2/6/2008
يدور الكثير من النقاش في الأوساط الأعلامية في بلادنا عن ظاهرة أستهداف السلطة لبعض المواقع الإلكترونية بالحجب ومنع مرتاديها من الوصول إليها والإطلاع على ما ينشر فيها وعلى الرغم من أسنتكار الإغلبية لما تقوم به السلطة تجاه هذه المواقع إلا أن السؤال الذي يتكرر طرحة دائماً عند مناقشة هذا الموضوع هو:
ما مشروعية الحجب الذي تفرضه السلطة على هذه المواقع وماهي الوسائل التي يجب القيام بها لوقف هذا التصرف من قبل السلطة في حال عدم مشروعيته ؟
وللإجابة على ذلك يفترض بنأ أولاً أن نعلم أولاً انه يتوجب للقول بمشروعية أي قرار أو أجراء تتخذه السلطة أن يتوافر في هذه الإجراء أو القرار عدد من الشروط أهمها أن يكون القرار صادر من ذي ولاية أي من الجهة المختصة قانوناً بإصدارة وأن يكون ضمن الصلاحيات المحددة لهذه الجهة وأن يتم أصدار القرار أو أتخاذ الإجراء بالطرق والإجراءات المقررة قانوناً
وبتطبيق هذه الشروط على اجراء الحجب الذي تقوم به السلطه يتضح وبكل سهولة ويسر أن هذا الإجراء يعد عمل غير قانوني ويفتقر الى ابسط شروط المشروعية بالاضافة الى مخالفته الصريحة لنصوص الدستور والقانون وأحكام المعاهدات والمواثيق الدولية المصادق عليها من جانب بلادنا فمن جهة مخالفة اجراء الحجب الذي تقوم به السلطة لنصوص الدستور فذلك لان حرية الفكر والأعراب عن الرأي بالقول أوالكتابة أو التصوير أو بأي وسيلة أعلامية أخرى هو حق مكفول لكل مواطن يمني بموجب نصوص وأحكام الدستور وطبقا لما قررته المادة ( 42) منه ولأن قيام السلطة بححب بعض المواقع الإلكترونية يعد تقيبد لحرية الرأي والتعبير فأن هذا يعني أن ما تقوم به الدولة يعتبر مخالف لنصوص وأحكام الدستور اما من جهة مخالفة هذا الاجراء لاحكام المعاهدات والمواثيق الدولية المصادق عليها من جانب اليمن فلان نصوص واحكام هذه المعاهدات ومنها على سبيل المثال العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية والذي ينص في المادة (19) منه الفقرة الثانية على ان لكل انسان الحق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حرية التماس مختلف ضروب المعلومات والافكار وتلقيها ونقلها الى الاخرين دونما اعتبار للحدود سوى على شكل مكتوب او مطبوع او في قالب فني او باية وسيلة اخرى يختارها ومن المؤكد ان ما تقوم بة السلطة من حجب لبعض المواقع الالكترونية يعد تقييد لاحد اهم حقوق الانسان التي اقرت والتزمت بها اليمن وبالتالي يعد مخالف لاحكام هذه المعاهدات التي التزمت اليمن باحترامها وتطبيق احكامها اما بالنسبة لمخالفة اجراء الحجب الذي تقوم بة السلطات لاحكام القانون فاننا نحب ان نوضح انه من المعلوم والمسلم به انه طالما ان حرية الفكر والتعبير عن الرأي مكفولة لجميع المواطنين بموجب الدستور فأنه يفترض ان لايتم المساس بهذا الحق ويجب احترامة والتاكيد علية في جميع القوانين المتعلقة ذات العلاقة التي يتم اصدارها من قبل السلطة المختصة في الدولة وفيما يخص بلادنا فانه ونظراً لعدم وجود قانون خاص ينظم الصحافة الإلكترونية وأقتصار تنظيم العمل الإعلامي والصحفي على قانون وأحد عام هو قانون الصحافة والمطبوعات رقم (25) لسنة 1990م فأن نصوص وأحكام هذا القانون أي قانون الصحافة والمطبوعات بالإضاقة إلى الأحكام العامة للدستور والقوانين النافذة الأخرى يفترض أن تكون هي المرجع في تنظيم كل ما يتعلف بالصحافة الإلكترونية التي تقوم بنشر أراها من خلال شبكة الإنترنت وعن طريقة الموافع الإلكتونية ومع أن نصوص قانون الصحافة والمطبوعت النافذ لاتلزم أصحاب المواقع الإلكترونية التي تدار وتنشر أراها من اليمن بضرورة الحصول على تراخيص معينة من وزارة الإعلام قبل ممارسة نشاطها وهو ما يعني أن من حق كل جهة او شخص أن يقوم بإنشاء موقع إلكتروني خاص به وان يقوم بنشر أراءه وأفكارة من خلال هذا الموقع إلا أن عدم إلزام المسؤلين عن المواقع بالحصول على ترخيص كما هو الحال بالنسبة للمسؤلين على الصحف والمجلات التي يلزم القانون المسؤلين عنها بضرورة استخراج تراخيص قبل مباشرة نشاطها لا يعني بالتأكيد اعفاء المسؤلين عن هذه المواقع ومن يقوم بالنشر فيها .
من تطبيق أحكام ونصوص القانون عليهم فمن حق كل شخص أو جهة الرجوع على هؤلا عند حصول اي مخالفة منهم وذلك وفقاً للقانون الذي كما ان نصوصة قد جاءت محددة لماهية الجرائم والمخالفات والعقوبات المقررة عليها حددت ايضا الطرق والإجراءات التي يتعين القيام بها واتخاذها عند حصول أي مخالفة او ارتكاب أي محضور أو جريمة من جرائم النشركما حددت ايضا السلطة المخولة بتطبيق الغقوبات والتي يتم الرجوع اليها عند ارتكاب اين من الجرائم والمخافات حيث نصت المادة (105 ) من قانون الصحافة والمطبوعات على أن المحكمة وحدها هى من تقضي بإغلاق الصحيفةأو المطبعة أو دار النشر أو ما في حكمها كما نصت المادة (112) من القانون على أنه لا يجوز مصادرة أو وقف أي صحيفة أو مجلةأو مطبوع أو ما في حكمها إلا طبقاً للقانون ولأن الجهة المخولة قانونا – طبقا لما هو منصوص عليه- بإتخاذ الإجراءات ضد الجهات المخالفة والتقرير بالعقوبات وتنفيذها عليها بما في ذلك الحجب أو الوقف هى السلطة القضائية كما أكدت على ذلك محكمة غرب الأمانة في حكمها الأخير الصادر بشأن قيام وزير الأعلام بإلغاء ترخيص صحيفة الوسط ومنع تداولها والذي قضت فيه المحكمة بإلغاء قرار وزير الأعلام الصادر ضد الوسط بإعتبارة تعدي على سلطة القضاء ولأن ماتقوم بة السلطة في بلادنا من استهداف بالحجب لبعض المواقع الإلكترونية يتم وكما نعلم جميعاً من دون الرجوع إلى القضاء فأن الحجب الذي تقوم به السلطة لايعتبر مخالف لنصوص القانون فقط بل يعد ايضاً أعتداء على سلطة القضاء وعدوان من جانب السلطة على حقوق أصحاب هذه المواقع .
كما انه ومن ضمن الأسباب الموجبة للجزم بعدم مشروعية ما تقوم به السلطة تجاه بعض المواقع واستهدافها لها بالحجب أنه وكما ذكرنا في المقدمة يشترط للقول بمشروعية أي قرار أو أجراء يصدر من السلطة أن يكون هذا الإجراء أو القرار قد تم وفقاً للإجراءات المقررة قانونا و ان يكون صادرمن الجهة المعنية والمختصة بإصدارة وإذا ما أخذنا بعين الأعتبار أن الجهة المختصة قانوناً بالأشراف والرقابة على وسائل الأعلام المختلفة ومنها الصحافة هى وزارة الأعلام فأنه وبناء على ذلك يفترض أن يكون أي قرار أو أجراء يتعلق أو يكون له صلة بوسائل الأعلام يجب أن يكون هذا القرار صادر من وزارة الأعلام وفي حدود الصلاحيات التي يمنحها القانون للوزارة ومع انه لا يوجد أي نص في قانون الصحافة والمطبوعات يعطي الحق لوزارة الاعلام او للوزير بحجب اومنع أي صحيفة او موقع ويتعين علية قبل القيام بذلك الرجوع إلى القضاء الا ان الطامة الكبرى هي أن الجهة التي تقوم بحجب المواقع فعلياً ليست هي وزارة الأعلام بل وزارة الإتصالات التي ليس لها أي صلاحية او حق في الرقابة على وسائل الأعلام بل ويحضر عليها الدستور في المادة (53) منه ان تقوم باي رقابة اوتفتيش أو أفشاء سرية وسائل الإتصالات أوان تقوم بتأخيرها أو مصادرتها إلا بأمر من القضاء ولأن وزارة الإتصالات تقوم بالحجب دون حتى أي قرار مكتوب يصدر إليها من الجهة المختصة وهي وزارة الأعلام ودون أن تقوم بإبلاغ صاحب الموقع بالجهة التي كلفتها بالحجب فان ماتقوم به وزارة الاتصالات يعتبر مخالفة دستورية اولا كما يعد مخالفة لنصوص قانون الإتصالات وبالتحديد لما هو مقرر في المادة(5) منه الفقرات من ( 15 الى 20) والتي تنص على
- حق الجمهور في الإستعمال الحر للإتصالات وضمان سريتها أمر مكفول طبقاً للدستور والقانون.
- يجوز للوزير في حالة الطوارئ أو الحالات الأخرى المحددة في القانون وبعد صدور إذن من الجهة القضائية المختصة أن يقوم برقابة المحادثات والرسائل عبر دوائر الإتصالات وإبلاغ مضمونها إلى الجهة المخولة قانونا بطلب إجراء هذه الرقابة.
- أية رقابة على الإتصالات يجب أن تكون بأمر صادر مباشرة عن الوزير أو ممن يفوضه بذلك.
- لا تجوز بأي حال رقابة المحادثات والرسائل إلا بإذن خطي مسبق من السلطة القضائية وذلك وفقاً لأحكام قانون الإجراءات الجزائية وبواسطة الوزير.
- للوزير الحق بناءً على تعليمات من رئيس الجمهورية عند إعلان حالة الطوارئ أو قيام خطر يهدد سلامة الوطن أو أمنه أن يقطع بعض دوائر الهاتف أو البرق التي تستعمل أو تستثمر لصالح أي شخص طبيعي أو إعتباري لفترة أو لفترات محددة كما له الحق في إيقاف مثل تلك الدوائر حتى إشعار آخر.
- يتعين في الحالة المنصوص عليها بالفقرة السابقة أن يوقع الوزير وثيقة يشار فيها إلى أمر رئيس الجمهورية وأن الإجراءات التي أتخذت قد تمت لمواجهة حالة الطوارئ العامة أو أنها في مصلحة السلامة الوطنية والأمن العام وذلك كتسبيب للإجراء المتخذ
ولأن وزارة الاتصالات عند قيـامها بحجب أي موقع تخالف صراحة ماهو مقرر ومنصوص علية في قانون الاتصالات بالاضافة الى مخالفتها للدستور فانه لايكفي القول بان الاجراء الذي تقوم به الوزارة هو اجراء غير شرعي وغير قانوني بل ان الوصف القانوني الصحيح الذي ينطبق على اجراء الحجب هو ان هذا الاجراء يعتبر تعدي على حقوق المواطنين المكفولة لهم بموجب الدستور والقانون وعدوان على أموالهم وممتلكاتهم يوجب المسئلة الجنائية لمن يقوم بهذا الإجراء .
ومع ان ماذكرناه يكفي للجزم والتسليم بعدم مشروعية اجراء الحجب الذي تقوم به السلطة الا اننا ولغرض بيان مدي فشل السلطة ومخالفتها للقانون وتخلفها عن أداء وأجبها المقرر عليها قانونا عند قيامها باستهداف اي موقع والقيام بحجبة ف نحب أن نضيف هنا أيضاً أنه حتى على فرض أن السلطة لا تستهدف بالحجب سوى المواقع المخالفة للقانون والغير ملتزمة بأداب ومحضورات النشر المقررة قانونا فأن قيام الدولة بحجب هذه المواقع وبغض النظر عن عدم صحة مثل هذا الإجراء ومخالفته للدستور والقانون إلا أنه يعد تقاعس وتخلف من قبل السلطة عن القيام بواجبها المكلفه به قانون والذي يفرض عليها تقديم المخالفين للقانون إلى القضاء ومقاضاتهم عن ما يفترض أنهم ارتكبوه من جرائم واكتفاء الدولة بالحجب دون الرجوع الى القضاء يعد تخلف من قبلها عن القيام بواجباتها القانونية كما يدل على ضعف الحجج التي تقوم السلطة بالحجب للمواقع بناء عليها فلو كان لدى السلطة حجج ومبررات قانونية قوية لكانت لجاءت الى القضاء كما ان عدم اللجواء الى القضاء من قبل السلطة يدل ايضاً على مدى فشل و مزاجية التدولة وعدم توجهها حقيقةً الى فرض وترسيخ سيادة القانون وهذا بالتأكيد سيعكس أثره على نفسية المواطنين ويؤدي إلى زعزعة ثقتهم بالدولة والنظام بشكل عام لأن السلطة يفترض بها أن تكون هي القدوة والنموذج الذي يحتدي به في تطبيق القوانين والإلتزام بها ليس في هذا الجانب فقط بل في جميع الجوانب والمجالالت الأخرى وهذا للاسف لايبدوا انه هو الحاصل لدينا
وبعد أن بينا عدم مشروعية أجراءات الحجب التي تقوم بها السلطة تجاه بعض المواقع الإلكترونية تبقى لنا ان نوضح ما هية الوسيلة التي يجب القيام بها لوقف هذه الإجراءات الغير قانونية التي تقوم بها السلطة والحقيقة أنه وعلى الرغم من تمكن أصحاب المواقع المحجوبه من الوصول إلي وسائل وبرامج تقوم بكسر الحجب المفروض على مواقعهم إلا أني شخصياً أستغرب من سكوت هؤلا عن هذا الإجراء الذي يتم أتخاذه ضدهم وعدم قيامهم بمقاضاة الحكومة ممثلة بوزارة الإتصالات وتقنية المعلومات وهي الجهة التي تقوم بالحجب فعلياً ومطالبتها بالتعويضات عن ما تقوم به من أجراءات مخالفة للدستور والقانون وتعتبر أعتداء على حقوقهم كما ان من حقهم ايضاً طلب مسألت وزارة الاتصالات جزائياً عن هذه الإعتداءت التي تقوم بها على مواقعهم دون ان تكون مخولة بالقيام بذلك قانونا ومما لاشك فيه ان رجوع اصحاب هذه المواقع المعتدى عليها إلى القضاء وبالاضافة الى كونه حق مكفول لهم يعتر ايضاً هو الوسيلة المشروعة الوحيدة التي يفترض بها أن توقف تعسف السلطة وممارستها غير القانونية ضدهم كما ان استعمالهم لهذا الحق المشروع سيذكر السلطة والمسؤلين فيها بأن هناك قانون يجب أن يحترم وقضاء يفترض ان يتم الرجوع إليه .