29/3/2007

تعرب منظمات المجتمع المدني الموقعة على هذا النداء عن مخاوفها العميقة إزاء استمرار غالبية الحكومات في العالم العربي في الالتفاف على مطالب شعوبها في الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي.

وتأسف هذه المؤسسات لأن تعلن أن قوى الاستبداد في عالمنا العربي التي راهنت على قدرتها على إحباط تطلعات شعوبها وعلى كبح الضغوط الخارجية التي انطلقت منذ نحو خمس سنوات تحت دعوى مقرطة العالم العربي ومكافحة الإرهاب، تتأهب الآن لتحصين مواقعها وتشديد قبضتها الأمنية، للجم مظاهر الحراك السياسي والمجتمعي التي شهدتها عديد من البلدان العربية.

يظهر ذلك جليا في مصر في التخلي عن حالة التسامح النسبي تجاه الخصوم السياسيين وتجاه حريات التعبير، كما يظهر كذلك عبر تعديلات دستورية تقود إلى تحصين الإجراءات البوليسية الاستثنائية باسم مكافحة الإرهاب من أية مطاعن، وتقوض الإشراف القضائي على الانتخابات، وتكرس سلطات رئيس الجمهورية في حل المجالس التمثيلية. كما يظهر ذلك جليا في مسلسل الملاحقات والمحاكمات الجائرة بحق النشطاء السياسيين والمدافعين عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا، وتونس والبحرين والإمارات، وإغلاق العديد من المواقع الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت في عدد غير قليل من البلدان العربية.

وتحذر المنظمات الموقعة من أن استمرار التحايل على مطالب الإصلاح الديمقراطي، ينذر بتحول مزيد من البلدان العربية إلى ساحة للعنف الدموي والإرهاب، والاحتراب الأهلي الذي يؤججه الصعود المتزايد للهويات والتوترات الطائفية والمذهبية كنتاج طبيعي للخنق المنهجي للحراك السياسي والحياة الحزبية طيلة عقود مضت والإخلال بقيم المواطنة، واتجاه الدولة العربية أكثر فأكثر إلى توظيف الدين في تكريس مشروعيتها السياسية، وهو ما آل عمليا إلى “تديين الفضاء السياسي” في الغالبية العظمى من البلدان العربية، وفاقم من مظاهر التعصب والتطرف داخل المجتمعات العربية، بكل ما يرتبه ذلك من ضغوط هائلة وبخاصة على حقوق النساء وعلى حريات التعبير والفكر والاعتقاد.

وتلاحظ المنظمات الموقعة في هذا السياق إن انعقاد قمة الرياض يأتي في الوقت الذي يبدو فيه العراق عاجزا عن قطع الطريق على حرب أهلية مدمرة، وتتواصل فيه مواجهات مسلحة بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي في إقليم صعدة، وتتواصل الانتهاكات الجسيمة في إقليم دارفور بالسودان، ويلوح شبح الحرب الأهلية مجددا في لبنان تحت تأثير الاعتبارات الإقليمية والسياسية والطائفية، التي تدفع بعض الأطراف داخل الساحة اللبنانية إلى التجييش ورفض الاحتكام للقواعد الديمقراطية وتعطيل المؤسسات الدستورية، وفيما نجحت الوساطات العربية في حقن الدماء الفلسطينية -ولو إلى حين- فإن المؤشرات ترشح عددا من البلدان في مقدمتها مصر والسعودية والبحرين وسوريا لمزيد من التوترات الطائفية، التي من المحتمل أن تكتسي طابعا عنيفا.

وانطلاقا من الحرص على تجنيب بلادنا مغبة مستقبل أكثر إظلاما، فإننا نضع أمام القادة العرب النظر بجدية في التوصيات التالية:

أولا: ينبغي على الحكومات العربية أن تتحمل مسئولياتها تجاه مواطنيها وتجاه مستقبل الأجيال القادمة، وأن تعلن عبر قمة الرياض، التزاما حقيقيا بإعطاء الأولوية لقضايا الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي، وهى مدعوة للبرهنة على جدية توجهاتها بوضع برامج واضحة المعالم ومربوطة بتوقيتات زمنية محددة تضمن إنجازا حقيقيا لبرامج شاملة للإصلاح الدستوري والتشريعي، وتجديد الخطاب الديني ونشر ثقافة الديمقراطية، وتضع حدا لظواهر الإفلات من العقاب على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتأخذ في اعتبارها مجمل التوصيات التي سبق طرحها في هذا السياق من قبل مؤسسات المجتمع المدني على قمة تونس 2004، وقمة الخرطوم 2006.

ثانيا: فيما يتعلق بالعراق:
يعرب الموقعون عن إدانتهم لمختلف أشكال الخروج عن القانون، وأعمال العنف والاختطاف والقتل المرتكبة بحق المدنيين، سواء تلك المرتكبة من قبل الحكومة أو قوات الاحتلال أو من قبل الميليشيات الطائفية المسلحة والعصابات الإرهابية والتكفيرية. ويدينون في الوقت ذاته تواطؤ الحكومة على إسناد بعض المسئوليات الأمنية إلى بعض الميليشيات الحزبية والطائفية والتستر على ما ترتكبه هذه الميليشيات من جرائم تقوض فرص بناء دولة القانون والمؤسسات. ويدعون في هذا الصدد السلطات العراقية إلى ما يلي:

1-

    • التصدي الحازم لكافة الانتهاكات الجسيمة لحقوق المواطنين ومحاسبة مرتكبيها وتعويض ضحاياها.

2-

    • العمل على إعادة هيكلة وتأسيس جهازي الشرطة والجيش على أسس مهنية لا على أساس الولاءات والحزبية أو القومية ودعوة كافة الميلشيات المسلحة إلى تسليم أسلحتها والانخراط في العمل السياسي بصورة سلمية.

3-

    • إن مقتضيات استعادة الاستقرار والأمن تقتضي جهودا حثيثة من قبل الحكومة العراقية وجامعة الدول العربية ودول الجوار، للدفع باتجاه المصالحة الوطنية بين مختلف أطياف المجتمع العراقي، على أساس من احترام التنوع والتعددية والتصدي الحازم لمختلف صور الفساد الذي استشرى مستظلا بحالة التقاسم الطائفي والحزبي لمؤسسات الدولة وإعادة النظر في العديد من نصوص الدستور العراقي التي مهدت الطريق لتفكيك الدولة العراقية. وأسهمت في تأجيج الولاءات على أسس عرقية أو دينية أو مذهبية.

4-

    وضع جدول زمني لانسحاب القوات متعددة الجنسيات، واضطلاع الأمم المتحدة بدور أساسي في عملية إعادة بناء الدولة العراقية.

ثالثا: فيما يتعلق بالمسألة الفلسطينية:
يجدد الموقعون على هذا النداء دعمهم الكامل لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، وحق أبنائه في الشتات في العودة إلى وطنهم، ويدينون استمرار التواطؤ الدولي على الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، ويعربون عن أسفهم إزاء الصمت الدولي تجاه ما أقدمت عليه سلطات الاحتلال مؤخرا من حفريات في محيط المسجد الأقصى، واقتحامها ساحات المسجد وتفريق المصلين فيه بالقوة، وينظرون إلى هذه الإجراءات باعتبارها تشكل انتهاكات خطيرا لقواعد القانون الدولي الإنساني والقرارات الدولية المتعلقة بالقدس. وتعكس نزوع إسرائيل لمواصلة مخططات تهويد مدينة القدس العربية، وطمس أبرز معالمها العربية الإسلامية، ويدعون إلى تضافر جهود أطراف النظام العربي ومؤسسات المجتمع المدني العربية للتصدي لتلك المخططات، وحفز منظمة اليونسكو على تحمل مسئولياتها القانونية في حماية المعالم المقدسة بالمدينة.

وترحب المنظمات الموقعة على هذا النداء بالنجاح الذي حققته الوساطات العربية في وقف الاقتتال الفصائلي، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية. وتؤكد في الوقت ذاته على أن المواجهة الحازمة لمشكلات الانفلات الأمني، وفوضى السلاح، تقتضي فضلا عن تهيئة السبيل لحوار وطني بين الفصائل الفلسطينية:1-

    • التصدي الحازم لانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من أي من الفصائل الفلسطينية، ووضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب التي هيأت السبيل لتفشي العنف الداخلي.

2-

    • اتخاذ التدابير اللازمة لإجراء تحقيقات عادلة ونزيهة في كافة أعمال القتل والاختطاف وتعريض أرواح وممتلكات المدنيين للخطر وتقديم المسئولين عنها للعدالة.

3-

    إعادة هيكلة أجهزة الأمن، بما يضمن النأي بها عن السيطرة الفصائلية، وبما يضمن إعادة بنائها على أسس مهنية.

رابعا: فيما يتعلق بالنزاع المسلح في دارفور:

يؤكد الموقعون على النداء أن وضع حد نهائي للجرائم المتواصلة بحق سكان إقليم دارفور يقتضي:

1- دعوة الحكومة السودانية ومختلف المجموعات المسلحة إلى الإيقاف الفوري لكافة الأعمال العسكرية.

2- دعوة الحكومة السودانية للوفاء بالتزاماتها بموجب القرارات الدولية وما آلت إليه المفاوضات من اتفاقات وبخاصة:

  • التجاوب بصورة فعالة في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1706 الخاص بنشر قوات دولية في دارفور، كخطوة ضرورية لتأمين الحماية الواجبة للسكان المدنيين.
  • نزع سلاح مليشيات الجنجاويد التي تعمل بالتنسيق مع الحكومة السودانية.
  • تأمين قوافل الإغاثة الإنسانية وتوفير مناخ آمن ومستقر لعمل منظمات وفرق الإغاثة الإنسانية.

التعاون الكامل من قبل الحكومة السودانية مع المحكمة الجنائية الدولية وتسهيل عمل المدعي العام المكلف بالتحقيق في الجرائم المرتكبة بالإقليم. ويرحب الموقعون في هذا الإطار بطلب المدعي العام بالمحكمة إصدار مذكرة استدعاء بحق اثنين من المسئولين المشتبه في ارتكابهما جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية بالإقليم، ويأمل الموقعون بالتجاوب من قبل الحكومة مع هذه الخطوة، باتخاذ التدابير اللازمة لضمان مثولهم أمام المحكمة كخطوة أولى على الطريق الصعب، لتحقيق العدالة لضحايا هذه الجرائم.

3- يشدد الموقعون على أن التوصل إلى سلام واستقرار حقيقي للأوضاع بإقليم دارفور يقتضي العمل من قبل مختلف الأطراف السودانية والإقليمية والدولية، نحو تطوير اتفاق أبوجا للسلام، آخذا في الاعتبار العديد من التحفظات التي أثارتها بعض الفصائل الدارفورية. ويؤكد الموقعون أن ضمان اتفاق سلام عادل ومستدام في دارفور، يقتضي أن يأخذ بعين الاعتبار:

    • ‌أ) ضرورة تأمين المشاركة في السلطة والثروة على أسس ومعايير الكثافة السكانية.

    • ‌ب) الالتزام بمبدأ التعويض الفردي العادل لكل ضحايا النزاع في دارفور.

    ‌ج) التأكيد على مبدأ المحاسبة عن مجمل الانتهاكات الجسيمة التي شهدها إقليم دارفور.

المنظمات الموقعة

1. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
2. البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان.
3. برنامج حقوق الإنسان بمؤسسة الإمام الخوئي – العراق.
4. الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات.
5. جمعية المساعدة القانونية لحقوق الإنسان – مصر
6. الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي.
7. الجمعية الموريتانية لحقوق الإنسان.
8. المنظمة السورية لحقوق الإنسان.
9. المنظمة العربية للإصلاح الجنائي.
10. المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان (حقوق) – لبنان.
11. المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.
12. المنظمة المغربية لحقوق الإنسان.
13. المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
14. المركز السعودي لحقوق الإنسان والديمقراطية.
15. المركز السوري للإعلام وحرية التعبير.
16. المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.
17. المركز المصري لحقوق المرأة.
18. جماعة تنمية الديمقراطية – مصر.
19. جمعية حقوق الإنسان أولاً – السعودية.
20. جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء – مصر.
21. جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان.
22. جمعية شموع لحقوق الإنسان ورعاية المعاقين – مصر.
23. دار الخدمات النقابية والعمالية – مصر.
24. لجنة احترام حقوق الإنسان والحريات بتونس.
25. مركز الأرض لحقوق الإنسان – مصر.
26. مركز البحرين لحقوق الإنسان.
27. مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف – مصر.
28. مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف – مصر.
29. مركز حابي للحقوق البيئية – مصر.
30. مركز دراسات التنمية البديلة – مصر.
31. مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان.
32. مركز هشام مبارك- مصر.
33. ملتقى المجتمع المدني – اليمن.
34. منتدى الحقيقة والإنصاف – المغرب.
35. منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان – اليمن.
36. مؤسسة المرأة الجديدة – مصر.