2/8/2007

تعمل وزارة التضامن الاجتماعي في هذه الآونة على وضع عدد من التعديلات بقانون الجمعيات رقم 84 لسنة 2002 في معزل عن الجمعيات والمؤسسات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني بشكل عام، وفي غيبة عن الرأي العام بأكمله سواء أحزابا أو نقابات أو هيئات.

وحسب التعديلات التي نشرتها صحيفة روز اليوسف .. والمعنونة بـ (روز اليوسف تنفرد بنشر ملامح تعديلات قانون الجمعيات الأهلية .. المصيلحي : التخصص وتبسيط إجراءات الإشهار والعمل بنظام محاسبي موحد ” ، تشير تصريحات السيد وزير التضامن الاجتماعي إلى عدد من التعديلات أبرزها :

    • تقليل الأنشطة التي يسمح بها القانون الحالي إلى نشاط أو نشاطين .. بخلاف الوضع الحالي الذي يسمح بتسجيل 20 نشاط دون إنجاز أهداف أي منها .

  • منع إشهار الجمعيات ذات النشاط المتشابه في نفس المناطق الجغرافية إلا في حالات الضرورة .
  • قصر العمل الاجتماعي على منظمات المجتمع المدني واستبعاد الشركات غير الهادفة للربح .. التي تحصل على تراخيص من مصلحة الشهر العقاري من مجالات العمل في المجالات المخصصة للجمعيات .
  • استحداث آليات جديدة للرقابة دون الإخلال باستقلالية المجتمع المدني والتزاماته .
  • تبسيط الإجراءات الإدارية المتبعة لإشهار الجمعيات .

وتعرب المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان عن قلقها من هذه التعديلات التي تتم بمعزل عن الآف الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني .. وذلك لعدد من الأسباب أهمها :

  • أن التعديلات تتم مناقشتها مع قطاع وحيد من الجمعيات وهو قطاع نخبوي وهو الاتحاد النوعي للجمعيات الاقتصادية وعدد من جمعيات رجال الأعمال دون الحوار مع عشرات الجمعيات والمؤسسات العاملة في مجال التنمية وحقوق الإنسان .. كما أن هذه المناقشة تستبعد من الأساس مؤسسات غير حكومية تعمل وفقا لقوانين أخرى مثل القانون المدني . تتبني هذه التعديلات منهج التضييق والحظر على نشاط الجمعيات الأهلية وهو ما يتضح من التعديلات الأتية :
    • يشير أحد التعديلات إلى منع إشهار الجمعيات ذات النشاط المتشابه في نفس المناطق الجغرافية إلا في حالات الضرورة ترجع هذه التعديلات بنا عشرات السنين على الوراء ، وهو ما يرجعنا لنص مشابه بالقانون 32 لسنة 1964 يشير إلى حظر إشهار جمعيتين في نفس المحافظة تعملان في نفس المجال . وبمثل هذا النص تم رفض إشهار المنظمة المصرية لحقوق الإنسان لمدة 17 عاما كاملة ، كما أن هذا الحظر يتناقض مع الدستور وخاصة نص المادة 55 التي تؤكد على حق تكوين الجمعيات الأهلية ..
    • تضيق التعديلات من عدد الأنشطة التي يمكن أن تعمل فيها الجمعيات والمؤسسات الأهلية على نشاط أو اثنان … وهو ما يعد تضييقا غير منطقى .. إذ أن مجلس إدارة الجمعية والجمعية العمومية هما السلطتان التي لهما الأولوية في وضع خطط وأنشطة الجمعية ومعرفة حجم الأنشطة والمجالات التي يمكن أن يعمل بها خاصة إذا كانت مرتبطة ببعضها البعض .
    • نفس النظرة التضييقية تأتي أيضا من خلال قيام التعديلات باستبعاد الشركات غير الهادفة للربح من مجال العمل الاجتماعي رغم أن الكثير منها يقوم بالعمل المدني والتنموي منذ سنوات ، وأنجز الكثير في هذا المجال .. ولا يمكن القبول بعزله أو استبعاده من هذا الدور ، ومثل هذه الشركات غير الهادفة للربح معترف بها قانونا في عشرات البلدان الأوربية والعربية أيضا . ولا يمكن تبرير هذا إلا في إطار استبعاد الحكومة لعشرات المنظمات التي تعمل وفقا لهذا الإطار بسبب نشاطها الفعال في فضح انتهاكات حقوق الإنسان .

    وهي نفس النظرة التي أوردها القانون الحالي الذي ألزم المؤسسات التي تعمل وفقا لأشكال قانونية أخرى وتعمل في مجال عمل الجمعيات أن تشهر نفسها وفقا للقانون 84 لسنة 2002 .

    أيضا تشير التعديلات إلى استحداث آليات جديدة للرقابة دون توضيح ما هي هذه الآليات ، ونظامها .. وكأن الآليات المنصوص عليها في القانون الحالي لا تكفي والتي تحتاج إلى جهاز كامل للتعامل مع الجهة الإدارية!! .

    وهذه هي كما يبدو بعض التعديلات الأساسية في القانون التي تنوي الوزارة إدخالها والتي تأتي في سياق متعمد للتضييق وحصار المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان وأخرها ما تم بإغلاق مركز أهالينا ومقار دار الخدمات النقابية في حلوان ونجع حمادي والمحلة بقرارات إدارية صادرة من محافظات القاهرة والغربية وقنا . أما ما يشير إليها مضمون تصريحات السيد الوزير من عينة تبسيط الإجراءات الإدارية للإشهار ، فتأتي لمجرد تجميل الصورة قليلا ، ويعرف الجميع أنها لن تتم . <br
    في نفس الوقت تتجاهل التعديلات عشرات القيود التي يفرضها القانون الحالي على الجمعيات والمؤسسات الأهلية بدءا من موافقة الجهة الإدارية على التأسيس ومرورا بإجراء انتخابات مجلس الإدارة وممارسة النشاط وتمويل النشاط انتهاء بإعطاء سلطة حل الجمعيات للجهة الإدارية. والتي تعاني آلاف الجمعيات الأهلية منها وتعوقها في سبيل قيامها بالنشاط المنتظر منها , والذي أشارت إليه تصريحات السيد الوزير (بتفعيل المجتمع المدني في محاربة البطالة والحد من الفقر باعتباره الضلع الثالث في مثلث التنمية إلى جانب الحكومة والقطاع الخاص باعتباره الأقرب إلى مشاكل هذه الفئات الفقيرة .. )

    كيف تطالب الدولة منظمات المجتمع المدني بأداء أي دور في مجال التنمية في ظل استبعاد عشرات المنظمات من تعريف المجتمع المدني والي يشمل كافة المبادرات المستقلة والتي ينشئها الأفراد بشكل طوعي لتحقيق أهداف معينة والتي تشمل النقابات المهنية والعمالية ونوادي هيئات التدريس والاتحادات الطلابية والتجارية والصناعية والمؤسسات غير الهادفة للربح في ظل التعريف القاصر الذي تتبناه وزارة التضامن الاجتماعي .

    ويتناسى الكثيرون أن نشأة المجتمع الأهلي والمدني في مصر بدأت في نهاية القرن التاسع عشر ، وقد نشأ بمبادرات مستقلة أنشأت مدارس ومستشفيات .. وفي نفس الوقت لم يكن هناك جهة إدارية تهيمن على نشاط هذه المنظمات.. حيث ترجع تاريخ إنشاء وزارة الشئون الاجتماعية إلى عام 1939 . وتؤكد المؤسسة أن الاتجاه الخاص بإلحاق الجمعيات الأهلية بإشراف وزارات أو جهات إدارية معينة ما على النشاط المدني والأهلي هو اتجاه مستحدث ويتنافي مع قيم أي نظام ديمقراطي، ومبادئ الحق في التنظيم الذي كفله القانون والدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها الحكومة المصرية ومنها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية .

    وفي هذا السياق تدعو المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني وحقوق الإنسان إلى المناقشة العلنية والواضحة لأي تعديلات تخص قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية 84 لسنة 2002 . وإشراك كافة مؤسسات المجتمع المدني في الحوار حول هذه التعديلات وأخذ وجهة نظرها في الاعتبار . والتأكيد على الا تكون الفلسفة الحاكمة سواء للقانون أو التعديلات المنوي إدخالها عليه هي فلسفة التضييق والحصار على نشاط المؤسسات الأهلية .

    كما تطالب المؤسسة بتغيير قانون الجمعيات الحالي بتشريع جديد يؤكد على استقلالية المنظمات الأهلية ويلغي هيمنة الجهة الإدارية و الأمنية على هذه الجمعيات ، والسماح بتكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية بالإخطار ، وإلغاء النصوص التي تكرس من تدخل تلك الجهات في شئون الجمعيات و مجالس إداراتها ، وتصل إلى حلها .

    كما تدعو إلى العودة للمواد المنصوص عليها في القانون المدني من 54 -80 بشأن الجمعيات الخاصة والتي تم إلغاءها منذ عقود .

    </br