14/5/2008

60 سنة مرت على اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه، وتهجيره من قراه ومدنه، وهي سنوات رغم طولها، لم تنسي الفلسطينيين أرضهم، وتحولهم إلى لاجئين في المخيمات داخل وخارج فلسطين، إذ لا زالوا يحتفظون بمفاتيح منازلهم وعقود ملكيتهم لبيوتهم ويحفظون ذكريات طفولتهم فيها، ويرونها لأبنائهم، ويعلمونهم التمسك بحقهم في العودة، وهو الحق الذي أقره العالم في قرار الأمم المتحدة 194.

إن إحياء ملايين الفلسطينيين سنويًا مرور ذكرى النكبة، دليل على أن الشعب الفلسطيني حي بروحه الوطنية وبذاكرته وتاريخه، وأن إرادته لم تنكسر، فهو ما زال يسعى للاستقلال كباقي شعوب العالم، ويتطلع إلى تحرير الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة من الاحتلال، وهي الأرض التي وافق الشعب الفلسطيني على أن تكون دولة له، كثمن لحل سلمي سياسي يستند لقرارات الشرعية الدولية وهيئة الأمم المتحدة.

ولأن ساسة إسرائيل يعلمون أنهم أقاموا دولتهم على أنقاض شعب آخر، وشردوه في المنافي بعد أن سرقوا أرضه، فهم يرفضون بعد 60 عامًا، أن تعترف دولتهم بمسؤوليتها التاريخية الأخلاقية والقانونية عن تشريد الشعب الفلسطيني، وهو اعتراف حتى وان لم يتم، لا يمكن أن يلغي حقيقة وتاريخ نكبة شعب، لا تزال فصولها تتكرر يوميا، فمعاناة التشرد واللجوء راسخة في الذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني، وهي معاناة تتجدد كل صباح، في كل بيت من بيوت المخيم داخل الأراضي الفلسطينية أو في الدول العربية أو حدودها، ومع كل مرة يروى الأجداد، أو من تبقى منهم، قصص اللجوء وذكريات الطفولة في ارض الأجداد.

اعتراف إسرائيل بمسؤوليتها عن معاناة الشعب الفلسطيني، أمر واجب، وهو مقدمة للحل السياسي الذي اقره العالم، فالمسؤولية الأخلاقية والقانونية لمأساة الفلسطينيين لا يتحملها إلا من هجرهم وطردهم واستحل أرضهم، ولا يزال لم يقر ويعترف.

إن المجتمع الدولي، الذي وقف في لحظة ما ينظر إلى مأساة الشعب الفلسطيني وتهجيره ولم يحرك ساكنًا، مطالب اليوم قبل أي وقت آخر أن يتحرك بإرادة جماعية عبر هيئة الأمم المتحدة لتنفيذ قرارات الهيئة الدولية، والضغط على إسرائيل لتطبيق هذه القرارات، لينعم الشعب الفلسطيني بدولته المستقلة كباقي شعوب العالم، ولتتوقف النكبات اليومية التي يعيش الفلسطينيون فصولها في ظل الحصار والاستيطان والقتل وسرقة الأرض.

أما شعوب العالم، فضميرها ووازعها الأخلاقي، لا بد وان يلتفت بل وأن يعمل على إنهاء معاناة ملايين الفلسطينيين، الذين لا سلاح لهم سوى إراداتهم وتصميمهم، إلى جانب القوانين الإنسانية الدولية وقرارات الشرعية التي أقرت حقهم، رغم أنها قرارات لا زالت تنتظر التنفيذ