28/10/2007

تلقى مركز الارض بانزعاج بالغ التصريحات الاخيرة لوزير الزراعة والتضامن حول تحديد سعر التوريد الاختيارى للقمح هذا العام بمبلغ 240 جنيه للأردب فى ظل ارتفاع أسعار القمح فى الاسواق العالمية لمبلغ وصل لحوالى 400 جنيه متضمنا اسعار الشحن والمصاريف الاخرى بسبب انخفاض انتاجية القمح فى الاسواق العالمية مما اضطرت دول كانت تقوم بتصديره الى استيراده وسر الاندهاش ان حكومتنا الرشيدة ازعجتنا بتصريحاتها خلال الفترة الماضية بضرورة مساواة اسعار السلع الاساسية والطاقة بالاسعار العالمية ولعل محصول القطن دليلاً على ذلك!! فلماذا تبخس وتحرم الفلاح من الاستفادة بارتفاع هذه الاسعار …؟

والمركز يتساءل ألا يحق للفلاحين ممثلين فى الاتحاد التعاونى برفع قضايا تعويضات على الحكومة لتعويضهم عن خسائرهم بسبب احتكار وتعسف الدولة المصرية ؟ والشىء المثير للدهشة ان الفلاحين سيخسرون فى اجمالى إنتاجهم الذى يقدر بحوالى 6 مليون طن بمبالغ تزيد عن أكثر من عشرة مليار جنيه ، ومن المعروف ان مصر كانت توفر قبل تولى الوزير الحالى حوالى 60% من احتياجتنا المحلية واليوم نحتاج لاكثر من نصف هذه الاحتياجات والتى تسد حوالى 50% منها الشركات الامريكية وترجع مشكلة تقليص زراعة القمح الى عدم وجود ادارة سياسية جادة لتحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح بزيادة المساحات المخصصة لزراعته حيث انه محصول موفر للمزارع ولا يستنزف مياه كما ان خفض اسعار توريد القمح من الفلاحين عن الاسعار العالمية هو افقار للفلاحين لحساب التجار والشركات المحتكرة تسويقه . بالاضافة الى ان السياسات المتخبطة لوزارة الزراعة والتضامن أدت الى زيادة هذه الفجوة بين الانتاج والاحتياجات المحلية حيث قامت وزارة الزراعة مؤخراً بتأجير حوالى 60 ألف فدان لبعض الشركات الخليجية بشرق العوينات بمبلغ مائة جنيها للفدان سنوياً لزراعتها برسيم لتوريدها لمزارعهم فى الوقت التى تقوم بتأجير اراضيها للفلاحين بمبلغ 2000 جنيه تقريبا فى العام هذا فى الوقت الذى يعانى فيه الريف المصرى من نقص الاعلاف خاصة البرسيم بالاضافة الى ان زراعة هذه المساحة بالقمح سوف توفر مئات الاطنان من القمح التى يحتاجها المصريين لغذائهم .. فأية سياسة زراعية هذه يمكن ان تحقق الاكتفاء الذاتى من القمح ؟!

أضف الى ذلك تأجير الحكومة المصرية للجامعة الامريكية آلاف الافدنة بشمال الدلتا بقيمة مائة جنيها للفدان فى العام وحرمان الفلاحين من زراعة هذه الاراضى على الرغم انه يمكن تأجيرها للمزارعين بمبلغ يزيد عن الفى جنيه للفدان وهذه المساحات المؤجرة للاجانب يمكن ان يتم زراعتها بالقمح وتساهم فى توفير المياه وتوفر مئات الالاف من أطنان الدقيق وتحسن دخول الالاف من الفلاحين . وعلى عكس ذلك تدعى الحكومة ان سبب الازمة هو الزيادة السكنية وزيادة الفاقد !! حيث تذكر بان استهلاك الفرد فى مصر يقدر بحوالى180 كيلو بينما متوسط الاستهلاك للفرد فى العالم يقدر بحوالى 100 كيلو وفى هذا السياق فإن المركز يؤكد على ان الخبز هو الغذاء الرئيسى للملايين من المصريين فزيادة متوسط استهلاك القمح يؤكد على ان الوجبات الغذائية للمصريين غير صحية حيث لا يتوفر فيها اللحوم والاسماك والخضر التى يعتبر تناولها بالنسبة للفقراء بمثابة العيد والفرح فى العائلة – فكيف يمكن الحديث بهذا الشكل ” الناس بتأكل عيش كثير ” على الغذاء الرئيسى للمواطنين ذو الدخول المحدودة ؟

وتتجاهل الحكومة ان سياستها المتخبطة تؤدى لظهور اقماح غير صالحة للاستخدام الآدمى يتم استيرادها ويتناولها المواطنين وأبرز دليل على ذلك قضية القمح المسرطن بالمنصورة والتى تم ضبط كميات كبيرة من الاقماح مخلوطة بقمح فاسد ومعده للتوزيع وفى 12/10/2007 تم تسريب شحنه قمح مسموم بالاسواق تقدر بحوالى 35 الف طن وحسب تقرير للحجر الصحى كانت تحتوى على سموم ناتجة من التصاق فطريات وحشرات نافقة مما يجعلها غير صالحة للاستخدام الادمى وفاسدة ، وتعود الكارثة لهذه السياسات المتخبطة الى تأثيرها السلبى على توفير رغيف الخبز ” الغذاء الاساسى للمواطنين ” كما تؤثر هذه السياسات المتخبطة على قرارات وزارة التضامن حيث صرح وزير التضامن بان فاتورة دعم الرغيف تصل الى 19 مليار جنيه وعلى الرغم من ذلك لا يستطيع أى مواطن أن يشترى أكثر من عشرين رغيف مدعم !! والمركز يتساءل ماذا لو قامت الحكومة بتوزيع هذا المبلغ سنوياً على الاسر المصرية ببطاقتهم الذكية والذى سيصل لأكثر من الفى جنيه لكل فرد ؟ خاصة اذا كان نصف الشعب المصرى فى عداد محدودى الدخل لوقف الاستيلاء على الدعم من التجار واصحاب المخابز والسماسرة أن المركز يطالب الحكومة بالتخطيط لحل هذه المشكلة والتى بسبب سياستها يتم التحايل على حقوق المصريين باسم دعمهم حيث تقدر تقارير رسمية بأن 28% من الدقيق المدعوم يتسرب للاسواق السوداء ويستخدم كعلف للماشية فى صنع خبز فاخر .

كما تؤكد هذه التقارير بأن كل الاجراءات التى اتبعتها الحكومة باءت بالفشل لمنع الفساد فى مجال انتاج رغيف الخبز بداية من سن القوانين الى فصل الانتاج عن التوزيع حيث بلغت حجم المخالفات بالمخابز سواء من ناحية نقص الوزن أو مخالفة المواصفات أو تسريب الدقيق للاسواق السوداء الى ما يزيد عن 78 الف مخالفة فى العام الماضى !!!.

كما أن خفض سعر استلام الذرة الى 220 جنيه للاردب بالرغم من ارتفاع سعره فى السوق الحرة الى 300 جنيه يعتبر من قبيل العبث والتخبط خاصة ان الذرة يتم خلط نسبة كبيرة منه الى الاقماح لانتاج الخبز . ان الحكومة ممثلة فى وزارة الزراعة والتضامن والوزارات والهيئات ذات الصلة عليها أن تقوم بالتخطيط لحل هذه المشكلة .وذلك لضمان وصول الدعم الغذائى الى مستحقيه من أصحاب الدخول المنخفضة والمتوقع ان يصل الى 23 مليار جنيه سنوياً كما يجب اتخاذ اجراءات حقيقية لوقف تسرب الدقيق والخبز للسوق السوداء أو استخدامه فى الاغراض غير المخصصة له حيث يتهم نهب نحو 4 مليارات جنيه سنوياً بسبب هذا التواطىء والاهمال باسم دعم ذو الدخول المنخفضة . مع تركيز مخابز الخبز البلدى فى المناطق الفقيرة ومنخفضة الدخل وزيادة مخابز الخبز الطباقى والحر فى المناطق الاكثر دخلاً !

كما يجب وضع حلول واقعية لمشكلة الاعلاف لخفض اسعارها وتوفيرها لوقف استيلاء مربى الموشى والدواجن على الدقيق المدعم واقماح الفلاحين واستخدامهم كعلف للماشية أو انتاج الدقيق الفاخر خاصة ان مواد العلف متوفرة فى مصر وتعدم كمخلفات زراعية ولا يتم الاستفادة منها بل يمكن ان تؤثر بالسلب على البيئة مثال ” حرق قش الارز ” وتؤدى لتزايد نسبة الفاقد فى عملية الزراعة مثل حطب القطن وعيدان الذرة ، والمركز يؤكد على ان انشاء مائة مصنع فقط بالتقنيات الحديثة لانتاج العلف من هذه المواد سوف يوفر احتياجاتنا من الاعلاف والدقيق ويوفر اللحوم والالبان ويساهم فى تشغيل الالاف من الشباب ويدعم حقوق المزارعين فى الزراعة والانتاج الحيوانى الامن .

كما يجب لزيادة المساحة المنزرعة قمحاً و استلام اقماح المزارعين بالسعر العالمى وصرف حوافز تفضلية للمزارعين بتحمل الدولة جزء من عملية الزراعة مثل تسوية التربة بالليزر قبل زراعتها وتوفير الاسمدة المدعمة و زراعة اصناف جيزة 7 ،9 ،10وهى اصناف تم تسجيلها رسمياً باعتبارها أكثر الانواع جودة وانتاجية ومناسبة لمناخ الاراضى المصرية وتوفير بدائل للبرسيم من الاعلاف لزيادة المساحات المنزرعة قمح وزيادة الانتاجية للبرسيم الى 30طن للفدان .

وتخصيص نصف المساحة المستهدفة استصلاحها فى عام 2017 لزراعتها قمح خاصة انها تقدر بحوالى 4 مليون فدان . كما يجب على مؤسسات الدولة ان تعمل على اقامة بعض المشروعات طويلة المدى بالتعاون مع بعض دول الجوار مثل السودان حيث ان عمل اتفاقية بين البلدين لزراعة شمال السودان بأيدى عاملة مصرية يمكن ان يوفر للبلدين الاكتفاء الذاتى من القمح مع ضمان تصدير كميات كبيرة منه ، ان زراعة عشرات الملايين من الاراضى الصالحة للزراعة بشمال السودان يمكن ان يوفر للشعبيين دخول كبيرة سوف تساهم فى توفير الغذاء والحياة الكريمة وختاماً أن تقارير ودراسات كثيرة صدرت وامتلأت بالتوصيات والاجراءات والآليات التى يمكن ان تعالج الفجوة بين انتاج القمح واحتياجاتنا من الخبز لكنها تحتاج الى الإرادة السياسية كما تحتاج الى تبنى حلول جذرية لوقف عمليات التحايل والنهب المنظم لمليارات الجنيهات من أموال صغار المزارعين وذو الدخول المنخفضة تحت اسم ” دعم رغيف الخبز ” وذلك لوقف انتاج الفقر وتقليل عدد الجياع وتحقيق التوازن الاجتماعى وتوفير الحياة الكريمة والآمنة وفرص العمل اللائقة والدخل الكافى للملايين من المصريين .

لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بالمركز

تليفون وفاكس / 25750470
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
Website www. Lchr-eg.org