22/5/2008
فاق عدد المشاركين في مؤتمر فلسطين للاستثمار الذي افتتح أعماله في مدينة بيت لحم، بمشاركة رسمية ومن القطاع الخاص المحلي والعربي والدولي، التوقعات، فيما وقعت على هامش المؤتمر، اتفاقيات عدة بين شركات ومؤسسات محلية ونظيراتها العربية وتحديدا الخليجية، وهي بداية جيدة لمؤتمر يشكل نافدة وفرصة لخلق حركة استثمارية في فلسطين، ووسيلة لاجتذاب مشاريع بنيوية وتنموية في ظل شراكة مع رجال الأعمال العرب والأجانب.
ولأن السياسة في فلسطين ترتبط بالاقتصاد، والاثنان يتأثران بسياسات الاحتلال الإسرائيلي، طغى الحديث السياسي على كلمات المتحدين في المؤتمر، إذ أكدوا على أن مفتاح الاستقرار السياسي، الذي بدوره يقود لاستقرار اقتصادي يكمن في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وإنهاء الاحتلال.
لاشك أن الاهتمام الحكومي بالاقتصاد المحلي وخاصة القطاع الخاص، والدخول في شراكة معه وتشكيل اللجان المشتركة، هام ويصب في مصلحة القطاع الخاص، الذي تحمل خلال سنوات الانتفاضة أعباء كبيرة، أدت إلى إغلاق الكثير من المنشآت الاقتصادية أبوابها، وهذه الشراكة إن استمرت وعملت بشكل تكاملي، ستسهم في إنقاذ الاقتصاد المحلي، عبر العمل المشترك على تخفيف حدة الفقر ومعدلات البطالة، والأهم أنها ستشجع رؤوس الأموال على الخوض في مشاريع جديدة.
خبراء الاقتصاد، المحليون والدوليون منهم، مقتنعون بأن إجراءات الاحتلال تحد من حرية تنقل البضائع داخليًا وخارجيًا، مما يحول دون تطور حركة التصدير والاستيراد للبضائع، فيما إغلاق المعابر التجارية الخارجية لفترات طويلة، إجراءات لا تشجع أي مستثمر على التفكير في إقامة المصانع والمشاريع في فلسطين، لان أي مشروع إنتاجي سيصطدم بعقبات يضعها الاحتلال، خاصة في مجال التبادل التجاري الخارجي.
وواضح أن وصول مئات المشاركين في اليوم الأول من المؤتمر إلى بيت لحم، جاء بعد تدخل وربما ضغوط دولية وأمريكية على إسرائيل لمنع اتخاذ أي خطوات قد تعرقل انعقاده، خاصة وان من ضمن المشاركين في المؤتمر وفد رئاسي أمريكي إضافة إلى وفود رسمية من أوروبا وآسيا وروسيا، فيما يعد توني بلير ممثل اللجنة الرباعية للشرق الأوسط من أكثر المتشجعين للمؤتمر وانعقاده، سيما وانه يحاول على الدوام التركيز على المسار الاقتصادي، حيث حث المشاركين في المؤتمر على الاستثمار في فلسطين.
إن دعم المجتمع الدولي للمؤتمر والمشاركة فيه، يأتي ضمن دعمها للمسيرة السياسية وامتداد لمؤتمري أنابوليس وباريس، ولكن المشاركة في جلسات المؤتمر ليست هي الغرض المنشود، على أهمية هذه المشاركة، فتطوير الاقتصاد الفلسطيني وإنعاش الحركة الاستثمارية في الأراضي الفلسطينية، لا يمكن أن تكون عبر عقد مؤتمر لثلاثة أيام فحسب، بل الأهم من ذلك إيجاد الآليات والضغوط الدولية التي تضمن أن لا تطيح إسرائيل بأي مشاريع استثمارية قد تنجم عن شراكة فلسطينية عربية أو دولية، وهذه الضمانة تكمن بان تلزم الرباعية الدولية حكومة الاحتلال برفع القيود على حركة المواطنين والبضائع وفتح المعابر للاستيراد والتصدير، والامتناع عن استهداف المصانع والمنشآت الاقتصادية، إضافة إلى تسهيل وصول الخبراء ورجال الأعمال العرب والأجانب والشركاء من الخارج.
والنجاح في الوصول إلى أهداف المؤتمر في إقناع المستثمرين الأجانب، بوجود فرص استثمارية في فلسطين، يستلزم الاستمرار والمتابعة الحثيثة لنتائجه، وبناء الشراكات بين رجال الأعمال الفلسطينيين ونظرائهم العرب والأمريكيين والأوروبيين، وتسهيل الاستثمار والابتعاد عن البيروقراطية في العمل، وخلق الحوافز التشجيعية للمستثمرين، الذين إن وجدوا أن فرص نجاح مشاريعهم في فلسطين ضئيلة، وأنها غير مجدية اقتصاديا، فلن يبادروا إلى الاستثمار هنا، ففي نهاية المطاف، بوصلة رجال الأعمال هو ميزان الربح والخسارة.