18/10/2006
تنشط وسائل الاعلام الاسرائيلية هذه الأيام في نشر المعلومات والتقارير الاستخبارية التي يسربها جيش الاحتلال الاسرائيلي، حول قيام الغزيين بتهريب “أسلحة مضادة للدروع والطائرات” الى القطاع من مصر، وما يشكله ذلك من تهديد أمني لدولة الاحتلال الأمر الذي يستدعي جيش الاحتلال أخذ زمام المبادرة من خلال اجتياح القطاع للتصدي لذلك التهديد!. وهذا ما صرح به علانية العديد من رجالات الجيش الاسرائيلي وعلى رأسهم رئيس هيئة الأركان دان حلوتس.
يجمع المراقبون أن الجيش الاسرائيلي قد فقد جزءا من هيبته بعد الحرب العدوانية الأخيرة على لبنان لاخفاقه في تحقيق الأهداف المعلنة للعدوان، وهو ما أثار حفيظة العديد من جنرالات الجيش والمحافل الاسرائيلية التي أخذت تطالب باستقالة كل من رئيسة هيئة الأركان ووزير الدفاع ورئيس الوزراء.
وإذا ما أضفنا إلى كل ذلك، الأزمة الخانقة التي تعانيها الحكومة الاسرائيلية الراهنة التي فقدت الكثير من شعبيتها، بخاصة بعد أن تخلت عن برنامجها المتمثل بتطبيق ما يسمى بخطة الانطواء. وهي الأزمة التي دفعت رئيس الوزراء الاسرائيلي أولمرت للسعي الى تعزيز حكومته من خلال التفكير الجدي بتوسيع الائتلاف الحكومي من خلال ضم حزب ليبرمان العنصري الى حكومته. علما انه بحسب التقديرات، فان انضمام ليبرمان الى الحكومة سيقود الى انسحاب حزب العمل منها.
يعتقد أولمرت أن العلاج لأزمته الحكومية يكمن في التصعيد العسكري ضد الفلسطينيين وبخاصة قطاع غزة، فهو يرى بأنه من خلال إظهار أنيابه وقوته للبطش بالفلسطينيين يستطيع أن يرفع من أسهمه وأسهم حكومته وزيادة شعبيته المتآكلة. فهو يعتقد ان التطرف واظهار القبضة الحديدية ضد الفلسطينيين والاقدام على ارتكاب الجرائم بحقهم وبحق ممتلكاتهم قد تصوره امام المجتمع الاسرائيلي على أنه الرجل القوي الأمين على مصلحة الشعب اليهودي.
وعليه، فان العدوان على غزة غير مستبعد، وكغيره من الاجتياحات السابقة، من المتوقع أن يقوم جيش الاحتلال بارتكاب جرائم القتل بحق الفلسطينيين وبضمنهم النساء والاطفال، إضافة الى تدمير الممتلكات والايغال في تدمير البنية التحتية مما يفاقم من معاناة الفلسطينيين على مرأى ومسمع من العالم الذي لم يحرك ساكنا في الماضي لحماية الشعب الفلسطيني والذي تعامل بخجل مع المجازر التي ارتكبت بحقه، وهو ذات المجتمع الدولي الذي يعمل الآن على محاصرة الشعب الفلسطيني وتجويعه والتدخل في شؤونه الداخلية بسبب خياراته الديمقراطية.
وللأسف الشديد، تأتي هذه التهديدات والتحضيرات للعدوان الاحتلالي الجديد، في ظل انقسام وأزمة داخلية فلسطينية خانقة وصراع على السلطة بين مؤسستي الرئاسة والحكومة وفي ظل اقتتال داخلي مؤسف، بدلا من تضافر الجهود وتعزيز الوحدة الوطنية للتصدي للعدوان المرتقب.
المرحلة الراهنة، هي من اشد المراحل خطورة التي تعصف بالقضية الفلسطينية التي تراجعت عن تصدر الأولويات في المحافل الدولية، مما يستلزم حشد كل الجهود والطاقات الفلسطينية والترفع عن المصالح الفئوية الحزبية الضيقة والتفكير فقط بالمصلحة الوطنية العامة والعليا لعموم أبناء الشعب الفلسطيني في الشتات والداخل، وهو الشعب الذي يستحق بعد كل رحلة المعاناة هذه، حياة أفضل.