22/4/2008

لقد كانت تَونَسَة الأمن الوطني رمزا قويا يكرس استقلال تونس وسيادتها الوطنية وإنجازا تاريخيا هاما انتقلت بموجبه مسؤولية أمن الشعب التونسي من أيد أجنبية كانت تستعمره إلى أيد تونسية كان من المفترض ان توفر له الأمن و تنفذ القوانين .

اليوم وبعد مضي 52 سنة على التونسة والنظام يحتفل بهذه الذكرى كالعادة ويضعها تحت شعار “الوفاء لصانع التغيير” وهو شعار دال بذاته على الانحرافات التي شابت هذه المؤسسة الدستورية وحوّلت ولاءها إلى شخص مفرد يراد له أن يختزل الوطن ويضع يده على جميع مؤسساته.

لا أحد ينكر حاجة المجتمعات إلى مؤسسة أمنية تتولى القيام بوظيفتها طبق القانون. كما لا يمكن لأحد أن ينكر الدور السامي الذي يقوم به عديد عناصر الأمن في بلادنا سواء أكان ذلك في الحفاظ على امن المواطنين أو المحافظة على الثروة الوطنية.

غير أنّ ما لا يمكن تجاهله هو المنحدر الذي يتردى فيه الجهاز الأمني خاصة في العشرين سنة الأخيرة وعلى يد رأس النظام القائم حيث دأبت السلط العليا على مصادرته وتسييره “بالتعليمات” وتكليفه بمهام قمعية خارجة عن القانون لكي يؤمّن سلطته المطلقة على البلاد.

لقد كان لهذه الانحرافات الأمنية عواقب وخيمة :

  • على المواطنين بصفة عامة الذين صاروا يعيشون في مناخ الخوف والرعب يفقدهم كل إحساس بالأمان ويشعرهم بأنّهم يمكن أن يكونوا في أي لحظة ضحية تجاوز من التجاوزات الأمنية التي لا تحتمل مساءلة ولا عقابا.
  • على النخب المناضلة التي يمارس عليها البوليس السياسي شتى أنواع الاعتداءات بالعنف و زجهم ظلما بالسجن إلى الإضرار بالممتلكات إلى افتعال قضايا ضدهم إلى مصادرة حقهم في التنقل داخل البلاد إلى تهديدهم في أبنائهم و ذويهم إلى منعهم من السفر إلى الخارج بدون وجه قانوني إلى حملات التشويه بالصحف المأجورة الى تركيب أفلام وصور جنسية إلخ…
  • على المعتقلين عامة وخاصة المتهمين بالإرهاب والانتماء إلى حزب أو جمعية وتمارس عليهم أبشع أساليب التعذيب وأشدها وحشية و تزوير محاضر البحث و تجاوز حدود اختصاصهم.
  • على عناصر الأمن أنفسهم الذين يضيّق على أغلبهم في عيشهم ويتعمد إضعاف رواتبهم حتى يدفعوا إلى الارتشاء فيبقوا أداة طيّعة تنفّذ كل ما تؤمر به ولو كان مخالفا للأخلاق والضمير والشعور الوطني والذين يتعرض بعضهم إلى الاعتداء المذلّ من طرف أشخاص نافذين لا تقدر عليهم أجهزة العدالة… هذا فضلا عمّا يمكن توقّعه من سوء السمعة جراء الممارسات اللاأخلاقية التي يدفع عنصر الأمن إلى التورط فيها.

أمّا المتضرر الأكبر من هذه الانحرافات بأجهزة الأمن الوطني فهو مستقبل الوطن وسلمه الأهلية. فجهاز أمني ينحدر إلى ما ذكر من الممارسات الشاذة يفقد بالضرورة كل مصداقية وكل قدرة على مواجهة الأخطار التي صارت تهدد العالم وبلادنا من ضمنه.

إنّ ذكرى تونسة الأمن الوطني يجب أن تكون مناسبة لمخاطبة ذوي الضمائر الحية والشعور الوطني وتذكيرهم بأنهم جزء من هذا الشعب جعلوا في الأصل لخدمته ومن ثم فإنّ الشعور الوطني يجب أن يمنعهم من المشاركة في الحرب المعلنة على المجتمع من أجل احتفاظ فئات مستأسدة بمراكزها وامتيازاتها. كما يجدر تذكير رجال الأمن ونسائه بأنّهم ينتمون إلى مؤسسة تحكمها قوانين، ومن ثم فإنّه عليهم صون أنفسهم من التورط في ارتكاب جرائم ضد مواطنيهم باسم تعليمات لا وجه شرعي لها ولا تحميهم عاجلا أو آجلا من المساءلة ولا العقاب ولا التشهير.

وفي هذه المناسبة نهيب برجال الأمن ونسائه أن يبقى ولاؤهم للوطن دون سواه وخضوعهم لقوانين الدولة دون سواها وغايتهم توفير الأمن للمواطن والدفاع عن الوطن.


احمد القلعي
حمزة حمزة
خليل الزاوية
خميس الشماري
زكية الضيفاوي
زهير مخلوف
زياد دولاتلي
سعيد المشيشي
سمير بن عمر
سمير ديلو
سهام بن سدرين
شكري بالعيد
عبد الجليل البدوي
عبد الرؤوف العيادي
عبد الرحمان الهذيلي
عبد القادر بن خميس
عبد الله الزواري
عبد الوهاب معطر
علي بن سالم
عمر المستيري
عياشي الهمامي
فتحي الجربي
لطفي حجي
لطفي حيدوري
محمد الطالبي
محمد المختار العرباوي
محمد النوري
محمد الهادي بن سعيد
محمد صالح النهدي
محمد عبو
محمد نجيب الحسني
مسعود الرمضاني
منجي بن صالح
نزية رجيبة
الهادي المناعي
الهادي بن رمضان
الهاشمي جغام