29/10/2007
من المفارقة بمكان انه في أوج الحديث عن الاستعدادات والتحضيرات المكثفة للقاء الدولي المتوقع عقده في انابوليس في ميريلاند بالولايات المتحدة الأميركية، يترافق ذلك مع تصعيد عنيف وشديد غير مسبوق لمعاقبة مليون ونصف فلسطيني هم المواطنين القاطنين في قطاع غزة، بذريعة الضغط على الجهات المطلقة للصواريخ باتجاه الأراضي الإسرائيلية لحثها على التوقف.
ومؤخرا تجسد هذا العقاب بالتصعيد العسكري والحصار الاقتصادي وكان آخرها تقليص امدادات الوقود وقطع الكهرباء عن المناطق التي تطلق منها الصواريخ. وكانت حكومة الاحتلال الاسرائيلي قد مهدت لهذا التصعيد والعنف باعلانها في 19 أيلول الماضي عن قطاع غزة كيانا معاديا مما يعني البدء بقطع الروابط وزيادة القيود المفروضة على حركة المسافرين والبضائع من وإلى قطاع غزة.
وفي 28 تشرين اول، أعلنت حكومة الاحتلال أنها ستبدأ بخفض كميات الوقود المسموح بادخالها الى القطاع. وبحسب مركز الميزان لحقوق الانسان، سيؤدي ذلك الى “مزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية.. وإلى كارثة إنسانية ستمس أوجه حياة الفلسطينيين، ولاسيما أن خدمات أساسية كخدمات الرعاية الصحية وتوصيل مياه الشرب وأنظمة الصرف الصحي سيصبح عملها متوقفاً على توفر الوقود وخاصة السولار.”
ويضيف المركز أن هذا الاجراء “يشكل انتهاكاً جسيماً لقواعد القانون الدولي الإنساني، لاسيما اتفاقية جنيف الرابعة المخصصة لحماية المدنيين وقت الحرب، كون القرار الإسرائيلي يشكل عقاباً جماعياً للسكان المدنيين، بل فإنه يشكل مساساً بالخدمات والمنشآت الحيوية التي لا غنى عنها لاستمرار حياة السكان.” وكان المقرر الخاص للأمم المتحدة في المناطق الفلسطينية جون دوغارد قد أعلن انه وعلى الرغم من الانسحاب الاسرائيلي من القطاع عام 2005، الا انه وبحسب القانون الدولي ما زال خاضعا للاحتلال الاسرائيلي الذي أحاله الى سجن كبير. وعليه فكون اسرائيل قوة محتلة، يلقى على عاتقها العديد من المسؤوليات وبخاصة تجاه السكان المدنيين الواقعين تحت الاحتلال، وبخاصة الامتناع عن ممارسة العقوبات الجماعية. وهو ذاته الذي وصف الممارسات الاسرائيلية في الأراضي المحتلة بـأنها جرائم حرب تستدعي محاسبة مرتكبيها.
وكان رئيس شعبة الاستخبارات الاسرائيلية السابق، شلومو غازيت قد انتقد العقوبات الجماعية ضد أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بالقول انه “لا يوجد أي أمل في أن يحقق هذا الضغط هدفه – وقف اطلاق الصواريخ نحو الاراضي الاسرائيلية. سكان القطاع لن يستطيبوا قطع الكهرباء، ولكن كامل الذنب سيلقونه على اسرائيل، التي تغلق التيار. وهم لن يمارسوا الضغط على اسماعيل هنية وعلى قادة المنظمات. وبالعكس، هذا سيعزز لديهم فقط نوازع الثأر، قطع الكهرباء يشكل عقابا جماعيا مطلقا. وأضاف ان من شأن ذلك ان يلحق الضرور والضغط على إسرائيل حيث ان هذه الخطوة ستؤدي الى تنديد حاد في كل العالم وتؤدي الى تحفظ شديد في الولايات المتحدة وفي اوساط يهود العالم بل ومعارضة شديدة في الرأي العام في اسرائيل. وهيا لا نفاجأ اذا ما سيتوفر من يطرح الموضوع للقرار على محكمة العدل العليا.”
ان ما يريد إقامة السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة، لا يقوم بمعاقبة مليون ونصف مواطن من تعداد الشعب المزمع اقامة السلام معه. فالسلام لا يقام مع جزء من الشعب انما مع كامله على أقل تقدير.. كما ان نشد السلام يستوجب خطوات سلامية تساهم في إشاعة أجواء السلام وبناء الثقة بين الأطراف لاقناعم بصدق النوايا السلامية وهو الأمر الغائب في الجانب الاسرائيلي.