11/10/2009

حتى لو غيبه الموت جسدا منذ ساعات قليلة ، فإن الدكتور محمد السيد سعيد ،الإنسان والصحفى البارز والشجاع ، سيبقى دائما فى قلوب الصحفيين المصريين خاصة الشباب منهم . سيبقى رمزا مهنيا ومناضلا نقابيا كبيرا عن حرية الصحافة والتعبير فى مصر والعالم العربي . دافع عن حرية الصحافة وتلقى سيلا من الدعاوى القضائية من زبانية الحزب الوطنى . وخاض معارك عدة من أجل مناخ آمن وعادل للصحفيين . هو نموزج مهم للصحفى الرفيع والمفكر المهموم بكل قضايا مجتمعه . وهو بالطبع مناضل يسارى . ومكافح كبير من أجل حقوق العمال والفقراء ، وجميع التيارات السياسية على اختلاف ألوانها .

إن جماعة ” صحفيون بلا حقوق ” إذ تنعي بكل أسى لشباب وكل ممارسي المهنة والمدافعين عن الحريات العامة فقيد الصحافة المصرية والعربية الزميل الدكتور محمد السيد سعيد ، تؤكد ” صحفيون بلا حقوق ” ان الصحافة المصرية وإن خسرت صحفيا كبيرا و مفكرا وطنيا من طراز فريد منح حياته و جهده للدفاع عن حرية الصحافة فإن مسيرة الصحفى الشجاع محمد السيد السعيد يجب أن تكون دليلا لكل المدافعين عن صحافة حرة ووطن خال من الاستبداد والقهر .

مكانة محمد السيد سعيد الرفيعة باحثاً، ومنصبه نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في «الأهرام»، لم يجعلاه يتردد في خوض مغامرة تولى رئاسة تحرير جريدة اليسار الجديدة «البديل» مع فريق من الشباب. صعوبات كثيرة كانت تواجه التجربة: «البديل كانت مغامرة، الإمكانات المالية قليلة، والتجربة كلها لم تكن مضمونة. لكن إحساسي بالواجب دفعني إلى تلك المغامرة. وقد اعتبرت حياتي كلها عملاً عاماً، وأردت أن يكون آخر ما أقدمه للعمل العام هو إعادة إحياء فكرة اليسار وتجديدها وتقديمها للأجيال الشابة». في هدوء شديد وبسبب ظروفه الصحية السيئة، انسحب السعيد من رئاسة تحرير «البديل»، تاركاً المهمة للشباب ومقدماً نموذجاً فريداً للمثقفين المصريين في إعطاء الفرصة للأجيال الصاعدة. إنه «الدكتور » كما عرفناه ونعرفه، باحثاً ومناضلاً يتفق معه بعضهم ويختلف معه البعض الآخر… لكن الكل يجمع على أن أفعاله ومواقفه دائماً مساوية لأقواله، وأن الإنسان لديه هو دائماً فوق أي اعتبار آخر، هكذا قالت عنه الأخبار اللبنانية .

دفع الصحفى النبيل الثمن كثيرا : ” كانت التجربة الأكثر قسوة له في السجن عام 1989 عندما سجن مع عمال الحديد والصلب بسبب تضامنه معهم. وهي التجربة التي يتذكرها قائلاً: «كانت تجربة بشعة. كنّا عدداً كبيراً من المثقفين والمناضلين. تعرضنا للتعذيب والسحل والإهانة وكل أنواع الضغوط. بعضنا أشرف على الموت تحت وطأة التعذيب». لكن الرجل لا يرتدع، وهذه التجربة «البشعة» لم تمنعه من الظهور بعد عشرة أعوام في إضراب موظفي الضرائب العقارية ، وغيرها من الاحتجاجات الاجتماعية والعمالية التى ظل السعيد الصحفى والمناضل والمفكر واليسارى الإنسان يدافع عنها ويفرح لأجلها .

حتى آخر ثانية من عمره الثري بالتضحيات وانكار الذات .

صحفيون بلا حقوق