4/10/2007
تتوجه لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية بالتحية والتقديرإلى المدرس والأسرة التعليمية السورية ،بمناسبة اليوم العالمي للمدرس يوم 5 تشرين الأول/ أكتوبر 2007 والذي يصادف مرور 41 سنة (5 أكتوبر 1966) على إقرار هذا اليوم تطبيقا لتوصية مشتركة بين اليونسكو ومنظمة العمل الدولية في مؤتمر للحكومات بشأن التربية سنة 1966 ,حيث جاءت هذه التوصية للاحتفاء بالمدرسين و تقديرا للخدمات النبيلة التي تقدمها هذه الفئة من المجتمع، والاعتراف بأهميتهم في إنشاء مجتمعات التعلم والمعلومات والمعرفة وبتقديم مطالبهم وإسماع صوتهم للتأثير في القرارات المتعلقة بالعمليات التعليمية المطالبين بتطبيقها ,وإجلالا للجهد والعطاء الذي يساهمون به في عملية التنمية المستدامة .
إن الذين يزاولون وظيفة التدريس في سورية يعيشون في ظروف متسمة بالصعوبة والتعقيد، ويعملون في بيئات مختلفة،يزداد فيها أوجه التفاوت الاجتماعي ,وانتشار المعاناة من ظواهر مثل الحرمان من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية,و ترافق ذلك مع عجز الحكومة عن خفض عدد الذين يعيشون في فقر مدقع تخفيضا ملموسا، وتقليص معدلات الأمية وعدم المساواة والتمييز المرتبط بالفقر,علاوة على أن المناخ العام في سورية والمتمثل بالعمل الطويل بحالة الطوارئ والأحكام العرفية ، والمحاكم والقوانين الاستثنائية ،والذي أدى إلى ضمور الجسد السياسي ومؤسسات المجتمع المدني المستقلة ، المتسق مع ضمور سيادة القانون أو اضمحلالها ،وانتشار الفساد ( حيث أظهر “مؤشر مدركات الفساد 2007 الذي أصدرته منظمة “الشفافية الدولية” يوم الأربعاء26/10/2007 أن سورية جاءت في المرتبة 138 من أصل 180 دولة ) . مما أدى إلى “الفوضى والعشوائية والارتجال والاعتباط والتسيب وانحلال عرى التنظيمات والعلاقات الاجتماعية والسياسية، وتهتك منظومة الأخلاق العامة، أو الأخلاق العملية، (وهذا كله نقيض القانون) وحلول الامتيازات محل القوانين، وحلول مبدأ الولاء الحزبي أو الشخصي محل مبدأ المواطنة ومحل مبدأ الكفاءة والجدارة والاستحقاق، وحلول المصالح الشخصية والخاصة محل المصلحة الوطنية العامة، ونزع الطابع الوطني، الجمهوري، العام، أي المجتمعي، عن الدولة ومؤسساتها، وطبعها جميعاً بطابع الحزب الواحد والرأي الواحد واللون الواحد، مما أنتج معيقات عميقة وجدية وحقيقية أمام عمليات الإصلاح السياسي والقانوني والتربوي، كل هذا ترك مرتسماته العميقة على المدرس والعملية التربوية برمتها .
ورغم أهمية هذا القطاع الحيوي في المجتمع ، الذي يعتبر إحدى القطاعات المعبرة على مدى تقدم المجتمعات ، واهتمام الحكومات بتنمية هذه المجتمعات وتقدمها وازدهارها ، إلا أن هذا القطاع كما باقي القطاعات في سورية يعاني من حالة التردي الشديد التي تطبع التعليم ، ومن أهم تمظهراتها:
النقص الحاد في البنية التحتية للعملية التعليمية ، إضافة لمعاناة المعلمين والمدرسين من أوضاعهم الاقتصادية المتردية، إضافة لاستمرار المناهج التعليمية المتخلفة عن مواكبة التقدم والتطور العلمي ، وهيمنة الأيدولوجيا التقليدية في النظرة إلى المرأة في المنهاج التعليمي ,وكذلك هيمنة أيديولوجيا حزب البعث على المنهاج التعليمي والعمل على بعثنته تاريخيا، بما يتوافق مع التوجهات العامة للسلطة ، إضافة للهيمنة البعثية على المنظمات ( منظمة طلائع البعث، اتحاد شبيبة الثورة، الاتحاد الوطني لطلبة سورية) وهي عملية منظمة يتم عن طريقها بعثنة الأجيال القادمة ، ومصادرة خياراتها ووعيها بما ينسجم مع التوجهات الأيديولوجيا لحزب البعث القائد للدولة والمجتمع إضافة لانتشار الفساد في المؤسسات التعليمية كافة ، كتعبير واضح عن عمق وانتشار الفساد في سورية، ولا ننسى الهيمنة من قبل السلطة على نقابة المعلمين ، التي تحولت كباقي النقابات مؤسسات تابعة للسلطة التنفيذية ، مما أفقدها مصداقيتها لدى قطاع المدرسين والمعلمين .
من هنا يشكل قطاع التعليم وكوادره الركن الأساس في مسار الإصلاح في سورية والذي لا يمكن ، بحكم بنية السلطة أن يكون إصلاحا جزئيا ، بل هو مسار متكامل بحاجة بشكل أساسي لجملة من الإصلاحات الدستورية / القانونية، والسياسية /الاقتصادية ، وإصلاحات أساسية تطال قطاع التربية والتعليم ، ليتمكن المجتمع من السيطرة على موارده وقدراته وإمكانياته, وتمكين المجتمع و عبر الأقنية الديمقراطية من التعبير عن نفسه اجتماعيا و سياسيا و اقتصاديا,وإشاعة التقدم التقاني وتسهيل معاملاته,وإتاحة الفرص للإنسان \المواطن لأن يثق ويبرز قدراته على التحكم والإبداع والمشاركة في مسارات التغيير لصالح أهداف المجتمع ومصالحه . في هذا السياق تأتي ضرورة العمل على تنمية قدرات المؤسسات التربوية والتعليمية لزيادة فاعليتها ورفع مستوى أدائها حتى تتمكن من إنجاز الأهداف والواجبات الملقاة على عاتقها,وكي يتكامل عملها في ذلك ويرتبط ارتباطا وثيقا بالنمو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ,مما يتطلب تعزيز سلطة دولة القانون ذات النزوع الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان ، وتقوية درجة ونطاق المشاركة في العملية السياسية في إطار التنسيق والتفاهم والاتصال بين المواطنين والنظام السياسي ككل ,وزيادة فاعلية المؤسسات والهيئات المدنية ,وتنمية الوعي الديمقراطي لدى المواطنين الذين هم أعضاء المجتمع ماديا وقانونيا.حيث ثمة ربط لا يمكن فك عراه بين الديمقراطية و حقوق الإنسان و التنمية المستدامة والتقدم في مجال التربية والتعليم .
إن ل.د.ح في إطار الاهتمام الذي توليه لحقل التربية والتكوين ونشر قيم وثقافة حقوق الإنسان في الوسط المدرسي، سواء من حيث عملها ونشاطها أو من خلال أدبياتها, أو من خلال الدراسات والتقارير التي أنجزتها في موضوع تعليم حقوق الإنسان، تغتنم هذه المناسبة لتوجيه أقدر التحيات للأسرة التعليمية المتفانية في أداء مهامها من أجل إعمال الحق في التعليم، كما تراهن اللجان والحركة الحقوقية عامة على هذه الفئة لما تمتلكه من إمكانيات وقدرات كبيرة للعمل من أجل التصدي لكل القيم المتعارضة مع مبادئ وقيم حقوق الإنسان، من نبذ للعنف والتعصب والكراهية والانغلاق، وإشاعة قيم التسامح و الحرية والعدالة والمساواة وجعل المؤسسات التعليمية فضاء لحرية الرأي والإبداع كما هي منصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية حقوق الطفل واتفاقية مناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة وكافة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
ولتمكين نساء ورجال التعليم وكافة الأطر والعاملين والعاملات بالحقل التربوي والعملية التربوية في سورية,ومن أجل إسهامهم الضروري في عملية التنمية المستدامة, فإننا في لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية , نتوجه إلى الحكومة السورية بالمطالب التالية:
- العمل على الاستجابة للمطالب المادية والمعنوية لكافة العاملين في قطاع التعليم وتدارك سلبيات الوضع الاقتصادي والاجتماعي الخاص بالمدرسين, والعمل على إيلاء أهمية خاصة لإصلاح أوضاعهم, بما يضمن كرامة المدرس ويصون حقوقه وحرياته, من منظور أن كرامة المدرسين أساس جودة التعليم التي بدونها لايمكن الرهان على إنجاز أهداف التنمية المستدامة.
- وضع استراتيجيات واضحة من أجل دعم وتطوير المؤسسة التعليمية بما يجعلها تشكل لبنة أساسية في انبثاق مجتمع الديمقراطية والحداثة ويحتل فيها المدرسون: الجنود المجهولون، المكانة التي يستحقونها كفاعلين أساسيين للتنمية في إشاعة التنوير وثقافة التسامح والحوار والمواطنة وحقوق الإنسان.
- الاستمرار الجدي في العمل : بمبدأ إلزامية ومجانية التعليم المضمون بموجب المواثيق الدولية ذات الصلة بالحق في التعليم ,والعمل على إعادة تأهيل المدارس الحكومية,عبر دعمها بكافة الوسائل والتقنيات الحديثة وكافة الوسائل الخدمية, والحد من التفويت المستمر لهذا القطاع الحيوي بالنسبة لشريحة واسعة من المواطنين السوريين,.
- ضمان استقلال نقابة المعلمين عن السلطة التنفيذية وإعادة الاعتبار لها لتشكل التعبير الحقيقي للدفاع عن مصالح وحقوق المعلمين والمدرسين .
- إن مشكلة نقص الأبنية المدرسية مشكلة خطيرة ودورها في تردي العملية التربوية وانخفاض المستوى التعليمي كبير . وهي مشكلة مادية في الدرجة الأولى ويمكن المساعدة في حلها بإشراك القطاع الخاص، والترخيص لمدارس خاصة يذهب إليها الراغبون والقادرون على دفع التكاليف وضمن معايير تصفها وزارة التربية خاصة وقد تم الترخيص لجامعات خاصة . إن مثل هدا الأجراء من شأنه أن يخفف كثيرا من الضغط على المدارس الحكومية ويساهم في حل مشكلة نقص الأبنية .
- إحداث أقسام للمخابر والمكتبات والوسائل التعليمية في مديريات التربية تكون مهمتها إعداد العاملين في هده المجالات ، والإشراف على تجهيز المخابر والمكتبات والوسائل الأخرى بشكل يربطها بالمناهج والقرارات الدراسية ، ووضع الخطط لاستثمارها . بحيث لا يظل أمين المخبر أو أمين المكتبة مجرد معلم جيء به لأنه لم يعد قادرا على العمل في الصف أو جاء هو بوساطة لكي يجلس بلا عمل ويقبض راتبه في آخر الشهر .
- تنشيط دور الموجهين التربويين والموجهين المختصين في متابعة اهتمام المعلمين والمدرسين بالوسائل التعليمية والاستفادة منها .
- بالإضافة إلى الخطوة الهامة التي قامت بها وزارة التربية بإلغاء معاهد المعلمين وإحداث قسم {معلم صف} في كلية التربية وريثما تحقق هده الخطوة النتائج المرجوة منها يمكن تطوير مديرية التدريب المستمر وإعادة النظر في كوادرها وأساليب عملها بحيث تتمكن من تقديم تأهيل جاد وحقيقي للمعلمين والمدرسين غير المؤهلين تربويا ، بحيث تشمل دورات التأهيل خبرات في طريق التدريس وعلم النفس التربوي وعلم نفس الطفولة والمراهقة . والاقتصار في مسابقات إلقاء المدرسين على حملة دبلوم التأهيل التربوي . وإجراء اختبارات خاصة لإبقاء المدرسين والمتقدمين للانتساب إلى كلية التربية { مقابلات مع لجان خبراء – استخدام روائز خاصة } لتحديد مدى صلاحية المتقدمين للعمل في التعليم .
- النظر إلى الإدارة على إنها خدمات عامة وتخصص وعدم اعتبارها منصبا ٌ أو مكافأة أو امتيازاٌ شخصياٌ . وإحداث جهة في وزارة التربية تقوم بإعداد المدراء وعناصر الجهاز الإداري وتأهيلهم وتزويدهم بالخبرات اللازمة على أن يتم انتقاؤهم بطرق موضوعية على أساس الكفاءة والقدرات الخاصة دون أي اعتبار آخر .
- تطوير وتعميم وظيفة المشرف الاجتماعي للمساهمة في تنمية شخصيات المتعلمين ومساعدتهم في حل مشكلاتهم النفسية والاجتماعية.
- تجهيز وإمداد المكتبات المدرسية بالمراجع التربوية وبأحداث المنشورات في مجال التربية وعلم النفس التربوي لمساعدة العاملين التربية في متابعة التثقيف الذاتي.
- تغيير نماذج الأسئلة بحيث يتم الجمع بين أسلوب المقال المتبع حاليا والأسئلة الموضوعية .
- عدم الاقتصار على الامتحان الأخير كمعيار وحيد للتقويم وإيجاد وسائل إضافية لتقويم عمل الطالب ومستواه خلال العام الدراسي وجمع النتائج مع درجات الامتحان النهائي للحصول على معدل أكثر موضوعية .
- ونتوجه الى الحكومة السورية من اجل اتخاذ اجراء حقيقي بتشكيل شبكة وطنية للتربية على حقوق الانسان تضم ممثلين لمختلف المنظمات الحقوقية في سورية بالتشارك مع ممثلين للحكومة السورية ,وتشكيل فرق عمل مشتركة تهتم بمختلف مجالات التربية على حقوق الإنسان (الأندية الحقوقية، المخيمات الحقوقية، البرامج والمناهج، الكتب المدرسية، السياسة التعليمية…). والعمل على عقد دورات تدريبية وطنية، جهوية ومحلية لتقوية أداء وقدرات مختلف العاملين في مجال التربية والتعليم.والعمل على عقد ملتقيات وطنية سنوية لتبادل الخبرات والتجارب في مجال التربية على حقوق الإنسان. وتوسيع هذا العمل في مجال التربية على حقوق الإنسان إلى كافة المؤسسات التعليمية، دور الشباب وفضاءات المركزيات النقابية.و المطالبة بالحق في وسائل الإعلام كآلية من الآليات لنشر الثقافة الحقوقية بين أوسع قطاعات المجتمع.
- ونتوجه إلىجميع مكونات المجتمع السوري من مؤسسات حكومية وغير حكومية وقطاع خاص ومؤسسات وهيئات المجتمع المدني ليس بتقديم الاحترام والتكريم الواجبين لأسرة التعليم، وإنما المساهمة الايجابية للنهوض بالمؤسسة التعليمية وذلك لما لها من دور في إشاعة قيم المواطنة والهوية والإبداع، وبالتالي لأن في ذلك نهوضا بالمجتمع ككل في اتجاه التقدم والاستقرار والازدهار.
- تحية إجلال وتكريم لهذه الفئة العريضة التي تقوم بوظيفة نبيلة لاغنى عنها والعسيرة في الغالب والمتسمة بالتضحية الذاتية من أجل توفير التعليم الجيد ,وإسهامهم الفعال في تنمية المجتمع ومقدراته.