أ. محمد مصطفي}، وقد توجها إلي قسم الموسكي وقام بإثبات الحالة في محضر، هذا وقدوصل عدد من لم يجدوا أسمائهم في كشوف الناخبيين 300 أكاديمي مما أثار غضب حسن شرارة وشكك في الكشوف التي تجري علي أساسها الانتخابات، وقال أنها غير الكشوف التي إعتمدها رئيس محكمة جنوب القاهرة.

5) في الواحدة والنصف اكتشف أنصار حسن شرارة وجود أسماء للعديد من المتوفين، وإكتشفوا تصويت الفنانة الراحلة {فاتن فريد} والنقيب الراحل {حسن أبو السعود}، وطالب المرشحين وقف الانتخابات، وتوجهوا للقسم لإثبات حالة، باستثناء مرشح واحد هو {منير الوسيمي}، وقد توجه العديد من فنانين الأوبرا والأكاديميين إلي السيد رئيس اللجنة المشرفة علي الانتخابات للشكوى من عدم قيدهم في كشوف الناخبين والذي وعدهم بالتحقيق في شكواهم، وفى نفس الإطار اتهم حسن شرارة رئيس اللجنة بالانحياز للمرشح منير الوسيمي.

6) بدأت عملية الفرز في تمام الساعة الخامسة والنصف، وكالعادة قام رجل أمن يرتدي ملابس مدنية بطرد مراقب المرصد من أعمال الفرز دون إبداء أسباب، وانتهت أعمال الفرز في حوالي الساعة السابعة، ولم تعلن النتائج إلا في التاسعة مساء نفس اليوم في مكتب المستشار رئيس محكمة جنوب القاهرة، وجاءت النتائج كالتالي:

عدد من لهم حق التصويت 3430 ناخب
عدد من أدلوا بأصواتهم 1907 صوت بنسبة حضور 55.65 %
عدد الأصوات الصحيحية 1859 صوت بنسبة 54.2 %
عدد الأصوات الباطلة 48 صوت

وقد حصل الوسيمي علي 720 صوت، وحسن شرارة 593 وبذلك تجري جولة الإعادة بينهم في 3 / 7 / 2007، وقد تضاربت الأقوال عن سبب الإعادة، فالبعض رأي عدم اكتمال الجمعية العمومية( 50 % + 1 ) بموجب أحكام قانون النقابات المهنية وهو ما نشرته الصحف، وهذا علي خلاف ما أعلنه السيد رئيس اللجنة المشرفة علي الانتخابات من أن سبب الإعادة عدم حصول أي من المرشحين علي( 50 % + 1 ) من عدد الأصوات الصحيحة، وهو الرأي الأرجح لأنها انتخابات تكميلية وفقاً لأحكام القانون 100 لسنة 1993، والذي اشترط أن اكتمال النصاب القانوني لعقد الانتخابات في النقابات المهنية( 50 % + 1 ) في حالة دعوة الجمعية العمومية لانتخاب مجلس النقابة بعد انتهاء مدته القانونية، أما في حالة إجراء انتخابات علي منصب النقيب فقط فهي انتخابات تكميلية لا يشترط فيها النسبة المقررة في الحالة الأولي، لذا يجب إجراء إعادة الانتخابات حيث حصل المرشح منير الوسيمي علي 37 % من عدد الأصوات الصحيحة.

والمرصد يبدي ملاحظاته التالية علي انتخابات نقيب المهن الموسيقية:

أولاً: انتخابات نقيب الموسيقيين، تعيد فتح باب مناقشة القانون 100 لسنة 1993( قانون وأد الديمقراطية في النقابات المهنية)، والذي تتحكم فيه الهيئة القضائية في إدارة النقابات عن طريق تحديد مواعيد الانتخابات، وتحديد أعضاء الجمعيات العمومية للنقابات بعد مراجعة اللجنة لكشوف الجمعية العمومية وتحديد من لهم حق الترشيح والانتخاب، وهوما يؤدي إلي وضع النقابة تحت وصاية قضائية، وهو عكس الإشراف علي العملية الانتخابية من قبل القضاء والذي يرحب به المهنيين، أما الوصايا القضائية بهذه الطريقة فيرفضها أعضاء الجمعيات العمومية للنقابات المهنية، هذا وقد أعطي القانون 100 لسنة 1993 في مادته السادسة سلطات واسعة للجهة القضائية التي تدعوا لعقد الجمعية العمومية، وهو ما أثر علي انتخابات نقابة الموسيقيين، فعلي الرغم من أن لائحة النقابة والقانون المنظم لها وحتى القانون 100 لسنة 1993 كان يلزم إجراء انتخابات للنقيب والمجلس معاً، إلا أن رئيس اللجنة قرر إجراء الانتخابات علي منصب النقيب فقط، كما أن سريان القانون 100 لسنة 1993 علي جميع النقابات المهنية رغم اختلاف نشاط كل نقابة عن الأخرى واختلاف القانون المنظم لكل مهنة واللائحة الداخلية لكل نقابة ورغم اختلاف حجم عضوية كل نقابة عن الأخرى، هذا وقد عطل القانون 100 لسنة 1993 والسلطات الواسعة التي أعطاها للجهة القضائية إجراء الانتخابات في عدد كبير من النقابات المهنية ومن أبرزها نقابة المهندسين.

ثانياً: هناك ظواهر أصبحت متكررة في جميع الانتخابات في مصر، وهي نتاج تدني ثقافة الديمقراطية والمشاركة، علي خلفية تراث طويل من الاستبداد والتدخلات الإدارية والأمنية في شئون الانتخابات في مصر، فمثلا مشكلة الجداول الانتخابية وتكرار أسماء فيها وحذف بعض الأسماء وإضافة بعض الأسماء، أصبحت ظاهرة في كل الانتخابات التي تجري في مصر، وكذلك تصويت المتوفين والرشاوى الانتخابية أصبحا جزء من أصول وتركيبة الانتخابات المصرية، وهي أمور تستحق الدراسة والبحث من المتخصصين.

ثالثاً: أصبح طرد مراقبي المرصد خلال العمليات الانتخابية المختلفة من قبل الأجهزة الأمنية، سلوك معتاد ولن يمل المرصد من انتقاده، فنحن لا نعلم ماذا يضير السلطات الأمنية من وجود مراقب المرصد أثناء فرز الأصوات في نقابة الموسيقيين، وماذا يضير أمن البلاد من أن يتولى شئون إدارة الموسيقيين في مصر أي من المرشحين، ولماذا تتدخل الأجهزة الأمنية أصلاً في إدارة انتخابات نقابة الموسيقيين ؟!

مرصد حالة الديمقراطية