9/10/2008
العيون / الصحراء الغربية، 09 أكتوبر/ تشرين الأول 2008 أصدرت هيئة المحكمة بغرفة الجنايات قضاء الدرجة الأولى بمحكمة الاستيناف بمدينة أكادير / المغرب بتاريخ 09 أكتوبر / تشرين الأول 2008 أحكاما جائرة وقاسية تراوحت بين سنة موقوفة التنفيذ و أربع سنوات و15 سنة في حق مجموعة من المعتقلين السياسيين الصحراويين من بينهم المدافع الصحراوي عن حقوق الإنسان ” يحيا محمد الحافظ إعزة ” عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ـ فرع طانطان وعضو تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان ، والذي صدر في حقه حكما قاسيا مدته 15 سنة سجنا نافذا.
وقد تميزت هذه المحاكمة بالحضور المكثف والمتنوع للأجهزة البوليسية وقوات التدخل السريع التي تواجدت بقاعة الجلسات وفي جوانب متعددة من المحكمة ، خصوصا أثناء النطق بالأحكام المشددة في حق مجموعة من الشبان الصحراويين تظاهروا بالشارع العام بمدينة طانطان / جنوب المغرب من أجل المطالبة بتقرير مصير الشعب الصحراوي.
وحضر لمؤازرة المعتقلين السياسيين الصحراويين هيئة الدفاع المتكونة من 05 محامين من هيئة المحامين بأكادير والرباط من بينهم محامي معين من قبل المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، كما حضرها المحامي الفرنسي بمكتب باريس ” ألكسندر زوربشفيلي ” عن الجمعية الدولية للمحامين الديمقراطيين وجمعية الحق في التضامن.
وعرفت محاكمة هؤلاء المعتقلين مجموعة من التوقفات كان أبرزها في البداية لما ولج المعتقلون قاعة الجلسات بزيهم الصحراوي رافعين شارات النصر و مرددين شعارات تطالب بتقرير مصير الشعب الصحراوي وتدين الأحكام الجائرة الصادرة ضد المتظاهرين الصحراويين سلميا بالصحراء الغربية ومناطق جنوب المغرب والمواقع الجامعية المغربية ، حيث أمر رئيس هيئة المحكمة بإعادة المعتقلين إلى مخفر المحكمة وطرد كل النساء من القاعة ، بل وإصدار أوامره بإفراغ القاعة من أجل مناقشة هذه القضية 368 / 2008 في جلسة مغلقة قبل أن يتراجع عن موقفه مكتفيا بتوجيه إنذار للنساء اللواتي رفعن شعارات وشارات النصر تضامنا مع المعتقلين الصحراويين.
وبعد ذلك ومباشرة بعد تمكن رئيس هيئة المحكمة من هوية المعتقلين أعطيت الفرصة لمحامي الدفاع لإثارة مجموعة من الدفعات الشكلية من قبيل أن المحاضر تضمنت حكما مسبقا يدين المعتقلين وانعدام حالة التلبس وعدم إخبار العائلات ، حيث أنه ورد في حالة المعتقل ” ميارة المجاهد ” أن الشرطة أخبرت أخوه المتواجد منذ عشرات السنين بمخيمات اللاجئين الصحراويين وعدم توقيع المحاضر من قبل ضابط الشرطة القضائية أو محرر المحضر ، إضافة إلى عدم التحقيق في التعذيب والاغتصاب الذي تعرض له بعض المعتقلين أثناء الحراسة النظرية بمخفر الشرطة القضائية بمدينة طانطان / جنوب المغرب ، ولهذا طالب الدفاع برفع حالة الاعتقال عن المعتقلين ومتابعتهم في حالة السراح ، لتعترض النيابة العامة معربة عن رفضها المطلق لهذه الدفعات ، التي قررت الرئاسة ضمها لمناقشة الملف أثناء المداولة بعد أن رفضت إعطاء الفرصة للدفاع للرد على ممثل الحق المدني.
وانتقل رئيس هيئة المحكمة لاستنطاق والاستماع للمعتقلين السياسيين الصحراويين ، الذين نفوا كل التهم ذات الطابع الجنائي والجنحي معتبرين بأن اعتقالهم جاء على خلفية مواقفهم من قضية الصحراء الغربية ومن مشاركتهم في المظاهرات السلمية المطالبة بتقرير مصير الشعب الصحراوي واحترام حقوق الإنسان بالصحراء الغربية وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين الصحراويين المتواجدين بالسجون المغربية منذ 21 مايو / أيار 2005 ، مؤكدين تعرضهم للتعذيب والاغتصاب والتهديد بواسطة الملقاط من أجل التوقيع على محاضر الضابطة القضائية ، التي اعتبروها محاضر مزورة وكاذبة في حقهم، حيث تم انجازها بغرض توريطهم في أفعال لم يقومون بها إطلاقا ، والتي ما كانت ستتم لولا مساندتهم الفعلية لاستقلال الصحراء الغربية مذكرين بمجموعة من الانتهاكات التي تعرضوا لها فيما قبل ، من قبيل الاختطاف ( حالة يحيا محمد الحافظ إعزة ) والاعتقال السياسي ( حالتي محمد السالمي و لحسن الفقير ) والتعذيب والاغتصاب ( حالتي محمود البر كاوي و الناجم بوبا ) وذهب أحدهم ” ميارة المجاهد ” إلى أنه من مواليد 1976 وهي السنة التي تعرض فيها أبوه ” علي بويا ميارة ” للاختطاف القسري لمدة 16 سنة ومنذ أن أصبح طفلا لا يتجاوز عمره 15 سنة دخلت قوات الأمم المتحدة من أجل تنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية، حيث بات يدرك أن هويته لم تتحدد بعد كمواطن صحراوي ينتظر والشعب الصحراوي الفرصة لتقرير المصير وفق المواثيق والمعايير الدولية ذات الصلة ، في حين ذهب المدافع الصحراوي عن حقوق الإنسان ” يحيا محمد الحافظ إعزة ” إلى أن التهم الموجهة ضده أتت كشكل انتقامي بصورة عدائية من قبل ضباط الشرطة القضائية المغربية بمدينة طانطان على خلفية نشاطه الحقوقي ، باعتباره عضوا في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وعضوا أيضا في تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان ، مؤكدا أنه سبق له أن تقدم بشكوى في الموضوع ضد ضباط بالشرطة المغربية ومذكرا أنه تعرض للاختطاف مرتين من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء سنة 2004 ومن طرف المخابرات العسكرية سنة 2006 ، وفي نفس الإطار ذهب المعتقل السياسي الصحراوي السابق ” محمد السالمي ” عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ـ فرع طانطان ، الذي ندد بالاختطاف الذي تعرض له من منزل عائلته من طرف عناصر الشرطة مدججين بأسلحة نارية.
وفتح المجال للاستماع للمصرحين أو الشهود الذين بلغ عددهم تسعة 05 منهم من عناصر الأمن و02 من القوات المساعدة وآخرين مدنيين ، اعتبرهم الدفاع كشهود نفي ، واللذين وإلى جانب أفراد القوات المساعدة نفوا معرفتهم للمعتقلين على عكس رجال الأمن أكدوا مشاركة البعض من المعتقلين في الوقفة الاحتجاجية السلمية التي تم تفريقها بالقوة ، خصوصا بعد رفع المتظاهرين أعلام جبهة البوليساريو احتفاء بذكرى التأسيس كما جاء متضمنا في محضر الضابطة القضائية.
وقبل مناقشة الموضوع أعطيت الكلمة للنيابة العامة التي اعتبرت أن المتابعة يجب أن تعتمد بشكل مطلق على محاضر الضابطة القضائية وعلى ما صرح به الشهود مذكرة بأن المتهمين هم من دعاة ” الانفصال ” على حد تعبيرها مطالبة بمتابعة المعتقلين من أجل ما نسب إليهم وفق القانون.
ومباشرة بعد ذلك انطلق محامو الدفاع في مناقشة الموضوع مركزين على ظروف وملابسات الاعتقال التعسفي، الذي تعرض له المعتقلون بداية من 29 فبراير / شباط 2008 ، أي بعد 03 أيام من المظاهرة الاحتجاجية منبهين المحكمة أن ظروف التحقيق مرت في أجواء يطبعها الإتتقام وتصفية الحسابات بالشكل الذي وقع لمجموعة من المناضلين الحقوقيين الصحراويين بالعيون والسمارة / الصحراء الغربية ومراكش والرباط / المغرب في خضم المظاهرات التي تحمل شعارات سياسية ، والتي باتت مألوفة لدى القاصي والداني بالمنطقة منذ حوالي 03 سنوات ، حيث بدأت السلطات المغربية تفتح ملفات قضائية بتهم جنائية ضد متظاهرين يطالبون بحرية التعبير ، في وقت كانت تلجأ فيه إلى اختطاف العديد من المواطنين الصحراويين ورميهم في السجون السرية ، التي تم الكشف عنها بعد تضحيات جسام للمجتمع المدني في تنسيق مع المنظمات الحقوقية الدولية.
كما ركز الدفاع على الظروف الدولية التي تؤطر النزاع القائم بالصحراء الغربية ، والتي على أساسها فتحت المتابعات ضد معتقلين يتبنون مواقف سياسية تختلف عن موقف النظام السياسي القائم بالمغرب مذكرا بمجموعة من المحاكمات السياسية .
وارتباطا بما راج في الجلسة وضدا على ما صرح به ممثل الحق العام اعتبر الدفاع أن محضر الضابطة القضائية تشوبه العديد من النواقص وأن طبيعة المتابعة هي سياسية في أبعادها تسببت في الحرمان من الحرية وفي حرمان التلميذ ” عمار لفقير ” من اجتياز امتحانات الباكالورية السنة الفارطة ، بالرغم من توفره على شهادة مدرسية تثبت أنه كان وقت المظاهرة يتواجد بقسمه بثانوية محمد الخامس بمدينة طانطان / جنوب المغرب. ولم ينس الدفاع بأن يتطرق إلى التناقض الحاصل في شهادة المصرحين أو الشهود من عناصر الأمن ، الذين كانوا مرتبكين في جل تصريحاتهم ، التي جاءت بشكل انتقامي وأنها فقط تم إملاؤها من قبل مرؤوسيهم وهو ما لم يحصل مع شهود القوات المساعدة.
وفي رد على المذكرة التي تقدم بها محامي الدفاع للشرطي، الذي لقي حتفه بعد مضي ثلاثة أيام عن وقوع المظاهرات الاحتجاجية، والتي تضمنت حولي 800.000 درهم مغربية كتعويض ، أكد الدفاع أن عائلة الشرطي تمت مراسلتها من قبل أكبر سلطة في المغرب وتم منحها مبلغا ماليا ضخما قد لا يحلم به أي شرطي مع راتب شهري حدد في 8000 درهم ، فكيف لمعتقلين لا يملكون من رأس مالهم سوى الدفاع عن آرائهم أن يدفعوا هذا المبلغ الهائل على جرم لم يرتكبوه بشهادة كل المصرحين ، حيث أنهم ( أي الشهود ) لم يشيروا لا من قريب أو من بعيد أن أحدا من المعتقلين المتابعين قد رمى بحجارة أصيب على إثرها شرطي أدت فيما بعد إلى وفاته حسب ما جاء متضمنا في محاضر الضابطة القضائية.
وأخيرا رفعت الجلسة من أجل المداولة بعد نقاش حاد بين أحد المحامين ورئيس المحكمة حول مفهوم وماهي المناطق المتنازع عليها طبقا للمعايير الدولية والقانون الدولي مشيرا بطريقة استفزازية إلى كاتب الضبط بتسجيل أقوال محامي الدفاع ” سعيد أولزاز ” محامي بهيئة المحاماة بالرباط / المغرب.
وبعد مرور ساعتين نطق رئيس الغرفة الجنائية قضاء الدرجة الأولى بالأحكام التالية:
ـ رفض الدفعات الشكلية مضمونا وقبولها من ناحية الشكل.
ـ تبرئة المعتقلين من تهمة تكوين عصابة إجرامية ومؤاخذتهم من أجل التهم الأخرى مع اعتبار تهمة التحريض على العصيان وما ترتب عن ذلك تهما واردة في حق المدافع الصحراوي عن حقوق الإنسان ” يحيا محمد الحافظ إعزة ” .
ـ إدانة التلميذ والمعتقل السياسي الصحراوي ” عمار لفقير ” بسنة واحدة موقوفة التنفيذ، وهو حكم يجعله مفرجا عنه بعدما قضى حوالي 05 أشهر بالسجن المحلي بإنزكان .
ـ إدانة كل من المعتقلين السياسيين الصحراويين ” ميارة المجاهد ” و ” الناجم بوبا ” و ” محمود البر كاوي ” و ” سلامة شرافي ” و ” عبد الغني باني ” و ” محمد السالمي ” ثم ” الفقير لحسن ” بأربعة سنوات سجنا نافذا.
ـ إدانة المعتقل السياسي المدافع الصحراوي عن حقوق الإنسان ” يحيا محمد الحافظ إعزة ” ب 15 سنة سجنا نافذا.