31/1/2009

ها هي منظمات المجتمع المدني العربية تثبت مجددا أن الرهان عليها لم يكن أبدا رهانا خاسرا ، وأنها قادرة على فعل ما عجزت عن فعله المؤسسات السياسية العربية ، وأنها تملك الأدوات والآليات التي تمكنها من القدرة على هزيمة إسرائيل في المعركة الحقوقية والقانونية وأن تنتصر لآلاف الشهداء والجرحى الأبرياء في غزة ، الذين يتعرضون لأبشع الانتهاكات وتمارس في حقهم جريمة إبادة جماعية كاملة الأركان كان أخر فصولها العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة الذي استمر ما يزيد على ثلاثة أسابيع على مرأى ومسمع من العالم ودوله ومنظماته المعنية بحفظ السلم والأمن الدوليين .

وقد كان ” ملتقى المجتمع المدني العربي لأجل غزة ” الذي عقد في العاصمة اليمنية صنعاء على مدار يومي 28 و 29 يناير الجاري تحت شعار ” معا نحو عدالة دولية أكثر إنصافا ” وشارك فيه ” ماعت ” إلى جانب ممثلين ل 14 دولة عربية ، كان تجسيدا حيا لنجاحات منظمات المجتمع المدني العربية في التعاطي الايجابي مع أحداث غزة ، ودليلا جديدا على مدى النضج الذي وصلت إليه هذه المنظمات رغم ما يعترضها ويعيقها في كثير من الأحيان من عقبات تشريعية وسياسية وإدارية وتمويلية .

وقد شارك ” ماعت ” في هذا الملتقى باعتباره عضوا في الرابطة العربية للديموقراطية ، وهي الجهة الداعية والمنظمة لهذا الملتقى إلى جانب المركز الوطني لحقوق الإنسان ( نود ) ، ومنتدى جسور الثقافات والاتحاد النسائي العربي وتقدم ” ماعت ” للملتقى بورقة عمل تحت عنوان ” جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة : نحو آلية للتوثيق والملاحقة ” تناول فيها الأسس والنصوص القانونية التي يمكن محاسبة قادة إسرائيل على أساسها فيما يتعلق بجرائمهم في قطاع غزة ، كما تناولت الورقة الخطوات الواجب إتباعها لتوثيق جرائم إسرائيل وتحديد الشخصيات المطلوب ملاحقتها قضائيا والجهات والدول التي يمكن الاحتكام إليها في هذا الشأن ، كذلك قدمت الورقة شرحا وافيا للأعمال التي ارتكبتها إسرائيل في حربها البربرية على قطاع غزة ، والتي تعتبر من قبيل جرائم الحرب التي تتناقض مع نصوص ومواثيق ومعاهدات القانون الدولي الإنساني ، كما اختتم ” ماعت ” ورقة العمل بمجموعة من التوصيات التي تدور حول تشكيل عدد من اللجان لتفعيل إجراءات التوثيق والملاحقة ، وكذلك رفع قدرات المنظمات الحقوقية والإعلامية الفلسطينية في هذا الشأن .

وقد دارت فعاليات هذا الاجتماع الطارىء حول تجميع الجهود العربية وتعبئتها من أجل التحرك باتجاه ملاحقة إسرائيل وقادتها السياسيين والعسكريين جنائيا ، ومن هنا فقد أثمرت فعاليات الملتقى مجموعة من القرارات الهامة في هذا الشأن وأهمها ما يلي :

1- تشكيل لجنة قانونية تضم عددا من الخبراء في القانون الدولي الخاص تكون مهمتها ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام المحاكم الوطنية في الدول الأوروبية التي تسمح قوانينها بذلك ، وهي المحاكم ذات الاختصاص العالمي كما هو الحال في بلجيكا و أسبانيا .

2- تشكيل لجنة إعلامية لتوثيق الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل أثناء عدوانها على قطاع غزة وإعداد ملف كامل بهذا الأمر .

3- إعداد قائمة بالقادة السياسيين والعسكريين والجنود الإسرائيليين الذين قاموا بارتكاب هذه الجرائم أو تسببوا فيها بأي صورة من الصور و مطلوب ملاحقتهم قضائيا .

4- مخاطبة الدول العربية التي صدقت على نظام روما الأساسي والذي دشنت بموجبه المحكمة الجنائية الدولية في روما 1998 ، وهي دول الأردن وجيبوتي وجزر القمر بالتقدم بطلبات إلى المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة ومحاكمة القادة الإسرائيليين المتسببين في هذه الجرائم .

5- مناشدة بقية الدول العربية بالتصديق على نظام روما الأساسي حتى يكون لهم الحق في التقدم بطلبات إلى المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين .

وفي سياق متصل أنضمت ” الرابطة العربية للديمقراطية والمنظمات المشاركة ” إلى التحالف الدولي من أجل محاكمة مجرمي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة” والذي يضم أكثر من 350 منظمة أخرى واتخذ التحالف بالفعل إجراءات قضائية في هذا الشأن ، ويجدر بالذكر أن هذه الجهود النشطة لمنظمات المجتمع المدني العربية بدأت تؤتي ثمارها على أرض الواقع ، حيث حذر عدد من كبار القانونيين في إسرائيل القادة والعسكريين الإسرائيليين من السفر إلى الخارج؛ خشية أن يتم القبض عليهم ومحاكمتهم كمجرمي حرب، وفقا للاتهامات الموجهة إليهم بشأن محرقة غزة.

ويناشد ” ماعت ” كافة الأطراف المدنية والحكومية العربية بمساندة هذه الجهود والبناء عليها بما يضمن أن تسفر عن نتائج ايجابية تخدم القضية الفلسطينية وتعمل على ردع إسرائيل ، وتخفف آلام وجراح ومعاناة الفلسطينيين ، وتعيد إلى القانون الدولي الإنساني هيبته واحترامه .

كما تدعو ماعت المنظمات المصرية إلى الانضمام للتحالف العربي لتوحيد الجهود فى ملاحقة مجرمي الحرب

مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية

[an error occurred while processing this directive]