11/5/2008
يصدر مركز الأرض ضمن سلسلة الأرض والفلاح تقريره حول المبيدات الزراعية في مصر ويحاول المركز من خلال هذا التقرير أن يلقي الضوء على مخاطر عدم ترشيد استخدام المبيدات الزراعية على مورد الارض وصحة الانسان وذلك من خلال مقدمة وثلاثة محاور أساسية .
وتشير المقدمة إلى أن البيئة أو المجال حولنا براً وجواً أصبح مليئاً بالملوثات التي تتطلب تضافر جهود كافة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لحماية اراضينا وأجيالنا صحياً وكفالة الحق فى الغذاء الصحى والبيئة النظيفة لكفالة العيش الأمن الكريم لكل المواطنين .
وقد ازداد استخدام المبيدات الحشرية زيادة كبيرة فى كثير من دول العالم ومنها مصر خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين. ويلفت التقرير الانتباه إلى أنه مع مرور الوقت يصبح لدى معظم الحشرات مناعة ضد المبيدات ، ويذكر أن هناك الآن حوالي 250 آفة وحشرة زراعية على المستوى العالمي قد اكتسبت المناعة ضد معظم أنواع المبيدات المختلفة.
كما ان عدم استخدام المبيدات بشكل رشيد يؤدى لتدهور التربة الزراعية فى العالم وحيث يبلغ نصيب كل فرد فى العالم حالياً 2650 متراً مربعا ً(حوالي 0.6 فدان) وستصبح في غضون الربع القادم من القرن الحالي نحو 1600 متر مربع (حوالي 0.4 فدان) أي سوف تتناقص إلى النصف تقريباً ، كما يقدر فاقد الزراعة العالمية بسبب الآفات والحشرات بنحو بليون دولار سنوياً ما جعل الحكومات تسرع فى البحث عن سبل لرفع الإنتاجية الزراعية ومنها استخدام المبيدات في عمليات المقاومة حتى لا ينتشر الجوع في دولهم خاصة فى العالم الثالث مما يهدد الحق فى الغذاء الصحى الامن .
وتبلغ نسبة استخدام المبيدات في الدول النامية 7% من حجم الانتاج العالمي لكنها الأكثر سمية وخطورة على الانسان والحيوان والنبات، حيث أن غالبيتها من المبيدات المقلدة التي تعد من أكبر المشاكل في صناعة المبيدات والمعروفة بأعلى نسبة سمية ويشير التقرير انه مع حلول عام 2011 ستكون 76 % من المبيدات في العالم مقلدة.
وفي المحور الأول من التقرير المعنون (المبيدات وتلوث التربة الزراعية ) يتناول إلقاء الضوء على مفهوم تلوث التربة الزراعية ومصادر تلوثها، وأسباب التلوث بالمبيدات، والأسمدة الكيماوية والنفايات الصلبة، كذلك أنواع مبيدات الآفات، وأخيراً المخاطر المرتبطة بمكافحة الآفات الزراعية والمنزلية، وكيف تسلك المبيدات طريقها إلى الجسم وكيفية تجنب مخاطرها؟.
ويمضي التقرير ليستعرض أسباب التلوث بالمبيدات ومخاطر عدم ترشيد الاستخدام من حيث نوعه وكمية واسلوب واستخدام المبيد ودرجة ذوبانه فى التربة فعلى سبيل المثال يمكن لمبيد D.D.T أن يبقى فى الأرض 30سنة بسبب قلة درجة ذوبانه في الماء، في حين يمكث مبيد الكاربو فوران فى الأرض لمدة أسبوع واحد لأن درجة ذوبانه فى الماء عالية.
أما المحور الثاني من التقرير فيتناول قضية المبيدات في مصر من منظور صراع المصالح حيث يركز على التشريعات والقواعد المنظمة لتداول المبيدات في مصر، والجهات الرقابية عليها، ويقدم نبذة عن نشأة لجنة مبيدات الآفات الزراعية وأهدافها، ثم يستعرض الوضع الحالي لمشكلة المبيدات، والفوضى الحادثة في سوقها.
ويؤكد التقرير انه على الرغم من وجود عدة جهات رقابية على المبيدات منها:
- قسم الرقابة علي المبيدات بالمعمل المركزي للمبيدات.
- أقسام الرقابة علي المبيدات بمديريات الزراعة بالمحافظات.
- شرطة المسطحات.
- أجهزة الرقابة بوزارة البيئة ووزارة التموين.
وعلى الرغم من تعدد هذه الجهات الا ان تطبيق القوانين يظل فى حالة غياب ، كما لا توجد عقوبة رادعة خاصة في حالة تعمد سوء الاستخدام وتغليب المصلحة التجارية على صحة المواطنين مما يستدعى توحيد جهات الرقابة والتنسيق بينهم . ثم يشير التقرير إلى غياب البطاقة الاستدلالية التي تلصق على عبوات المبيدات – وهي مثل نشرة الدواء ـ يدون عليها كافة البيانات الخاصة بالمبيد مثل: الاسم والمادة الفعالة ونسبتها والمواد الخاملة ونسبتها والشركة المستوردة والشركة المنتجة واسم الآفة التي سيتم مكافحتها وغير ذلك ومخاطر الاستخدام غير الرشيد .
ويمضي التقرير ليتعرض لتشكيل ودور لجنة مبيدات الآفات الزراعية وهى لجنة حكومية لا تخضع لأى إشراف أو رقابة وتختص بتنظيم تسجيل واستيراد وتداول واستخدام المبيدات وقواعد تجريبها وكل ما يخص استخدام المبيدات في مصر ويجب اعادة تشكيلها لتضم نخبة من الخبراء والباحثين المتخصصين الحكوميين وغير الحكوميين .
ويستعرض التقرير المراحل التي مرت بها اللجنة اعتباراً من بداية تشكيلها فى عام 1983 حتى عام 2007.
كذلك يتعرض التقرير لمشكلة المبيدات الزراعية في مصر مشيراً إلى أن أساليب تداول استخدام المبيدات في مصر حالياً يُصعب عملية السيطرة عليها من حيث عدد وأنواع وحجم وتداول استخدام المبيد ، كما يُصعب متابعة ومراقبة متبقيات المبيدات في المنتجات الزراعية المعدة للاستهلاك، وكذلك فترة ما بعد الحصاد في محاصيل الخضر والفاكهة بالذات، إضافة إلى التجاوزات والسلوكيات الخاطئة والتاريخ المرضي للمزارعين وعمال الرش، وهي أمور بالغة الأهمية والخطورة بالنسبة لانتاج غذاء صحى امن .
كما يستعرض التقرير أهم مشكلات المبيدات في مصر ومنها: الاستيراد للاستخدام الخاص، والاحتكار في سوق المبيدات. ثم يتناول التقرير الفوضى في سوق المبيدات من خلال عدد من التقارير الرسمية منها : تقرير لجنة الشئون الصحية والبيئية ، وتقرير المجلس القومي للتعليم والبحث العلمي، ومجموعة الثمانية والتى تبين اثار عدم ترشيد استخدام المبيدات الزراعية على منتجاتنا الزراعية وصحة المواطنين .
في حين تناول المحور الثالث من التقرير قضية المبيدات المسرطنة (الوقائع والفصول)
مؤكداً على نسب انتشار مرض السرطان في مصر وأسبابه، وعلاقة المبيدات الزراعية بالمرض، ثم يقدم قراءة في فصول قضية المبيدات المسرطنة.
حيث تمثل نسبة الإصابة بالمرض في مصر حوالي ١٥٠ حالة لكل ١٠٠ ألف نسمة سنوياً، وتتراوح بين ١٠٠ و١١٠ آلاف حالة سنوياً.
إلا أن مصر وكل الدول النامية مهددة بالكارثة بحلول عام ٢٠٢٠ وفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، إذا استمر الحال كما هو عليه الآن خاصة في مجال مكافحة السرطان وستصل نسب الإصابة بالسرطان إلي الضعف إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمكافحة هذا المرض خلال الخمسة عشر عاماً المقبلة. وهوالأمر الذي أكدته أوساط علمية طبية أن ثمة زيادة في نسبة الإصابة بالأورام السرطانية في مصر طيلة السنوات الماضية.
ثم يتساءل التقرير عن العلاقة بين المبيدات ومرض السرطان حيث يؤكد العلماء انه إذا أسيء استخدام المبيد أو التعامل معه أو تعرض للمأكولات فهناك عدد من المعايير التي تؤثر علي الصحة العامة للإنسان ومنها السمية الحادة، والتأثير المسرطن، والتأثير علي الخصوبة والخلل الهرموني.
وحسب التصنيفات العالمية هناك ثلاثة أنواع من المبيدات:
مبيدات مؤكد علاقتها بالإصابة بالسرطان.
مبيدات محتمل أن تؤدي إلى الإصابة بالسرطان.
مبيدات ممكن أن تؤدي إلى الإصابة بالسرطان.
ويكشف التقرير أن تركيزمادة الـ “دي دي تي” وتسمى المادة الأم للمبيدات، في أجسام المصابين بالسرطان يعادل مرتين ونصف غير المصابين. كما كشف تقرير طبي آخر أن احتمال حدوث سرطان في المخ لدى العاملين في مجال رش المبيدات يعادل ثلاثة أضعاف بالمقارنة بالناس الطبيعيين الذين لا يعملون في هذا المجال.
أما في مصر فتكمن المشكلة في عدم وجود إحصاء على مستوى الجمهورية يمكن به معرفة نسبة الأورام في السنوات الماضية إلا أنه من الملاحظ زيادة عدد مراكز الأورام في مصر خلال السنوات الأخيرة، وحتى هذه اللحظة يتم الحصول علي نسب ومعدلات الإصابة بالسرطان من أعداد المرضي الذين يترددون على معهد الأورام.
وتقدر المصادر الرسمية ان عدد المصابين بأمراض خطيرة مثل فيروس (C)، والسرطان يصل لحوالي 6.5 مليون مواطن.
وأبرز مسببات السرطان في مصر هو الفيروس الكبدي «B و C»، ومرض البلهارسيا، وتلوث البيئة سواء من عوادم السيارات والمصانع والإسبستوس، ونمط الحياة المختل من العادات الغذائية السيئة، وكلها أمور غاية في الخطورة، ويدخل في موضوع الغذاء طريقة طهو الطعام وحفظ وتخزين ونقل واستخدام المواد الغذائية.
وتشير الأرقام الرسمية إلى وجود ربع مليون مصاب بالسرطان سنوياً، أى ما يقرب من حوالي 6 أو 7 مليون أصيبوا بالسرطان خلال العشرين عاماً الماضية.
ويؤكد التقرير أن معدل الإصابة بالأمراض السرطانية ارتفع الى 20 ضعفاً عام 2005 مقارنة بعام 1992 .
وفي الخاتمة يؤكد التقرير أن الرقابة علي الغذاء لا تقل أهمية عن الرقابة علي الدواء، ولما كانت حياة الإنسان هو أغلى ما يملكه البشر كان لزاماً على كافة الحكومات أن تنتهج عدة سياسات اقتصادية واجتماعية تستهدف في المقام الأول الارتقاء بنوعية الحياة لكافة مواطنيها على السواء ومما يتطلب مزيداً من الرقابة على تداول واستخدام المبيدات ، كما يجب توفير الغذاء الصحى السليم لكافة المواطنين وذلك عبر برامج وسياسات تحترم ادمية وانسانية وكرامة وحرية المواطنين .
وأخيراً يقدم التقرير عدداً من الإجراءات التي تستهدف تحقيق وقفة جادة تجاه هذه القضية الخطيرة التي ارتبطت بمستقبل ملايين البشر وذلك لكفالة الحق فى الغذاء الصحى والامن ولحماية مستقبل وحياة وامن المواطنين فى مصرنا المحروسة .
يمكنكم زيارة المركز للحصول على نسخة من التقرير أو من على موقعنا على الانترنت
البريد الإلكتروني:Lchr@thewayout.net – lchr@lchr-eg.org
الموقع : www.Lchr-eg.org