16/12/2006
تتابع المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان الانتخابات الداخلية للحزب الناصري والتي بدأت منذ يوم الخميس 16 نوفمبر 2006 ، وتعتبر هذه الانتخابات هي الرابعة منذ قيام الحزب بحكم قضائي من المحكمة الإدارية العليا في ابريل 1992 ، بعد رحلة طويلة من جانب التيار الناصري للحصول على حزب شرعي بدأت منذ منتصف السبعينات وتكللت بالنجاح في العام 1992 . ومنذ الموافقة على هذا الحزب لم تخل حياة الحزب التنظيمية والسياسية من المشاكل التي باتت تهدد بانهياره في أوقات كثيرة ، ربما بدأت منذ النشأة ، والخلاف بين كل من ضياء الدين داود المحامي ووزير الشئون الاجتماعية الأسبق في فترة الستينيات وهو من قدم طلبا على تأسيس الحزب ، والراحل فريد عبد الكريم المحامي ووكيل مؤسسي الحزب العربي الاشتراكي الناصري ،
وانتهت هذه الأزمة بانقسام الحزب بين مقر طلعت حرب ويخص داود وزملاؤه ، ومقر عابدين ويخص عبد الكريم ورفاقه، كما انشق عن الحزب المئات من قياداته الأساسية وكوادره وعدد كبير من مؤسسيه ربما كان أبرزهم النائب حمدين صباحي وكيل مؤسسي حزب الكرامة العربية (تحت التأسيس ) وعشرات من أبناء جيله ، ود. احمد الصاوي والدكتور صلاح دسوقي ، وكان ذلك في العام 1996 بعد اجتماع عاصف للجنة المركزية ، اتخذت فيها بعض القرارات التي لم ترض أمينه العام وقتها ضياء الدين داود ، وقام بتجميد ستة من قيادات الحزب بقرار من لجنة نظام الحزب ، حتى خروج عدد كبير من قيادات محافظة القاهرة عام 2000 بعد استخدام العنف المتعمد ضدهم، وأبرزهم محمد عواد المحامي أمين تنظيم محافظة القاهرة وقتها وسيد عبد الغني المحامي وأمين عام جماعة المحامين الناصريين وكثير من أعضاء لجنة محافظة القاهرة .
وفي الأعوام الأخيرة خرج من الحزب أعداد كبيرة من القيادات المستقلة والمحترمة كان أبرزهم السفير السابق محمد وفاء حجازي ، والدكتور حسام عيسى ، كما جمد نقيب المحامين سامح عاشور عضويته في الحزب منذ انتخابه نقيبا ، ومحمد فائق الوزير الأسبق منذ توليه موقع الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان . ويعاني الحزب منذ تولت إدارته الحالية حالة من استنزاف الكوادر والعضوية الجماهيرية وغياب القدرة على الجذب الجماهيري للمواطنين ـ مثل أغلب الأحزاب المصرية القائمة . التي رضت بالصيغة السياسية والقانونية المطروحة والمقيدة للنشاط الحزبي من قبل النظام السياسي القائم . وقد أشار ضياء الدين داود رئيس الحزب إلى تشاؤمه من الوضع السياسي الذي تعيش فيه الأحزاب المصرية وان الحزب الناصري توقف عن التعبير بأية وسائل بعد فقدانه الأمل في التغيير !!!! (راجع جريدة نهضة مصر 2/6 أكتوبر 2006).
ويبقى الحزب الناصري في ظل هذه المأساة ، ليؤسس الناصريين خارج الحزب عددا من الأشكال السياسية والحزبية الأخرى منها ، حزب الكرامة والذي ما زال يناضل أمام القضاء لتأسيسه ، وحزب الوفاق القومي ، والذي نال موافقة نادرة من لجنة الأحزاب في عام 2000 ويرأس الحزب د. رفعت العجرودي أحد رفاق المحامي فريد عبد الكريم ، والمرشح لمنصب الرئاسة في انتخابات 2005 . بالإضافة إلى عدد من الأشكال الأخرى منها جماعة المحامين الناصريين ، والمؤتمر القومي العام الناصري ، واللجنة العربية لتخليد القائد جمال الناصر .
ويواجه الحزب في ظل السياق التنظيمي الذي يمر به من ابتعاد كثيف لقياداته الأساسية وغياب البعض الأخر بالعزوف عن المشاركة أو بالوفاة ، انتقادات كثيرة من أعضائه الذين استمروا فيه ، أو كوادره التي ابتعدت عنه ، وتأسف على وضعه الحالي ومن أبرزها الدكتور أحمد ياسين نصار أمين محافظة أسيوط السابق ، ويشير الكثيرين من داخل الحزب إلى أن هناك حالة من عدم الشفافية تسيطر على كل شئ في الحزب ، ويتحمل الانتقادات الرئيسية الأمين العام الحالي السيد أحمد حسن الذي يرى الكثيرون أنه قام باستبعاد وتهميش الكثيرين من قيادات الحزب ومسئوليه ، و تقريب البعض واختيارهم في مناصب قيادية في المحافظات ، وتعيينهم في صحيفة العربي التي يتولى منصب مديرها العام . ولا يخفي الكثيرين انتقاداتهم لممارساته وعلى رأسهم فاروق العشري أمين التثقيف وعضو المكتب السياسي و سعيد جمعة أمين العمال ، واتهم كل منهما حسن بأنه يخفي حسابات الحزب المالية عن باقي هيئاته ومسئوليه ، وانه قام بإهدار أموال الحزب التي تلقاها من التبرعات(راجع جريدة نهضة مصر عدد 16/17 نوفمبر 2006).
كما نشر أحمد الجمال الصحفي و أمين الإعلام على صفحات جريدة العربي سلسلة مقالات في شهر أكتوبر الماضي تضمنت نقدا لأداء الحزب وقياداته. تضمنت إشارته إلى تحول الحزب من جسد إلى جثمان ميت . وكذلك نشر السفير أمين يسري مقالا بعنوان (محنة الناصريين) يتضمن تقييما لأوضاع الحزب في عدد العربي المنشور بتاريخ 13/11/2006 .
ويعيش الحزب حالة سياسية متردية في ظل فشل ايا من أعضائه في انتخابات مجلس الشعب وعلى رأسهم رئيسه في دائرته بدمياط . وانهيار هيئته البرلمانية السابقة بعد دخول ممثلها (حيدر بغدادي) صفوف الحزب الوطني ،بعد أن كان يمثل الهيئة البرلمانية للحزب ثلاثة في الفصل التشريعي السابق منهم الصحفي حمدين صباحي والمحامي عبد العظيم المغربي الذي قاطع هذه الانتخابات.
وينافس على رئاسة الحزب في هذه الدورة كل من رئيسه الحالي والشخصية الأولى فيه ـ منذ تأسيسه ـ المحامي ضياء الدين داود ، وأمينه العام الحالي أحمد حسن ، والذي كان يتولى منصب أمين التنظيم السابق . وقد أستحدث منصب الرئيس إلى جانب منصب الأمين العام منذ الدورة 2000 .
كما يتنافس أيضا على موقع الرئاسة كل من د. محمد أبو العلا أمين لجنة القاهرة ، ونائب رئيس الحزب ، وفاروق العشري أمين التثقيف الحالي . وتدور حوارات جانبية في أروقة الحزب تتحدث عن تشجيع البعض على تولي نقيب المحامين سامح عاشور منصب الرئاسة والدكتور حسام عيسى منصب الأمين العام أو العكس لتهميش أمين الحزب الحالي وإبعاده عن موقعه الذي وصل بسببه الحزب إلى حالة تردي كاملة .
وفي غياب للوضوح من جانب رئيس الحزب الحالي الذي لم يحدد موقفه من الترشيح حتى الآن، من خلال عدد من التصريحات المتضاربة عن عدم رغبته في عدم الترشيح ، و أخرى تشير إلى نواياه في الترشيح .
. وتجري الانتخابات الداخلية منذ يوم الخميس 16 نوفمبر، حيث أجريت الانتخابات في محافظات أسيوط ، أسوان ، البحر الأحمر ، الوادي الجديد ، المنوفية .
كما بدأت يوم الخميس 30/11/2006 لجان أقسام ومراكز محافظات (الدقهلية ، الشرقية ، قنا ، بورسعيد ، دمياط ، الجيزة ، سوهاج ، كفر الشيخ ، السويس ) وتمت الانتخابات في بعض لجان أقسام محافظة القاهرة ومنها :
قسم الجمالية يوم 26/11/2006 ، الزاوية الحمراء يوم 28/11/2006 ، حدائق القبة يوم 30/11/2006 ، وأقسام الساحل ومدينة نصر ، وحلوان يوم 1/12/2006 ، وقسم منشأة ناصر يوم 3/12/2006 ، والزيتون يوم 14/12/2006 . ومن المتوقع أن يجتمع المؤتمر العام للحزب والذي يضم أعضاء لجان المحافظات في 23 ديسمبر المقبل لينتهي من انتخابات باقي مستوياته التنظيمية وأبرزها اللجنة المركزية والأمانة العامة والمكتب السياسي ، ومناصب الرئيس والأمين العام وباقي الأمانات ، حيث انهي الحزب انتخابات عدد من لجان المحافظات وعلى رأسها : أسوان ، أسيوط ، السويس ، كفر الشيخ ، الوادي الجديد ، الدقهلية ، الغربية ، المنوفية ، البحر الأحمر . . ولم تزال حتى الآن لجان محافظات الجيزة والقاهرة والقليوبية لم تجر انتخابات كامل لجانها .
ويشكو الكثير من الأعضاء خاصة بمحافظات القاهرة الكبرى من عدم قدرتهم من الحصول على كشوف العضوية بمراكزهم للاتصال بالعضوية خاصة في الأقسام التي لم يتم تشكيلها في الدورة الماضية وعلى رأسها مدينة السلام والشرابية ، كما يشكو الكثيرين من عدم الشفافية في إجراء انتخابات لجان الأقسام والمراكز ، حيث لا يعرف معظم الأعضاء مواعيد انتخابات مراكزهم وقراهم الا بالصدفة أو قبلها بـ 24 ساعة ، وهي شكوى وردت في لجان مراكز محافظة القليوبية ، وكذلك محافظة أسيوط .
كما يواجه أعضاء الحزب الراغبين في الترشيح رفضا لتلقي اشتراكاتهم المتأخرة , والتي قرر المكتب السياسي والأمانة العامة للحزب قبول اشتراك سنة 2006 للسماح للعضو بالتصويت والترشيح .
وهذه هي بعض الحالات التي وردت للمؤسسة على سبل المثال لا الحصر :
- تضرر عدد كبير من أعضاء قسم الشرابية بمحافظة القاهرة وعددهم 40 عضوا من رفض الأمين العام وأمين التنظيم بالحزب بقبول اشتراكات هؤلاء الأعضاء وإخفاء كشوف عضوية القسم ورفض مسئولي الحزب الإطلاع عليها للأعضاء ,, ودفع هذا الأمر هؤلاء الأعضاء ومنهم عبد الصمد الشرقاوي تقديم إنذارا على يد محضر يتضمن عرض قيمة اشتراكات هؤلاء الأعضاء على مسئولي الحزب .
- تضرر عدد كبير من أعضاء مركز كفر شكر بمحافظة القليوبية من إعلان موعد انتخابات لجنة المركز يوم 4/12/2006 ، ونشر الخبر في جريدة العربي قبلها بـ 24 ساعة ، أي في يوم 2/12/2006 وإزاء عدم اكتمال نصاب الاجتماع أجلت الانتخابات ليوم 12/12 وتم إبلاغ الأعضاء بذلك في اليوم السابق كالعادة،وفوجئ الأعضاء عند ذهابهم في التاريخ والمكان المذكور بعدم وجود أحد ، وترك رسالة بنقل الانتخابات في مكان آخر، وأنتقد كثير من هؤلاء أداء اللجنة المشرفة على إدارة هذه الانتخابات وعدم حياديتها، واستبعادها للأعضاء المعارضين لقيادات الحزب.
وترى المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان أن هذه الممارسات والتي باتت ملمحا أساسيا في الكثير من الأحزاب المصرية انما تفقد الحياة السياسية المصرية كثير من مقومات النضج حيث تغيب الممارسة الديمقراطية في التعامل داخل هذه الأحزاب، لتصبح صورة من ممارسات الحزب الوطني الحاكم والنظام السياسي في قيامهم بتهميش واضعاف المعارضين واستبعادهم أو استخدام العنف ضدهم إذا لزم الأمر ، كما حدث سابقا في حزب الوفد والعمل والناصري نفسه . وترى (المؤسسة العربية) أحد أسباب ذلك في قصور لوائح الأحزاب الداخلية اذ إنها تعطي لرئيس الحزب صلاحيات مطلقة في فصل وعزل معارضيه ولا تقرر طرق سلمية محددة لحل النزاعات داخل الحزب . ، بالإضافة إلى ذلك فقد أصبحت الأحزاب السياسية المصرية طاردة لأعضائها وقيادييها لأنها غير قادرة على تحمل اي خلاف في وجهات النظر وهو ما يظهر في حجم الانشقاقات الضخم فيها
أن المؤسسة تدعو مسئولي الحزب الناصري لإتباع لسياسات الشفافية والجادة في إجراء الانتخابات الداخلية بحيث تعكس هذه الانتخابات اختيار حقيقي لمن بقوا واستمروا فيه وأثروا النضال من داخله لتغيير أوضاعه، وأتباع التوصيات التي قدمتها لجنة شكلها الحزب منذ عامين برئاسة السفير وفاء حجازي وقدمت تقريرا مهم لإصلاح أوضاع الحزب ، وألقي رئيس الحزب هذا التقرير في سلة المهملات ، وقام بحل اللجنة فيما بعد !!