9\12\2008
في العاشر من كانون الأول لعام 2008 تمر الذكرى الستون للإعلان العالمي لحقوق الإنسان: الإعلان الذي خلقه الوجدان الجريح للبشرية الخارجة للتو من مجزرة مريعة لم يشهد التاريخ لها مثيلا ، دفعت البشرية برمتها إلى إعادة النظر بتاريخ العلاقات فيما بينها والتأسيس لعلاقات جديدة تبدوا لوهلة أنها أسس رومانتيكية ، ومبنية على أرضية الأخلاق وانتماء البشر جمعيهم دون تفريق بين لون أو لون عرق أو أخر طبقة أو أخرى وبوصفهم بشرا إفرادا وجماعات إلى أس واحد ، إن الله أوجدنا على هذه الأرض شعوبا وأمما لنتعارف ونعيش مع بعضنا بعضا بمحبة وسلام ، وان الإنسان كائنا ما كان هو الإنسان خليفة الله على الأرض وهو الاسمي بين الكائنات وهو الأجدر بالحياة وان حقوقه سامية لا يجوز المساس بها أو الانتقاص منها أو المناورة عليها ، إنها حقوق تشعرنا بانتمائنا البشري وبكوننا كائنات ذات كرامة تستأهل هذه الحياة التي وهبتنا السماء إياها ، وكلنا إيمان بان الديانات السماوية قد جاءت لتؤكد هذه الفكرة النبيلة الإسلام والمسيحية واليهودية والبوذية وجميع الأديان الأخرى بدون تمييز ، تحمل في جوهرها الدفاع عن التسامح والنبل والكرامة البشرية ، والاهم أنها تدعوا إلى السلام بين البشر، إن روح الأديان تكمن في ثلاثة أفكار أساسية هي التسامح والسلام بين البشر وكرامة البشر التي تكمن في حريتهم كإفراد أولا .
منذ ستين عاما واجهت البشرية ذاتها لتعترف بصورة واضحة بان الكون لا معنى له دون وجود الإنسان كفرد أولا و أن شروط وجود الإنسان كفرد هي بتحقق حقوقه كمنظومة متكاملة لا نقاش فيها تكمن في جوهرها حرية الإنسان وكرامته.
وان كانت الفكرة قد بدأت بالحقوق الفردية إلا انه ومع نضال ألاف البشر والانجازات التي تحققت على صعيد تكريس هذه الحقوق باعتبارها ثقافة إنسانية وفلسفة تشكل ركنا أساسيا في الفسيفساء الثقافية والسياسية للبشر ، لم تتوقف عملية التطور لمنظومة حقوق الإنسان عند الحقوق الفردية فقط بل تطورت مع تفتح هذا الوعي البشري وتطور الفكر الديمقراطي لتتضمن حقوق المجموعات والمجتمعات والشعوب أيضا.
وخلال مرحلة النضال توضح للجميع انه لا يمكن للبشر أن يعيشوا بحرية وكرامة إذا لم يحافظوا أيضا على بيئة كوكبنا الجميل نظيفة خالية من التلوث ، وضرورة الحفاظ على الكائنات الأخرى وعلى النباتات وشكل الحياة الطبيعية برمتها ، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن وجود البشر ذاته مهدد بالفناء مالم نحافظ على بيئة هذا الكوكب بكل الإمكانات والجدية المطلوبة .
وفي العالم العربي لاتزال حقوق الإنسان تمتهن وتنتهك في غالبية البلدان العربية ، وتتراجع في بلدان عربية أخرى ، بينما تحاصر إسرائيل قطاع غزة في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي ، ضاربة عرض الحائط بأبسط قواعد حقوق الانسان عرض الحائط .
وفي سوريا حيث لا تزال حقوق الإنسان منتهكة على أكثر من صعيد ،وفي 10 -12 -1989 أينعت وردة في ارض قاحلة زهرة دمشقية رائعة إنها لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا هذه المنظمة التي دافع مناضلوها وعبر عشرون عاما تقريبا عن حقوق الإنسان في سوريا : حيث مرت في تجارب مريرة دفع خلالها عشرات المناضلين الأشاوس من حياتهم وجهدهم ومالهم كل غال ورخيص في سبيل الدفاع عن حقوق الإنسان السوري، تحية إلى كل المناضلين والمناضلات الذين عملوا في صفوف لجان الدفاع عن الحريات خلال كل هذه السنوات القاسية ، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الزملاء ” نزار نيوف و اكثم نعيسة ” رئيس اللجان الحالي ” وعفيف مزهر و جديع نوفل وحازم نهار وخولة دنيا ونزار رستناوي واحمد خازم وغياث نعيسة و حسيبة عبد الرحمن وثابت مراد ومحمد حبيب وبسام الشيخ وعشرات غبرهم لا تتسع الصفحات لذكرهم ، نقول بكل امتنان شكرا لكم جميعا ، وشكرا لكل من وقف إلى جانبنا أفرادا ومنظمات وأحزاب داخل وخارج سوريا في الأوقات الصعبة.
لقد مررنا بتجارب مريرة وقاسية لا يتسع المجال لذكرها وأصبنا وأخطأنا في كثير أو قليل من المواقف ، إلا أن الكبوة الأقسى على اللجان تجلت في الانشقاق الذي حدث بفعل ظروف موضوعية تتلخص في تراجع نشاطات حركة حقوق الإنسان على المستوى العالمي مما أدى إلى انحطاط في أسلوب عمل بعض المنظمات الدولية ودفعت الكثير ممن لا علاقة لهم بحقوق الإنسان إلى الصفوف الأمامية لغالبية هذه المنظمات ، أدى إلى ترك المناضلين المؤمنين بحقوق الإنسان وطردهم إلى خارج الحلبة العالمية للحركة الحقوقية ، وانعكاس كل ذلك على الحركة السورية التي أيضا تراجع دورها ونشاطها وتدهورت أحوالها بدءا من عام 2006 حتى وصلت ألان إلى اسؤا حال من التمزق والتشتت والوهن والضعف ، حتى ليظن المرء أن لااثر لها إلا في بيان هنا أو بيان هناك ، وكانت لجان الدفاع واحدة من ضحايا هذا الانحطاط العام وأيضا واحدة من ضحايا التدخلات الداخلية والخارجية أوقعت جزءا من زملائنا في شرك داخلي خطير أو خارجي تجلى في وقوعهم بين أحضان منظمات مشبوهة في علاقاتها ، ساهم في ذلك ويصوره أساسية ضعف الثقافة الحقوقية والسياسية لهؤلاء الزملاء الأمر الذي دفعهم للاعتقاد بان قيادة اللجان هو امتياز المسئولية وتصرفهم على هذا الأساس .
وفي ظل هذا الوضع المتدهور والخطير لحركة حقوق الإنسان السورية ، تطرح مسالة الخروج من الأزمة كمهمة نضالية حقوقية وسياسية واجتماعية ، ولعل التجربة قد أثبتت بما لا يقبل الجدل على أن الشقاق والتفا رق وروح الإقصاء ومحاولات العزل أو الحط من قيمة بعضتا البعض لاينال من الجزء المقصي أو المستهدف بقدر مايضعف وينال من العمل الجمعي أولا وأخيرا.
إننا وللمرة الإلف ندعوا جميع القوى الخيرة في سوريا إلى أن تتضافر جهودها للنهوض بحركة حقوق الإنسان السورية والعمل من اجل إرساء قواعد جديدة ونظيفة للعمل الحقوقي ينسى الماضي ويبدأ بنا من جديد.
مجلس أمناء لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا
لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا
www.cdf-sy.org
info@cdf-sy.org