26- يونيو -2004
تابعت الأمانة العامة للاتحاد وبقلق شديد التطورات الأخيرة على الساحة الدولية ذات العلاقة بالشأن الليبي, وذلك على خلفيةِ ما يدور حالياً من مفاوضات بين السلطات الليبية من جهة، والسلطات الألمانية من جهة أخرى، وبين السلطات الليبية والأمم المتحدة وأمريكا من جانب آخر والتي شكلت كلها ثالوثاً في غاية الخطورة على العناصر المعارضة للنظام الحاكم في ليبيا, وخصوصاً من اضطر منهم للهجرة هرباً من بطش النظام في الداخل, وما يمكن أن يتعرض له البعض منهم بسبب الممارسات غير الإنسانية التي تطبقها السلطات الغربية في ظل ما يسمى (قوانين مكافحة الإرهاب) وحمَّى التنافس الغربي على تحقيق مصالح اقتصادية من خلال مهادنة نظام الحكم في ليبيا.
والضلع الأول من هذا المثلث يتمثل في ما دار خلال المفاوضات الأخيرة لتسوية قضية تفجير الملهى الليلي (لالبيل) ببرلين في أبريل 1986م حيث طلبت السلطات الليبية من الحكومة الألمانية “تسليمها معارضين ليبيين متواجدين على أراضيها”، وذلك في محاولةٍ منها لتحقيق مكاسب سياسية تعتقد بأنها ستؤدي إلى إطالة تحكمها في مصير وثروات الشعب الليبي وانتهاك المزيد من حقوق أبنائه وبناته مقابل (حفنة من دولارات النفط)، والذي لا مناص الآن من دفعها من خزانة الشعب الليبي على أية حال. وذلك استناداً إلى قرار محكمة ألمانية بإدانة عملاء للحكومة الليبية الحالية في التورط في جريمة تفجير الملهى المذكور، واسترشاداً بما تمَّ دفعه من تعويضات وتقديمه من تنازلات في كل من قضيتي لوكربى (الأمريكية/الانجليزية) ويوتا (الفرنسية).
ومن المؤسف حقاً, والمثير للجدل أيضاً, أن تمثل الحكومة الليبية في هذه المفاوضات (مؤسسة القذافي الخيرية) والتي استبشر كثيرون بدورها خلال السنتين الماضيتين بحكم ادعائها على الحرص على تحسين ملف حقوق الإنسان في ليبيا والعمل على إطلاق سراح السجناء السياسيين الليبيين.وها هي اليوم تطالب بتسليم المعارضين الليبيين في الخارج.. ليس لسجنهم فقط ,, بل ربما لإعدام البعض منهم استناداً إلى أحكام قانون (تجريم الحزبية) سيء السمعة وعن طريق (محكمة الشعب) ذات السمعة الأسوأ.
أما الضلع الثاني في هذا المثلث الرهيب، فإنه يتمثل في التصريحات والتعهدات الصادرة عن السلطات الليبية للأمم المتحدة بشأن الكشف عن العديد من أسماء الليبيين الذين تزعم هذه السلطات تورطهم في التعاون مع تنظيم القاعدة ؟!!
والسؤال الذي يتبادر إلى كل الأذهان هو: هل اكتشفت السلطات الليبية فجأةً والآن بأن لديها هذه الأسماء ؟
أم أنَّ الأمر يدخل في نطاق فك فتيل أزمة اتهام العالم مؤخراً للسلطات الليبية بالتدبير لاغتيال ولى عهد السعودية.
وفى الوقت نفسه العمل على شلِّ حركة بعض المعارضين الليبيين في الخارج.. وبالتالي ضرب عصفورين بحجر واحد.
وأمَّا الضلع الثالث في هذا المثلث, فهو يتمثل في أنَّ السلطات الليبية دأبت على تلفيق التهم الباطلة لمعارضيها ووصفهم بأنهم مجرمي سطو مسلح وتجار ومهربي أسلحة ومخدرات وممارسين للدعارة!!!
ولقد تكشفت عدم صحة هذه التهم في حق العديد من هؤلاء المعارضين المقيمين في الخارج بعد التحقيقات التي أجراها (الانتربول الدولي) بشأن البلاغات التي تقدمت بها السلطات الليبية في أواخر التسعينات من القرن الماضي.
إلا أننا فوجئنا في الآونة الأخيرة بتقديم السلطات الليبية لقائمة أخرى تشتمل على عدد يزيد عن الثلاثين مطلوباً من هؤلاء المعارضين من قبل ما يسمى ( بالعدالة الليبية!!).
وبهذه المناسبة فإن الأمانة العامة للاتحاد تناشد كافة المنظمات الدولية والإقليمية والوطنية العاملة خارج ليبيا, وكذلك كل حكومات ووسائل إعلام العالم الحرة, بضرورة الانتباه لهده المستجدات والعمل على حماية كافة الليبيين في الخارج من بطش السلطات الأمنية الليبية والذي لم يسلم منه حتى غير الليبيين سواء داخل البلاد أو خارجها..
وفَّقَ الله الجميع لما فيه خير ليبيا وشعبها المناضل.. ودام الجميع حماة للحرية ومدافعين عن حقوق الإنسان.
الشارف الغرياني (المحامي)