28/9/2005
جددت مختلف الفصائل الفلسطينية مؤخرا، التزامها بالتهدئة المعلنة في اتفاق القاهرة والتمسك بحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال والتصدي للعدوان الإسرائيلي والرد عليه انطلاقاً من وحدة الشعب والأرض الفلسطينية وبما يحافظ على المصلحة الفلسطينية. كما جددت الفصائل موقفها المعلن السابق بوقف كافة الاحتفالات والمسيرات والاستعراضات المسلحة من كل القوى والفصائل الوطنية والإسلامية.
وبدورنا نرى أنه في ضوء الأحداث المأساوية الأخيرة التي وقعت في جباليا والتي راح ضحيتها اكثر من 180 فلسطيني ما بين قتيل وجريح، خلال الاستعراض العسكري الذي نظمته حركة المقاومة الاسلامية حماس، بات أكثر من الملح اتخاذ هذا الموقف.
وكما هو معلوم أنه عشية استحقاق الانتخابات الفلسطينية، وبعيد تفكيك المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة، لجأت الفصائل الفلسطينية المختلفة لاظهار قوتها من خلال الاستعراضات العسكرية المختلفة التي نظم قسم منها في المستوطنات.
نعم المرحلة تستحق إظهار القوة، لكن القوة كما فهمها وعبر عنها مفكرنا الفلسطيني الراحل ادوارد سعيد بالقول: القوة مع هذا، ليست القوة العسكرية. إنها القوة الاجتماعية المتأتية من الديمقراطية، والقوة الثقافية المتأتية من حرية التعبير والبحث، والقوة الشخصية التي تجعل كل مواطن عربي يشعر انه بالفعل مواطن وليس مجرد نعجة في قطيع كبير لأحد الرعاة.” فهذه هي القوة التي اذا ما تسلحنا بها، قد نغير الكثير من واقعنا.
وعلينا العمل على استغلال ضعفنا لاحالته الى قوة تظهر المآساة الفلسطينية في الاستيطان وجدران العزل والضم وفضح وجه إسرائيل، الدولة المحتلة، التي تمارس جرائم الحرب وتمتهن القتل والهدم والسلب وتشتيت شمل العائلات وغيرها من الممارسات المنتهكة لحقوق الانسان والأعراف الدولية، لتذكير العالم بالتالي بالضحية الحقيقية في هذا الصراع المرير.
وأمام الضغوط الهائلة الممارسة على القيادة الفلسطينية وبخاصة من الاحتلال والرباعية لنزع سلاح المقاومة، يتعين بالفصائل المسلحة عدم الإسهام في زيادة مثل هذه الضغوط وإنما مساعدة السلطة حتى تثبت هيبتها وتفرض القانون وإظهار الوجه الحضاري للشعب الفلسطيني وأنه يستحق الحياة في دولة المؤسسات.
وعليه، يجدر بالفصائل الفلسطينية، أخذ المتغيرات الدولية في حساباتها، فنحن لا نعيش لوحدنا في هذا العالم الذي نحتاج فيه لعطف وتأييد المجتمع الدولي حتى ننجح في تحصيل حقوقنا العادلة حسب الشرعية الدولية. فليس من الخطأ تغيير التاكتيكات الكفاحية وصولا الى التاكتيك الأنجع في تحصيل الحقوق.