9/3/2005

في الثامن من آذار، يوم المرأة العالمي، في العام الخامس بعد الألفين ما من جديد في وضعية المرأة التي تناضل من أجل المساواة والعدالة منذ مئات السنين وفي كل أنحاء العالم، وما من جديد في شكل ومضمون الاحتفالات التي تجري كل عام في فلسطين.

في الثامن من آذار وكما جرت العادة يطغى على أخبار الصحف المحلية المواضيع ذات العلاقة بالمرأة وقضاياها وان بشكل اخباري وتقليدي. وتشارك النساء في مسيرات لا تضم الكثير من النسوة، في دلالة على ضعف الوعي النسوي لدى عامة النساء، وتضم قلة قليلة من الرجال من العاملين في المؤسسات الاهلية والحكومية والاعلامية وممثلي وقادة القوى السياسية، الذين على ما يبدو يستشعرون بجنوح المجتمع نحو التعصب والانغلاق والتقهقر، والذين أدركوا مؤخرا أنهم والنساء في مركب واحد ما يستلزم تحالف الطرفين من أجل مجتمع منفتح وديمقراطي، فالنساء عادة هن ضحايا التعصب والتمييز ولكن لن يبقين الوحيدات في المعاناة على المدى الأبعد.

في الثامن من آذار وكباقي أيام السنة وفي الوقت الذي تخرج به بعض النساء الى الشارع للمطالبة بالحقوق، هناك أخريات غير مكترثات، وهناك سيدات ما يزلن يتعرضن للعنف الاسري، وهناك فتيات يحرمن من الفرصة في التعليم ويزوجن مبكرا، وهناك عاملات يتعرضن للاضطهاد المضاعف، ونساء قابعات في سجون الاحتلال، ونساء يقاومن الجدار العنصري، ويالغرابة المشهد وحيويته في آن.

في الثامن من آذار لهذا العام، وكما هو الحال في العام المنصرم، توجهت النساء الى صناع القرار أملا في تدخل الارادة السياسية لفرض تغيير ملموس وذي قيمة على المجتمع كما حدث في الكثير من البلدان العربية.

ورغم اللفتات الجميلة في آذار من العام الماضي باعتبار يوم المرأة العالمي يوما وطنيا، ورغم اللفتة الاجمل في استحداث وزارة لشؤون المرأة، الا أن هذا العام لم يحمل لفتات مثيلة وبقي السؤال عالقا في الاذهان لماذا نبقى في دائرة القول والشعارات ولا نذهب أبعد الى دائرة الفعل باقرار قانون انتخابات عامة يضمن مشاركة النساء في مواقع صنع القرار بحصة (كوتا) تتناسب وتضحيات المرأة الفلسطينية و تضمن لها حقوقها؟ وهي أكثر نساء العالم استحقاقا للانصاف؟ ولماذا لم تثمر جهود الضغط والتأثير التي انطلقت منذ أكثر من عامين من أجل اقرار قانون انتخابي عصري وديمقراطي ومنصف للنساء والشباب؟

لماذا لم يبادر المجلس التشريعي، مثلا، لعقد جلسة خاصة لاقرار بعض المواد القانونية التي تمس حياة النساء والتي تطالب بها الحركة النسوية منذ سنوات؟ ومنها رفع سن الزواج.

المطالب كثيرة وكبيرة والآمال عريضة والأحلام بعيدة، ولكن الاجدى هو ارساء تقليد يجعل هذه المناسبات فرصة لاتخاذ اجراءات حقيقية وعملية وملموسة لصالح النساء.

منجزات ومكاسب المرأة الفلسطينية لعام مضى تكاد تنحصر في المشاركة الفاعلة في الانتخابات المحلية والرئاسية، ونجاح بعض النساء في الوصول الى الهيئات المحلية في المرحلة الاولى للانتخابات من خلال اقرار التدخل الايجابي، ومع ذلك ويبقى للنساء الأمل والعمل، وكما تنتظر الأسيرات في سجون الاحتلال وأبنائهن وأزواجهن لحظة الخلاص من الأسر، وكما ينتظر الشعب الفلسطيني الخلاص من الاحتلال، تنتظر نساء فلسطين والعالم الخلاص من التمييز والاضطهاد والقهر.