12 سبتمبر 2004
هود- علي العنسي هناك العديد من الأطفال في مناطقنا الريفية يعيشون أوضاعاً سيئة خصوصاً المعاقين حيث يكابدون حياة قاسية وشديدة فهم معرضون للإهمال واللامبالاة ولا يلقون اى عناية ورعاية واهتمام من جانب الإباء.
وهنا لابد من أن نضع سؤالاً لعل وعسى نجد إجابة شافية هل تخلى الآباء عن أبوتهم وعن واجبهم تجاه أبناءهم ؟ لاشك بأن الأطفال المعاقين بصفة خاصة هم أكثر من يتعرض لأقسى أنواع الإهمال واللامبالاة سواء من جانب آباءهم او مجتمعهم ، والآباء ربما قد تخلوا عن أبوتهم وحنانهم وحتى تسببوا في ضياع وتردي أحوال أطفالهم المعيشية كما هو حال الطفل محمد الذي نحن بصدد الحديث عنه يبلغ من العمر عشر سنوات والي يعتبر مثالاً على واقع الطفولة في المحافظة وخصوصاً المعاقين.
عن طريق الصدفة التقيت به في يوم حار شديد شاهدته وهو يحبو في بطن الوادي تحت أشعة الشمس المحرقة وفوق أرضية الوادي الملتهبة يحبو في طريق مليئة بالأشواك والأحجار دونما شيء يقيه من ضربات الشمس ومن وخز الأشواك وقد افترش التراب بل كان رداءه الذي يقيه.
جسمه النحيل صورته تبدو عليها القتامة لطول مكثة تحت أشعة الشمس تغير لونه ولون أقدامه المشلولتين والذي كان قد تعرض للإصابة بالشلل وهو صغير حينما تم إعطاءه جرعة لقاح ضد الأمراض الستة القاتلة فكان ضرب الإبرة في موقع حساس ما أدى إلى إصابته بالشلل وهذا بسبب انعدام الكوادر المتخصصة التي تفتقر إليها عموم مناطقنا الريفية في محافظة عمران شاهدته يحبو بنشاط وحيوية يحاول كسر حاجز الإعاقة في تحد صعب رغم صغر سنة لم تثن عزيمته الإعاقة وشدة الحرارة بعزيمة وإصرار بتسلق الجدار المرتفع يذهب من طريق مليئة بالأشواك وبثوبه المهتري الممزق .
من المؤسف أن ترى الآباء يصابون بحالة ازدراء وبحاله من الصمت المريب لا يحركون ساكناً تجاه أطفالهم خصوصاً المعاقين يتحرجون من النظر إليهم كما هو حال هذا الطفل المعاق.
فما الذنب الذي اقترفه اطفالنا حتى تصير حياتهم جحيم ونعمد إلى الإهمال واللامبالاة من جانبنا كآباء.. هذا الطفل المعاق كان من المفترض والواجب أن يمنح الرعاية الكاملة من قبل والده الميسور كما اخبروني به وان يعمل على تعليمه ورعايته بدلاً من أن يتركه ويبقيه على هذه الحالة بين الأشواك والقاذورات يتخطاها حبواً دون أن يجد ما يقيه من حرارة الشمس ويحميه من لهيب الارض في عز الظهيرة .
هذا المشهد المؤلم جعلني أتحسر وأسال نفسي كم من الأطفال يعيشون نفس الحالة التي يعيشها الطفل “محمد” في مناطق مختلفة وإنهم ضحية الإهمال الصحي واللامبالاة والمشهد ذاته صورة عن حال الطفولة في عمران بسبب تدني مستوى العيشة وتفاقم مشكلة الفقر. متى إذن يلقي الطفل العناية والرعاية من جانب الآباء والأسرة وكذا الجهات المعنية بحقوق الطفل التي لا تكرس جهودها الا في بعض المدن مع أن الأطفال في الريف يعانون معاناة صعبة ويمرون بحالة بؤس وحرمان مع تفاقم المشاكل الأسرية والقبلية ولم يحددوا الأيدي التي تحميهم وتواسيهم وتقيهم من شر الأيدي التي تحاول أن تشغل وضع الأطفال وحالتهم المعيشية وتضعهم في أعمال تضر بهم أولاً وبالأسرة ثانياً وبالمجتمع ثالثاً مستغلة هذه الأيدي أصابتهم بالإعاقة .
أن الأطفال بحاجة الى أن تعطيهم الجهات المعنية الأولوية في الرعاية وان تمنحهم الحقوق التي ضمنها ديننا الإسلامي الحنيف الذي انصف الطفل أجمل أنصاف وأعطاهم حقوقهم بكل عدل .
فهل ستسعى الجهات المعنية لتكييف جهودها وتبادر إلى مد يد العون والمساعدة لأطفالنا في الريف وتحميهم من الضياع والانحراف وخصوصاً وان بعض الآباء تخلوا عن واجبهم نحو أبناءهم خصوصاً المعاقين منهم. آمل أن يجد الموضوع تفاعلاً ومع الطفل محمد من منطقة الهجر ـ شهارة.
وان يلقي قبولاً لدى المعنيين في منظمات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة ؟