24/12/2005
تلقت الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية الحكم بسجن رئيس حزب الغد د/ أيمن نور بخمس سنوات بناءا” على تهم بالتزويرو قد أتهم نور بتزويرتوقيعات بهدف أشهار حزب الغد , والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية اذ تعرب عن قلقها و أنزعاجها من الحكم الجائر على د/ أيمن نور أحد رموز المعارضة المدنية المصرية وواحد من أبرز نشطاء حقوق الأنسان و عضو مجلس أمناء المنظمة المصرية لحقوق الأنسان أذا ترى أن التهم الموجهة له ذات دوافع سياسية وقد ظهر ذلك منذ بدء أجراءات التحقيق معه حتى صدور الحكم فى جلسة السبت 24/12/2005 الا أن الجمعية تعبر عن عدم مفاجاءتها بهذا الحكم .
فقد أصبح واضحا” وجليا” عن أن أى حديث مزعوم يخرج من تلك الدولة عن الأصلاح السياسى وسيادة القانون وباقى تلك التصريحات الجوفاء ما هو الامحض خيال وتلاعب باللألفاظ هربا” من الضغوط الخارجية والداخلية المطالبة بالأصلاح فأن ما شهدته الأنتخابات البرلمانية لعام 2005 من أنتهاكات سافرة ضد المواطنين والتى نتج عنها سقوط 14 قتيلا” والعديد من الجرحى و الأستعمال المفرط فى أستخدام القوة لمنع الناخبين من الأدلاء بأصواتهم ووصل الأمر الى الأعتداء على القضاة المشرفين على العملية الأنتخابية والمراقبين من منظمات المجتمع المدنى و الصحفيين ومندوبى وكالات الأنباء , ومن قبله تلك المماراسات الأمنية الشرسة ضد المواطنين فى شمال سيناء و الأعتداءات على بعض القرى فى ريف مصر مثل سراندو وكمشيش من أعتقال وسحل وتعذيب وهتك عرض النساء, ثم تأتى التمثيلية الهزلية لمحاكمة د/ أيمن نور والتى أهدرت فيها كل معانى العدالة لتتضع كل تلك الأحداث مشروع الأصلاح المزعوم فى متاحف التاريخ .
وكانت الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية قد أمتنعت عن أبداء رأيها فى تلك المحاكمة أحتراما”منها للقضاء المصرى الشامخ حيث كانت القضية لا تزال متداولة ولكن الحكم الجائر وملابسات صدوره رفعت الحرج عن الجمعية وهى فى سبيل ذلك تسجل الملاحظات التالية :
1. ظهر واضحا” وجليا أن الأتهامات المسندة لأيمن نور تحمل قدرا” كبيرا” من التلفيق والكيدية فقد كانت هناك صفقة مشبوهة بين أحد المتهمين وهو مسجل خطر لدى وزارة الداخلية وضابط مباحث الأموال العامة الذى حرر محضرالقضية وذلك لأستدراج أيمن نور و الأيقاع به وقد أصبح هذا النهج يمثل خطرا” شديدا” على سير العدالة فى مصر وقد شاهد الجميع كيف تم أستخدام المسجلين من البلطجية كمليشيات لمنع الناخبين وترويع القضاة فى الأنتخابات التشريعية الأخيرة وبدأت تلك الصفقة بعد أصرار أيمن نور على تجاوز بعض الخطوط الحمراء , واصراره فى جلسات الحوار الوطنى للأحزاب على تعديل المادة 76 من الدستور وعدم الأبطاء أو التأجيل لما بعد الأنتخابات الرئاسية لعام 2005 و ذلك قبل أطلاق رئيس الجمهورية مبادرته لتعديل المادة 76 وكذا أصرار أيمن نور على خوض أنتخابات الرئاسة قبل تلك المبادرة .
2. كانت أجراءات رفع الحصانة عن أيمن نور عضو مجلس الشعب غارقة فى المخالفات و أصول وقواعد الأجراءات البرلمانية والقانونية اللازمة لذلك , وقد جاءت طريقة القبض عليه من أمام مجلس الشعب بعد أعلان رفع الحصانة عنه بنصف ساعة على الرغم من عدم أشهار ذلك مما يؤكد على أن النية كانت مبيتة للقبض عليه .
3. تم الأعتداء على د/ أيمن نور بعد القبض عليه فى ميدان التحرير وسط العاصمة وتفتيشه أمام المارة بصورة مهينة لأذلاله ولم يتم التحقيق جديا” فى شكواه التى قدمها للنائب العام بخصوص الأعتداء عليه والأستخدام المفرط للقوة أثناء القبض عليه وقد أرجع النائب العام فى بيان له أن الأصابات التى لحقت بأيمن نور كان سببها مقاومته لرجال الأمن أثناء القبض عليه . !!!
4. أحالة أيمن نور لنيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معه مع كون أن القضية جنائية كما أدعت الدولة , وكان أستمرار حبسه أحتياطيا” لأكثر من مرة على الرغم من أنتفاء مبررات ذلك حيث أن للمتهم محل أقامة معلوم وهو من الشخصيات العامة التى لا يخشى من هروبه كما أنه لا يستطيع أن يؤثر بأى حال من الأحوال على أدلة القضية حيث أن الأحراز كانت بحوزة النيابة العامة .
5. منذ بدء جلسات المحاكمة فى محكمة جنوب القاهرة وقوات الأمن تتعمد أستفزاز و أذلال كل العناصر المتابعة لسير المحاكمة ففى أول جلسة أستخدمت القوة ضد أنصاره والمتعاطفين معه مما أدى الى وفاة أحدهم الا أن تقارير أجهزة الأمن أعلنت أن الوفاة كانت بسبب الزحام الشديد الذى نتج عنه هبوط بالدورة الدموية للمتوفى , وتم منع عدد من أعضاء هيئة الدفاع للدكتور أيمن نور من الدخول الى قاعة المحكمة بل ووصل الأمر الى أن أيمن نور نفسه الذى كاد ألا يتمكن من حضور تلك الجلسة لولا تقدمه بشكوى الى رئيس محكمة جنوب القاهرة للمتابعة , وتم منع مراقبين منظمات حقوق الأنسان من حضور الجلسة وتم الأعتداء على العديد من مراسلى وكالات الأنباء بالسب والقذف والركل ومنعهم من الدخول وكانت المحاكمة تجرى فى حجرة ضيقة للغاية لا تتسع لعدد الحاضرين, و أستمرت تلك الممارسات لأكثر من جلسة حتى تم نقلها الى محكمة مدينة نصر التى كان يفرض عليها طوقا” أمنيا” لمنع دخول أى شخص لا ترغب أجهزة الأمن فى حضوره جلسات المحاكمة , أما فى آخر الجلسات وهى جلسة 24/12/2005 فقد تحولت المحكمة الى ثكنة عسكرية بمعنى الكلمة وقد تم منع دخول المحامين ومراقبى منظمات المجتمع المدنى وسفراء بعض الدول الأوروبية المراقبة للمحاكمة الى الدخول الى مقرها ألا عبر الطواف على سياج أمنى محكم مسافته حوالى 500 متر بعد أثبات الشخصية و تم ذلك مع جميع المواطنين الذين توجهوا للمحكمة لأنهاء أجراءات أخرى لا تخص قضية أيمن نور ووصل الأمر الى محاولة منع بعض القضاة وأعضاء النيابة العامة بمحكمة مدينة نصر فكان ضباط الأمن يصرون على أبراز هويتهم قبل دخول المحمكمة , أما داخل المحكمة فقد تم منع الجميع من الدخول الى القاعة التى تجرى فيها المحاكمة وقد أعتدى أحد ضباط الأمن بالسب والقول على المحامين من هيئة الدفاع عن أيمن نور ومحامى بعض المتهمين فى قضايا أخرى تنظر أمام نفس الدائرة كانت قوات الأمن قد منعتهم من الدخول , وقد شاهد مراقب الجمعية الذى منع من الدخول الى قاعة الجلسة بعض المراقبين من السفارات الأوروبية الذين أنزعجوا بشدة من الطريقة المهينة للدخول لقاعة المحكمة وفضلوا المغادرة عن التعامل بتلك الطريقة المهينة , والحقيقة أن التجاوزات الأمنية فى مراقبة وتنظيم العديد من المحافل أصبحت غير مبررة وغير مقنعة ففيها أهانة شديدة لكرامة المواطنين المصريين وتسىء لسمعة هذا البلد العريق وحضارته وقد أكملت قوات الأمن المشهد بالأعتداء على أنصار أيمن نورعن طريق قوات مكافحة الشغب بعد سماعهم الحكم عليه بخمس سنوات .
6. كان مسلك الدائرة 4 جنايات برئاسة المستشار أحمد عبد السلام جمعة قد ظهر منها تحاملا” شديدا” على حسب رواية أعضاء هيئة الدفاع عن أيمن نور والعديد من مراقبين منظمات المجتمع المدنى وخبراء القانون حيث لم تمكن المحكمة هيئة الدفاع من تحقيق العديد من طلباتهم مما يعد أخلالا” بحقهم فى أبداء دفاعهم ودفوعهم ولم توقف هيئة المحكمة حملة السب والقذف على المتهم من قبل دفاع باقى المتهمين فى القضية نفسها مما حدا بهيئة دفاع المتهم والمتهم نفسه برد هيئة المحكمة و قد رفض طلبهم أمام محكمة الأستئناف وأعيد نظر الدعوى أمام نفس الهيئة و كان الأحرى بهيئة المحكمة التنحى عن نظر الدعوى أعمالا” لتطبيق العدالة وقد أثار العديد من المراقبين موقف رئيس الدائرة من بعض القضايا التى لها طابع سياسى مثل الحكم على د/ سعد الدين أبراهيم الذى برأته محكمة النقض وعددت فى تسبيب حكمها العديد من المخالفات التى أرتكبتها محكمة اول درجة , وتناول المراقيبن أيضا” حكم رئيس الدائرة فى قضية الجاسوس الأيرانى التى أدانته المحكمة وجاء تسبيب حكمها ملىء بالأشادة بالسيد رئيس الجمهورية و كان ذلك فى غير مجاله , وقد ظهر أن هناك أيد خفية تلاعبت ليمثل أيمن نور أمام تلك الدائرة فلو أعتبرنا أن القضية جنائية وتأخذ مجراها الطبيعى كانت ستتحدد لها جلسة فى دورة أنعقاد مغايرة و أمام دائرة أخرى , ولكن يبدو أن النية كانت مبيتة لأنزال العقاب على أيمن نور من تلك الدائرة .
وعلى هذا فأن الجمعية ترى أن قضية الدكتور أيمن نور حملت بين ملابستها العديد من الخروقات القانونية والحقوقية فجاءت مخالفة للمادة العاشرة للعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية التى نصت على معاملة الأشخاص المدانين معاملة أنسانية و كريمة وهو ما يتنافى مع الطريقة التى تم التعامل بها مع المتهم فى أثناء القبض عليه وفترات حبسه أحتياطيا” , ومخالفتها للمادة 14 من العهد الدولى لحقوق المدنية والسياسية التى أكدت على حقوق للمتهم أثناء نظر قضيته و تلك الحقوق قد أنتهكتها هيئة المحكمة , والمادة 17 من نفس العهد التى أكدت على عدم المساس بشخص المتهم وأسرته عن طريق أى حملات غير قانونية وهو ما لم تلتزم به وسائل الأعلام والصحف المرتبطة بدوائرعلاقات مع الدولة , وكذا المادة 21 من نفس العهد التى نصت على حق التجمع السلمى وعدم وضع حدود عليها وقد أنتهكت قوات الأمن حق أنصار أيمن نور بالأعتداء عليهم والتضييق على تجمعاتهم و أستخدام القوة المفرطة فى تفريقهم , هذا بالأضافة الى العديد من الخروقات الأخرى التى لا يكفى ذكرها فى بيان واحد فى مخالفات واضحة وصريحة لمواد منصوص عليها فى الدستور المصرى والمواثيق الدولية التى وقعّت وصدقّت عليها الحكومات المصرية المتعاقبة والتى أصبحت جزء من قوانينها الداخلية .
والجمعية اذ تعبر عن أستنكارها وشجبها لهذا الحكم الجائر مؤكدة على أصرار الدولة على أسكات أى صوت للمعارضة المدنية ليبرالية أويسارية أو قومية لتبدو منفردة بتلك الخطابات الثلاث فى مواجهة تيار أصولى أستحضرته لتجعله فزاعة للقوى المطالبة بالديمقراطية والأصلاح ألا أنها تثق فى أن القضاء المصرى النزيه سوف ينتصر لمبادىء العدالة كما تحيى الجمعية جميع قوى التغيير التى تضامنت مع د/ أيمن نور على الرغم من خلافها معه سياسيا” ألا أنها أنحازت لأصول القواعد الديمقراطية .