19/4/2006
يعد هذا التقرير رقم (45 ) من سلسلة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي يصدرها المركز وهو يتناول أحداث قصة حقيقية وقعت احداثها بشرق النيل بمحافظة بني سويف في مصنع السماد العضوي وتتلخص في قيام ادارة المصنع التابعة للمحافظة بممارسة انتهاكات متواصلة لحقوق العمال بالمصنع بالتعدي على حقوقهم في الاجر العادل والتأمين الصحي والاجتماعي في مخالفات صارخة لقانون العمل والعقود المبرمة معهم ووصل إلي حد منعهم من العمل والتهديد بالفصل والاعتقال كما تواطأت أجهزة الحكومة بداية من مكتب التأمينات والعمل ضد حقوق العمال ويتناول التقرير في قسمه الاول حكاية إنشاء مصنع السماد العضوي فى أوائل عام 1998كوحدة خدمية تابعة للوحدة المحلية لمركز ومدينة بنى سويف، ويدار كمشروع له ميزانية مستقلة ومجلس إدارة لتصريف أموره أى انه يعد قطاع عام مملوك للدولة. ويهدف هذا المشروع إلى التخلص من القمامة المجمعة من مدينة بنى سويف والانتفاع بتحويلها إلى سماد عضوى، ومفرزات قابلة للتصنيع، وتسويق هذه المنتجات.وتنص اللائحة التنظيمية لإدارة وتشغيل المشروع فى البند المتعلق بالأجور والمكافآت والحوافز والمزايا على أن يتم صرف حوافز شهرية بواقع 100% للجهاز الفنى. وأن يصرف بدل عدوى للفنيين والإداريين والكتابيين والمشرفين والملاحظين والعمال بواقع 30 جنية شهرياً. وعلى أن يصرف وجبة غذائية لجميع العاملين بالمشروع يومياً أو يصرف بدل نقدى عن وجبة غذائية لكل فرد بالمشروع بواقع 2 جنية لكل يوم عمل كامل.
وعلى أن يتم تحديد زى موحد وفقاً لفئات العاملين فى المشروع على حساب المشروع. وعلى أن تتبع كافة إجراءات الأمن الصناعي والوقائي لكل العاملين بالمشروع وقد تم انتهاك كافة هذه البنود من قبل ادارة المصنع التابعة للمحافظة .
بالرغم من ان عقود العمل التى أبرمت بين العاملين والمشروع تنص على أن علاقة العمل التى تحكم العلاقة بينهما تخضع لأحكام قانون العاملين بالدولة والهيئات التابعة لها وهو القانون رقم 79 لسنة 1975، وأيضاً لقانون القطاع الخاص رقم 12 لسنة 2003 إلا ان اياً من الحقوق الواردة في القانونيين لم تكفل للعاملين ولا توجد أي ضمانات لحماية حقوق العمال أو تطبيق بنود هذه القوانين سالفة الذكر .
وبالرغم من ان العمال انتظموا بالعمل به منذ 8 سنوات. حيث تعاقد المشروع معهم وفقاً لعقد العمل المذكور وكان المصنع يقوم بخصم 40 جنية شهرياً من كل عامل مقابل التأمينات والتأمين الصحي إلا أنه لم يكن هناك أى تأمين على العمال ولم يقم المصنع بعمل بطاقات للتأمين الصحي إلا فى شهر أكتوبر 2003، ثم قام بإلغاء هذه البطاقات فى نهاية شهر ديسمبر 2004.وذلك بالرغم من ظروف العمل الخطرة في المصنع حيث تتلخص طبيعة عملهم بالمصنع فى فرز القمامة وتصنيفها، ووضعها فى الماكينات، وتعبئتها. أي أن العمال يقومون بالتعامل مع القمامة بما تحتويه من روائح سيئة ومخلفات خطرة متنوعة تعرضهم للإصابة بالأمراض المختلفة، بالإضافة إلى حوادث العمل التي تنتج من التعرض للإبر والمسامير وغيرها من الأشياء الحادة التي تؤدى إلى إصابتهم بالسموم وأحياناً إلى الوف
اة.وقد اضطر المصنع إصدار بطاقة التأمين الصحي التي تم الغاها الغتها بعد عام على خلفية حادثه وفاة” عصمت خميس” أحد العمال بالمصنع بسبب نفاذ إبرة طبية(سرنجة) إلى رجله، أصيب على إثرها بتسمم وحينما توجهت به أسرته إلى الطبيب أكد الطبيب انه يحتاج إلى عملية فوراً بتكلفة 5 الآلف جنية، فقام العمال بالاشتراك مع أسرته بتجميع المبلغ ودفعة للطبيب الخاص الذي قام بإجراء العملية فى مستشفى خاص ولكن العملية لم تنجح نظراً للتأخر فى وقت إجراؤها، الأمر الذي أدى إلى بتر رجل العامل بعد 15 يوم من إجراء العملية، ولم يتحمل العامل صدمة بتر رجله وتوفى بعد البتر بأسبوع. وبعد أن توفى العامل طالب زملاؤه العمال إدارة المصنع بتوفير معاش لأسرته ورفض المصنع. فتوجه العمال إلى محافظ بنى سويف للمطالبة بحق زميلهم العامل المتوفى في المعاش لأسرته، فأكد لهم المحافظ أن العامل لا يستحق معاش. فثار العمال وطالبوا المصنع بتوفير التأمينات الاجتماعية والصحية أو التوقف عن دفع مبلغ ال 40 جنية التي تخصم منهم شهرياً، فقامت إدارة المصنع بعمل بطاقات التأمين الصحي تهدئة للعمال ثم قامت بإلغائها بعد سنة.
وفي القسم الثاني يتناول التقرير أحداث القصة موضوع التقرير التي تبين طبيعة العلاقة التي تربط العمال بعملهم في مصنع السماد العضوي المملوك للمحافظة حيث فوجئ العمال باستدعاء مدير المصنع لهم يوم الاثنين 10 إبريل 2005 وهو يوم أجازة رسمية للمولد النبوي، وحينما توجه العمال إلى المصنع طلب منهم المدير قبل أن يقوموا بالإمضاء في دفتر الحضور والانصراف وأن يقوموا بالتوقيع على عقود عمل جديدة. فطلب العمال الاطلاع على العقود الجديدة، وحينما قرؤوها وجدوا أنها سوف تقضى على المتبقي من حقوقهم ورفضوا التوقيع. فأكد لهم المدير ان العامل الذى لن يوقع على العقد لن يعمل “اللى مش هيمضى يروح على بيته” وبالفعل خرج العمال من المصنع متوجهين إلى قسم شرطة بنى سويف لعمل محضر إثبات حاله، وفى القسم رفض المأمور القيام بتحرير محضر لهم مؤكداً على تدخله لحل المشلكه حرصاً على حقوقهم والأضرار بهم . وقام مأمور القسم بطلب مدير المصنع بعدها توجه المدير مع العمال لمقابلة محافظ بنى سويف. وبعد أن قام العمال بشرح المشكلة للمحافظ، قال لهم المحافظ: “العقود اللي بيني وبينكم بتطالبنى بزيادات وأنا معنديش زيادات لكم، واللى عاجبه يشتغل على العقود الجديدة يمضى واللى مش عجبه يشوف له شغل تانى”.
وحينما ناقشه العمال فى انهم لا يحصلون على حقوقهم من تأمين اجتماعي وصحي وأن العقود الجديدة ستحرمهم من باقى حقوقهم أكد لهم أن هذا كل ما لدية وتركهم وذهب وهددهم بالاعتقال وعدم صرف مستحقاتهم المتأخرة .
وفى اليوم التالى الموافق الثلاثاء 11/4 توجه العمال إلى المصنع فقابلهم المدير وطلب منهم مرة أخرى التوقيع على العقود قبل بدأ العمل فرفض العمال وتركوا المصنع متوجهين إلى قسم بنى سويف لتحرير محضر إثبات حاله، فرفض مأمور القسم تحرير المحضر لهم وقال لهم: “اللى مش هيشتغل هعتقله”. فتوجه العمال إلى النيابة وقاموا بتقديم شكوى على إثرها تمكنوا من تحرير المحضر رقم 1857 لسنة 2006 بتاريخ 11/4/2006. ثم قامت النيابة فى بنى سويف بالتحقيق مع 3 من العمال في شكواهم، وأكد لهم وكيل النيابة بأنه سيتصل بمدير المصنع ومدير المشروع لحل المشكلة إلا أن ذلك لم يحدث .
في يوم الخميس الموافق 13/4 توجه العمال إلى مكتب العمل ببني سويف لتقديم شكاوى، وبعد أن رفض مكتب العمل القيام بعمل شكاوى لكل العاملين، قام بتحرير شكاوى لثلاثة عمال فقط واستمع إلى أقوالهم باعتبارهم مفوضين من قبل زملاؤهم وطالب العمال الثلاثة في شكواهم إعادتهم إلى العمل وصرف مرتباتهم. وطلب منهم مكتب العمل الحضور يوم الاثنين الموافق 17/4 لاستلام صورة من الشكاوى ومعرفة ما تم التوصل إليه مع مدير المصنع ولم يقم مكتب العمل حتي تاريخ النشرة بإحالة شكاوي العمال إلي المحكمة بالمخالفة للقانون كما رفض استلام باقي شكاوي العمال وقد ارسل كل الاوراق الي المديرية بالمحافظة خوفاً من اتخاذ اللازم بشكل قانوني لان المحافظ هو المشكو في حقه فكيف يشكوا رئيسه؟ ويشكوه إلي من ؟ وفي يوم السبت الموافق 15/4 توجه 21 عامل إلى المصنع وقاموا بالتوقيع على العقد الجديد ومباشرة أعمالهم. أما باقي العمال فقد توجهوا إلى مقر الحزب الوطني ببني سويف طلباً للعون من المسئولين فيه ولكنهم لم يجدوا من يهتم بمشكلتهم. وفى يوم الأحد الفائت 16/4 توجه 30 عامل وهم المتبقين من العمال إلى المحافظة بنية القيام باعتصام حتى يعودوا إلى عملهم. فقابلهم المحافظ وأكد لهم انه لا توجد فلوس وأنهم يجب أن يوقعوا على العقد الجديد إذا أرادوا العودة إلى العمل وتركهم وذهب وقال احسن ليكو توقعوا في صمت !!
خرج العمال من مكتب المحافظ وهم في حالة من اليأس وتشاورا معاً فيما يمكن أن يفعلوه حيث أجمع أغلبهم على أن المحافظ يعتبر رئيس الجمهورية في بني سويف وأنهم قاموا بالشكوى له ولم يجدي ذلك فلمن يشكو بعد المحافظ رئيس الجمهورية؟!. وأنهم إن لم يذهبوا إلى العمل سوف تتشرد أسرهم. وبالفعل توجه أغلبهم إلى المصنع ووقعوا على العقود. وفي القسم الثالث يتناول التقرير بعض الملاحظات الخاصة والتوصيات حيث يذكر التقرير أن مشكلة عمال مصنع السماد العضوي ببني سويف وأزمتهم مع إدارة المصنع والتي حاولوا خلالها طرق كل الأبواب القانونية التي أتاحها لهم القانون للمطالبة بحقوقهم أو بمعنى أكثر دقة للدفاع عن ما تبقى لهم من حقوق -بعدما تنازلوا عن أغلبها بالسكوت عن عدم وجود تأمين صحي واجتماعي، وبالعمل في ظل بيئة خطرة بدون أي وقاية-.هؤلاء العمال يعدون نموذجاً للهجمة الشرسة من قبل الدولة للقضاء على ما تبقى من حقوق ومكتسبات للعمال.
فمن بداية أزمة العمال وجميع الأطراف التي لجئوا إليها تهددهم بالصمت اوالاعتقال . بداية من مأمور القسم الذي رفض تحرير محضر إثبات الحالة لهم، وتهديده للعمال باعتقالهم فى حالة عدم رجوعهم للعمل وتنفيذ المطلوب منهم. مروراً بمكتب العمل الذي اخل بالتزاماته تجاه حقوق العمال ورفض تحرير شكاوى لكل عامل على حده، وقام بتحرير ثلاث شكاوى فقط لثلاثة من العمل وهو الأمر الذي أدي لضياع حقوق باقي العمال الآخرين الذين لم يقوموا بالشكوى. وانتهاءً بمحافظ بني سويف الذي يعد أعلى سلطة فى المشروع والذي قام بالضغط على العمال للتوقيع على العقود أو ترك العمل لغيرهم هؤلاء هم ممثلي الدولة ومسئولوها يظهرون بوضوح بأدوارهم المختلفة لإنتهاك حقوق العمال وإضعافهم والضغط عليهم للتنازل عن حقوقهم. فإذا كانت الدولة هى من تقوم بانتهاك حقوق العمال وتشريدهم فماذا ننتظر من باقى الهيئات والمؤسسات فى القطاعات الاخري ؟
وحتي مسئوالي الاحزا ب بالمحافظة والتي لجأ اليهم العمال لم يعيروهم أي اهتمام ولم يكن هناك لجان نقابة عمالية او مهنية او النقابات العامة للتضامن مع حقوق هؤلاء العمال .فمن حق المحافظ رئيس الجمهورية ببني سويف أن يبيع ويشتري في حقوق العمال لان لا احد في السوق غيره .
والمركز إذ يتقدم بشكوي العمال لرئيس الوزراء ووزيرة القوي العاملة فأنه يطالب المحافظ بإلغاء العقد الجديد الذي أجبر عمال مصنع السماد العضوي فى بني سويف بالتوقيع عليه. بحيث يكون بدء العقد الجديد من تاريخ عملهم الفعلي في عام 98 والتأمين على العمال و دفع التأمينات المتأخرة اعتباراً من تاريخ عملهم الفعلي وعمل بطاقات تأمينات صحي لهم والسماح لهم بإنشاء لجنة نقابة للدفاع عن حقوقهم وصرف حوافزهم المتأخرة بأثر رجعي بداية من عام 1998 التي تقرها لائحة إنشاء المصنع مع الزام المحافظة بتوفير وسائل الوقاية والامن الصناعي بالمصنع حرصاً على حياة العمال والاهالي في سنور من التلوث والاضرار الصحية كما يطالب المركز مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بحقوق الانسان والعمال في مصر بإجراء زيارة ميدانية لمصنع السماد العضوي ببني سويف للتعرف على ما يجري في ارض مصر والتضامن مع العمال في مطالبهم المشروعة وحقوقهم العادلة في العمل اللائق والاجر العادل والامان .
تليفون وفاكس / 5750470
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
Website www. Lchr-eg.org