27/12/2008
عندما يفقد المجتمع قدرته على التسامح ، و يحل العنف بديلا عن القانون في حسم الخلافات ، يصبح المجتمع على حافة الهاوية أما عندما يصل هذا الأمر إلى المؤسسات التعليمية المعنية بصياغة وتشكيل مستقبل الأمة فإن المجتمع يكون قد وقع في الهاوية بالفعل . وفي إطار اهتمامه بترسيخ قيم السلام المجتمعي ونبذ العنف في المجتمع ، فقد أستقبل مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية بشيء من الارتياح ، حكم محكمة جنايات الإسكندرية يوم الخميس الموافق 25 / 12 / 2008 والقاضي بالسجن المشدد 6 سنوات علي هيثم عبد الحميد المدرس الذي قتل الطفل إسلام عمرو بدر قبل شهرين عقابا له على عدم أداء الواجب الدراسي ، ويعرب مركز ماعت عن رضاه النسبي عن الحكم في حدود التشريعات القائمة وفي نفس الوقت يطالب بتشريع أكثر شدة في مواجهة ظاهرة العنف المتصاعدة في مدارسنا و التي وصلت إلى حد القتل لطفل بريء كل ذنبه أنه لم يقم بكتابة الواجب المكلف به كما تشير إلى ذلك أوراق القضية . ويأسف مركز ماعت لما وصل إليه حال مؤسساتنا التعليمية على صعيد السلام المجتمعي ، وتصاعد موجات العنف داخل المدارس والجامعات المصرية ، حيث اعتاد المصريون في الفترة الأخيرة على الاستيقاظ كل صباح على أنباء العنف المتبادل في المدارس والجامعات سواء ذلك العنف الذي يمارسه الطلاب ضد بعضهم البعض أو الذي يمارسه المدرسين ضد التلاميذ أو العكس ، أو حتى العنف الذي يمارسه الطلاب ضد المرافق التعليمية والتخريب المتعمد لها . وتشير تلك الأحداث إلي التناقض الواضح بين الرسالة المجتمعية للنظام التعليمي المتمثلة في نشر قيم المواطنة والسلام و صناعة أجيال متسلحة بالعلم والتسامح وقبول الأخر ، وبين مخرجات هذا النظام التي تتجسد أمامنا في صورة انتشار لقيم العنف و الصراع ونبذ الأخر ومحاولة القضاء عليه ، وربما تكون أحداث الشهور الأخيرة والتي تناقلتها وسائل الإعلام أبلغ دليل على ذلك ، بدءا من ضرب معلمة بالحذاء على يد إحدى أمهات التلميذات في مدرسة ثانوية ، ونهاية بمقتل طفل بريء على يد مدرس فقد أدميته ، مرورا بعشرات حوادث الضرب والاعتداء البدني في المدارس والاشتباكات و أحداث العنف في الجامعات . ويدعوا مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية كل الأطراف ممثلة في وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والمجالس التشريعية و وسائل الإعلام و الجهات البحثية ومنظمات المجتمع المدني للقيام بمسؤولياتها المجتمعية تجاه هذه الظاهرة كل في مجاله ووضع حلول متكاملة للحد من الظاهرة ، على أن تراعى فيها الأبعاد التشريعية بتغليظ العقوبة المفروضة في مثل هذه الحالات ، وكذلك مراعاة الأبعاد العلمية بالدراسة الموضوعية والمتعمقة لملامح ظاهرة العنف بهدف التخطيط الجيد للقضاء عليها ، كما أن وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني عليها مسئولية كبيرة في هذا الأمر من خلال تبنيها لبرامج توعية تهدف لمحاصرة ظاهرة العنف والتعريف بمدى خطورتها على بنيان المجتمع وسلامته . كما أن مركز ماعت يدعو إلى عدم وضع معلمي مصر في سلة واحدة وأخذهم بجريرة هذا القاتل الموتور ، حيث أن الغالبية العظمى منهم لا تزال تؤدي رسالتها بإخلاص وتفاني وبإتباع الوسائل التربوية السليمة ، ومن هنا فإننا ندعو إلى ضرورة الاهتمام بالمعلم ماديا وأدبيا في سياق الحل المتكامل لظاهرة العنف ، باعتباره عصب العملية التعليمية وحامل رسالتها القائمة على السلام . |
[an error occurred while processing this directive]