17/10/2007

إن لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية,تحيي اليوم الدولي للقضاء على الفقر,في 17تشرين الأول من كل عام والذي صدر بقرار من الأمم المتحدة منذ عام 1993. وبهذه المناسبة، فإن الملايين من البشر,وفي العديد من بلدان العالم, ينزلون إلى الشوارع من أجل التعبير عن احتجاجهم على انتشار الفقر بمختلف مظاهره ــ رغم ما وصلته الإنسانية من تقدم تقني وعلمي ومن قدرات على الإنتاج وعلى تلبية حاجيات كل الناس ــ وللتعبير عن تضامنهم مع الفقراء عبر العالم وعن عزمهم على محاربة الفقر واستئصال جذوره المتجسدة في في العلاقات الدولية غير المتوازنة, وفي الاستغلال الاقتصادي الذي يسمح بمراكمة الثروات الخيالية من طرف الأغنياء وترك مئات الملايين من البشر فريسة للعطالة والفقر والجوع والمرض والجهل ومختلف أشكال البؤس.

ولم تساهم أهداف الألفية للتنمية في تراجع الفقر كما تم برمجة ذلك من طرف الأمم المتحدة، بل إن المجهودات المبذولة نتج عنها بدورها ازدياد الفوارق بين مختلف البلدان وداخل كل بلد وبين المواطنين .

وتشارك الحركة العالمية للدفاع عن حقوق الإنسان بدورها في إحياء اليوم الدولي للقضاء على الفقر، هذا الوباء الذي يشكل مصدرا أساسيا لانتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تقرها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

وفي سورية، يعاني الآلاف من المواطنات والمواطنين من مشكلة الفقر ، فبحسب الكثير من التقارير، إن متوسط أجر العامل الواحد في سورية أقل من 5000 ل.س شهرياً وإذا علمنا أن عدد السعرات الحرارية التي يحتاجها المواطن كي يبقى على قيد الحياة هي بحدود 2400 حريرة يومياً تصل تكلفتها الشهرية إلى 1695 ل.س شهرياً وباعتبار أن متوسط حجم الأسرة السورية هو 5 أفراد، ينتج عن ذلك أن إنفاق الأسرة المكونة من 5 أفراد على السلع الغذائية التي تسمح بتأمين 2400 حريرة يومياً لكل من أفرادها يساوي قرابة 9500 ل.س شهرياً وإذا أضفنا إلى ذلك إنفاق الأسرة على السلع غير الغذائية للحياة اليومية العادية فإننا نجد أننا بحاجة-وبشكل تقريبي- إلى 24 ألف ل.س شهرياً وهو الحد الأدنى لمستوى المعيشة الذي لا يؤمن للأسرة السورية أكثر من مستوى الكفاف, فالزيادات التي طالت الأسعار في السوق الداخلية وانخفاض القوة الشرائية الحقيقية أدت فعلياً إلى تآكل القيمة الحقيقية للرواتب والأجور، الأمر الذي يدل بوضوح تام على المعاناة غير المحدودة لذوي الدخل المحدود بصورة خاصة. وإن 70% من العاملين في الدولة لا تغطي أجورهم وسطي تكاليف الإنفاق على المواد الغذائية فقط ،علماً أن وسطي رواتب العاملين في الدولة وبعد زيادات الرواتب الأخيرة يعادل 6 آلاف ل.س شهرياً..

وكانت دراسة ذكرت أن نسبة 11.4 % من السكان في سورية تعيش تحت خط الفقر الأدنى المرتبط بالاحتياجات الأساسية للمجتمع في حين أن نسبة 30.1% منهم يعيشون تحت خط الفقر الأعلى المرتبط بتأمين السكن ,وبذلك يمكن القول أن حوالي ثلث سكان سورية تتعرض للانتهاك السافر لحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي مقدمتها الحق في التنمية والحق في الشغل وحقوق العمال والحق في الصحة والتعليم والسكن اللائق والعيش الكريم والبيئة السليمة, عدا عن انتهاك الحريات الأساسية من حرية التعبير والرأي والتنظيم… وتزداد هذه الانتهاكات حدة مع تفاقم مشكلة البطالةـ وتشير إحصاءات البطالة بين رسمية وغير رسمية إلى معدل بطالة يتراوح بين 9 إلى 22 % من مجموع السكان ـ خاصة في صفوف حاملي الشهادات ــ ومع عجز الحكومة السورية عن مواجهة آثار الارتفاع المتواصل لكلفة المعيشة نتيجة الزيادة الممنهجة في أسعار المواد والخدمات الأساسية بالنسبة لعامة الناس: الطحين، السكر، الحليب ومشتقاته، الخضر والفواكه، والأرز ,الشاي, المناديل الورقية ,الزيت النباتي ,السمن النباتي المستورد والمحلي ,النقل، ماء الشرب، الكهرباء، الأدوية ومصاريف الطبابة والدراسة،الاسمنت,إضافة للعديد من السلع الاستهلاكية والمواد الصحية.علاوة عن الإعلان عما يدعى إعادة توزيع الدخل, مما دفع بعامل جديد للمساهمة بازدياد فوضى السوق التي كانت موجودة من قبل، وترافق ذلك بتلاعب التجار بأسعار عدد كبير من السلع والخدمات ,الضرورية وغير الضرورية, إضافة إلى التأثير المباشر علي مختلف الأنشطة الصناعية والإنتاجية التي ترتبط بشكل مباشر بقوت وكساء وعيش المواطن اليومي. وترافق ذلك مع تزايد أرقام حجم البطالة “المخيفة” في سوريا والتي تبتلع شريحة لابأس بها من الشباب السوري,مما أوضح أن سياسات الحكومة السورية فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي و القرارات المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية بشكل عام ,حيث انها لم تعمل هذه السياسات الاقتصادية على أتباع الخطوات الإصلاحية والضرورية والرشيدة في مكافحة الفساد وإهدار الموارد الاقتصادية والمال العام ومحاربة البطالة ,إنما تسببت في جمود الاقتصاد وتزايد معاناته من إعاقاته الذاتية والموضوعية،وبالتالي فشل مختلف سياسات الإصلاح الترقيعية وغير الممنهجة من قبل الحكومة السورية, الأمر الذي انعكس بشكل أساسي على تدهور الأوضاع المعيشية للمواطن السوري ، ودفع شرائح أوسع من المجتمع السوري إلى مزيد من الفقر و التهميش ,وكل ذلك كان يتم تحت شعارات: حماية المستهلك من غلاء الأسعار , وتحسين الظرف المعيشي للمواطنين السوريين,ومحاربة البطالة والفساد. وترافقت هذه الشعارات مع مختلف الوعود والتصريحات الحكومية المتعلقة بتحسين الوضع الاقتصادي للمواطن السوري، علاوة على ذلك,تصريحات وتأكيدات الحكومة السورية عن ارتفاع نسبة النمو, دون الإشارة أو توضيح مظاهرو منعكسات هذه النسب العالية في الإنجاز على الشارع السوري، وعلى حياة المواطن ودخله، وأسباب التراجع النسبي لهذا الدخل رغم الزيادات التي طرأت على الرواتب في السنوات السابقة، إن ما أقدمت عليه الحكومة السورية خطوة غير مبرمجة,وناتجة عن سوء التخطيط المستمر في مؤسسات الدولة,والذي أدى إلى قرارات مرتجلة غير مبررة ناجمة عن تركيب الأخطاء فوق بعضها, للتوهم بالوصول إلى حلٍ غالباً ما يكون إسعافيا وليس علاجيا, و لا يتمتع بأي صفة إستراتيجية ولا حتى تكتيكية معقولة,إلى جانب غياب أية عدالة في توزيع الثروات الوطنية ,و غياب الحريات العامة والمراقبة الوطنية من مختلف الهيئات المدنية غير الحكومية,وحق المشاركة العامة في إدارة شؤون البلاد. ، ونشير إلى التقرير الذي أصدرته منظمة “الشفافية الدولية” حيث تراجعت سورية من المركز 93 إلى المركز 138 في مؤشر “مدركات الفساد” لعام 2007، من ضمن 180 بلداً شملها المؤشر.

إن استمرار العديد من المشاكل الاقتصادية من زيادة الأسعار,واستمرار الفساد ,وهدر المال العام,وزيادة معدلات البطالة والفقر,وما تحمله من آثار سلبية على الحياة المعيشية للمواطنين,وعلى تغيير التركيبة السكانية في سورية , وضمن هذه الشروط السياسية الإقليمية والعالمية وما يعانيه الوطن السوري من جراء العقوبات المعلنة وغير المعلنة ,إضافة لاستمرار حالة الطوارئ وإجراءاتها الاستثنائية ,إن كل ذلك يؤثر سلبا في إضعاف إرادة المواطن السوري, وإبداعاته,وازدياد تهميشه وبالتالي إفقاره .

وإننا بهذه المناسبة نتوجه إلى الحكومة السورية بالمطالب التالية:

  • المطالبة باحترام الحق الإنساني والدستوري في العمل بالنسبة لعموم المواطنات والمواطنين وفي مقدمتهم حاملي الشهادات مع الإقرار القانوني للتعويض عن البطالة.
  • المطالبة بجعل حد لغلاء المواد والخدمات الأساسية في حياة الناس مع جبر الأضرار الناتجة عن الزيادات التي عرفتها بلادنا في الفترة الأخيرة مما يستوجب بالخصوص الزيادة في الأجور والمعاشات وفقا لارتفاع كلفة المعيشة، وتخفيض الضرائب أو إلغائها بالنسبة للمداخيل الصغرى والمتوسطة.
  • المطالبة باحترام حقوق العمال في قطاع الدولة وفي القطاع الخاص وتوفير شروط الحياة الكريمة بالنسبة لعموم المواطنات والمواطنين مما يستوجب توفير الشروط لاحترام حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الأساس.
  • إطلاق حملة وطنية للتوعية بأسباب الفقر وبأهمية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وآليات حمايتها والنهوض بها والتفكير الجماعي في أنجع الآليات النضالية للدفاع عنها بدءا بالعمل من أجل التأسيس ل”الشبكة الوطنية للتضامن الاجتماعي” تضم مجمل الهيئات المدنية والحقوقية السورية والشخصيات السورية المهتمة بالدفاع عن هذه الحقوق.
  • وإننا نطالب الحكومة السورية بالعمل علي تحسين دخل الفرد السوري بما يتناسب مع ارتفاع الأسعار, ومكافحة الفقر والفساد والمحافظة علي المال العام الذي أصبح نهبا من قبل المفسدين في مختلف الأجهزة الحكومية, ووقف هدر موارد الدولة.والاعتماد على سياسات بديلة تسمح بعدالة التوزيع وتكافؤ الفرص وإدارة الموارد بشكل ارشد,وتوسيع حق المشاركة والمراقبة من قبل المؤسسات غير الحكومية والمدنية السورية.

لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا
مكتب الأمانة