7/2/2009
في شهر ديسمبر الماضي حدثت جريمة كراهية ضد يهود ريدة بقتل ماشا النهاري من قبل عبد العزيز العبدي والذي ارسل رسالة تهديد وأعطاهم مهلة شهر بأن اليهود لابد ان يسلموا أو يغادروا البلاد من دون رجعة و بعد إنتهاء المهلة قام العبدي بقتل ماشا قرب منزلة وكان شاهدا على مقتله طفله يوسف ذو الثالثة.
لكن بعد جريمة الكراهية بدات سلسلة من الانتهاكات تطال جميع اليهود وخصوصا انها تزامنت مع حرب غزة. فقد تعرض عائلة ماشا للتهديد في المحكمة لدرجة انهم لم يعودوا يستطيعون الحضور.
تفاصيل الجريمة:
ماشا النهاري كان يقرأ التوراة كعادته بعد صلاة الصبح وعند الساعة التاسعة صباحا في يوم الخميس الحادي عشر من ديسمبر 2008 وقرر بعدها أن يذهب إلى السوق لشراء الغداء بينما تجهز زوجته لوزة السليمي وجبة الإفطار و طلب منها أن تعطيه كأس بن ولم يكن عالما بأنه سيكون الكوب الأخير وعند خروجه مرتديا الثياب اليمنية الثوب والجاكت ولا يميز ديانته اليهودية إلا الزنانير.
وعند خروجه سمعت زوجته صوت إطلاق النار وكان الشاهد العيان على قتله طفله يوسف ذو الثلاث سنوات لأنه تبع والده لكي يذهب معه إلى السوق.
أم ماشا جرت إلى لوزة لتخبرها “أبننا أنقتل” جرت لوزة على مقربة من المنزل لتجد بأن زوجها لازال على ركبتيه لأن الجاني رماه بسبع رصاصات في القلب من الخلف ولكنه فارق الحياة سريعا.
“أنا أريد حكم الله وحكم شريعة محمد بن عبد الله,” قالها ألأب يعيش النهاري ذو ال70 عاما أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقد اليوم في منظمة “هود” لمتابعة آخر التطورات في قضية ماشا المقتول والتهديدات التي يتعرض لها يهود ريدة في محافظة ريمة بتهديدهم بالرحيل أو بقتلهم.
ألأب يعيش أضاف بأنه لا يريد سوى القصاص “حتى لو أعطوني ملان صنعاء كلها أشتي حكم الله حتى لو رصصوني بعدها قتلوا أبني الذي كان هو الله معانا قد سارت عيوني وعافيتي وشلت يدي” أضاف الأب باكيا.
وبالمثل طالبت زوجته لوزة وابنه دانييل ذو السبع السنوات الذي قال بأنه يشتاق لوالدة ورغم تردده في بعض الإجابات إلا أنه بحزم رد قائلا “أشتي يقتلوه.”
ابن عم ماشا شكري النهاري 40 عام عاد من أمريكا منذ أسبوع فقط حيث يعمل في بقالة منذ 15 عام تمنى ان يظل في اليمن لكن البحث عن لقمة العيش وغياب سيادة القانون منعاه من ذلك. “اليمن حليه” قالها شكري بلغته العربية المكسرة وذلك لأنه يتحدث اللغة العبرية.
هل القاتل مجنون؟
المتهم عبد العزيز العبدي بقتل ماشا هو ضابط طيار متقاعد حاصل على ماجستير في الكهرباء الإلكترونية والميكانيك والطيران ولديه سحل إجرامي عندما قتل زوجته منذ أربع سنوات وتم حل الموضوع بدفع الدية.
وقد ذكر في موقع “نيوز يمن” الإخباري بأن عبد العزيز العبدي بأنه قتل ماشا تقربا إلى الله واعتباره مجاهدا في سبيل الله، وقد سبق وأن أنذرهم برسالة قبل أشهر كما أنه قد ابلغ مديرية امن ريده قبل ستة أشهر على إقدامه على جريمته ، وطالب إدارة أمن المديرية بترحيلهم من المديرية كونهم يثيرون القلق في البلاد وإنهم لهم علاقة بإسرائيل وتل أبيب.
التقارير الطبية في 2004 ذكرت بأنه المتهم العبدي له تاريخ إجرامي بقتل ( قتل زوجته ) و لديه وثائق طبية من طبيب نفسي بأنه كان يعاني من مرض نفسي واكتئاب وأضاف تقرير الطبيب الشرعي بأن التقارير الطبية قالت بأنه يعاني من مرض عقلي الأمر إلي علق عليه الآنسي بأنه تزوير لان التقارير الطبية ذكرت مرض نفسي.
وكشف تقرير الطبيب الشرعي الصادر عن النيابة عن حالة المتهم العقلية بأنه عند ارتكابه للجريمة أنه ارتكبها بتخطيط مسبق ووعي تام بها إلا أن الدافع لها وهمياً ، كما كشف التقرير عن حالة وعي المتهم وكذا قدرته في الدفاع عن نفسه ووصفها بالجيدة ، إلا أن التقرير حذر من خطورة المتهم في المستقبل واحتمال تكراره لجريمة أخرى ، مؤكداً على انه يعاني من مرض عقلي ( الفصام الزوري) منذ فترة طويلة والمتهم من الناحية المرضية يعد خطيراً جداً وقد يكرر أي جريمة أخرى- حسب التقرير الطبي – الذي أوصى بوجوب حجزه في مصحة عقلية.
لكن المحامي خالد الآنسي–مدير عام مؤسسة علاو للمحاماة-والتي قدمت العون القضائي لأولياء الدم اليهود وذلك بسبب أنهم لم يجدوا محاميا يدافع عنهم- ذكر انه لم يتم كتابة أي اسم على التقرير الشرعي واستغرب أن يكون المتهم مجنون وهو يقود طائرة وبيده سلاح ويعرف جيدا ما يريد وأضاف أن تعريف الجنون في القانون اليمني “هو الجنون المطبق الذي لا يميز بين الليل والنهار.”
واستغرب الأب يعيش أن يكون المتهم مجنونا وإلا لماذا قتل ابنه فقط ولم يقتل الجميع.
وقد أرسل رسالة تهديد إلى يهود ريده مطالبهم إما بالإسلام أو بالرحيل وهذا هو نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع/ سلاح الكتروني
الإمداد لمجاهدين في سبيل الله
هذا كتابي إلى يهود اليمن كافة
للعلم أننا نريد منكم الاجتماع فيما بينكم وتحديد مصيركم
ونخيركم في الأتي:-
1- الدخول في الإسلام أو
2- الرحيل مع عدم العودة لليمن
ولا شئ غير هذا الشرطين وللعلم أنه لن تقف معكم أي سفارة أجنبية في اليمن أو الحكومة اليمنية وسوف يتم التعامل معكم بعنف من قبل الكل لنصرة الإسلام
مندوب المجاهدين في سبيل الله لليمن والقرن الأفريقي.
مقاتل/ عبد العزيز يحيى العبدي
الموافق :الجمعة 13 ذي القعدة 1429هـ
بتوقيع بتاريخ 13/11/2008م
وعود الحكومة بتوفير السكن:
ورغم توجيهات رئيس الجمهورية لليمنيين اليهود بإعطائهم بيوت للسكن بها بواقع خمس لبن لكل اسرة إلا ان وضعهم في المدينة السكينة في مدينة سعوان في شيراتون ليس مكانا غير ملائم لهم حيث ذكر أفرايم النهاري-إبن أخت ماشا- بأن البيوت تتكون من مكان أو مكانيين وحمام ومطابخ وهذا كما ذكر الصحفي طه “مكان غير ملائم للأسر اليمنية اليهودية و التي كمعظم الأسر اليمنية هي اسر كبيرة.”
وأضاف طه بأنه تم وعد اليهود باستئجار لهم عمارتين لكنهم تخلوا عن ذلك بسبب أن لم يستطاع إعطاء ضمانات لأصحاب العمارات الذين خافوا من حصول عملية تفجير.
وقد ذكر الموقع الإخباري “نيوز يمن” بأن العائلات اليمنية اليهودية لم تنتقل إلى تلك البيوت في صنعاء حتى الآن لعدم استكمال بعض التشطيبات فيها، بالإضافة إلى الخلاف القائم بين أبناء الطائفة اليهودية حول عدم ملائمة تلك البيوت في سعوان للسكن كونها لا تكاد تكفي لمعظم العائلات والتي يتراوح عدد أفرادها ما بين 7 – 16 نسمة، وافتقارها لكنيس خاص لممارسة طقوسهم الدينية وكذا مدرسة خاصة لتعليم أبنائهم ، الأمر الذي أدى إلى عدم رضا الأغلبية أو القبول بالانتقال من عمران والسكن في صنعاء حتى الآن وقد أضاف المتحدث باسم الشيخ الشائف أكد بان تلك القضايا قد تم مناقشتها مع ممثلي الطائفة اليهودية الأسبوع الماضي وطرحت حلول جذرية لها بحيث سيتم تسليم أكثر من بيت للعائلة التي يزداد عدد أفرادها عن الحد المطلوب في كل بيت وبجوار بعضها، وتخصيص أحد البيوت (كنيس ) وبما يتناسب مع طقوسهم الدينية إلى جانب تخصيص بيت آخر أو أكثر وحسب عدد الطلاب كمدرسة خاصة لتعليم أبنائهم، وقد ذكر الشائف “لهود اون لاين” بأن عدم ملائمة المساكن كلام غير دقيق حيث انه تم تخصيص54 مسكن لحوالى 42 عائلة يهودية حيث انه المساكن الأضافية ستكون للاسر الكبيرة ولتخصيص مدرسة وقسم شرطة.
و اضاف الشائف بان تم تجاهل فكرة العمارات لأنه من غير المنطقي ترك بيوت ملك وإستئجار بيوت.
محامي أولياء الدم: عبث وتساهل من المحكمة والنائب العام
ومن جهة أخرى ذكر المحامي خالد الآنسي “هذه هي المرة الأولي طوال عملي كمحامي لمدة 15 عاما أجد أولياء الدم يهربون من المحاكمة.”
وذكر الآنسي والصحفي محمود طه-المساند لقضية اليمنيين اليهود والذي تعرض لتهديد بالقتل من قبل أقارب المتهم- بأن هناك عبث من المحكمة الجزائية المتخصصة بعمران و الأمن في المحافظة بأن اليمنيين اليهود تم تهديدهم في القاعة وتم حبس من هددوهم لكن أكتشف المحامون والمراقبون بأنه تم إطلاق سراحهم بعد ساعات بعد عقد جلسة خاصة معهم لم يحضرها المحامون أو أولياء الدم رغم أن احدهم تهجم على العسكر.
وذكر الآنسي بأن عدم قدرة المحكمة على السيطرة على الوضع وعدم حماية أولياء الدم رغم إصدار المحكمة أوامرها بحمايتهم إلا انه وفي احد الجلسات لم يتحرك أفراد الأمن مع اليمنيين اليهود إلى محلهم واضطر المحامون بأخذهم رغم التهديدات التي طالتهم.
وقد لوحظ خلال المؤتمر أن بعض اليمنيين اليهود قد قاموا بإخفاء زنانيرهم كما فعل بعضهم أثناء المحاكمات. “أحد اليهود أثناء المحكمة وعند التهديدات المباشرة خاف أن يتحرك” ذكر الآنسي عن المحاكمة.
و من الانتهاكات التي ذكرها الآنسي أن أحد الضباط في مبنى النيابة العامة بصنعاء أشهر السلاح في وجه اليمنيين اليهود الذين رافقوا الآنسي إلى النيابة العامة.
وقد ذكر النائب العام لموقع “هود اون لاين” أن قرار تحويل المحاكمة قد تم طرحه لوزير العدل والذي بدوره رفض الرد إلا بمذكرة رسمية من هود.
تهديد وعنصرية:
الصحفي طه ذكر أن المشكلة على ما يبدو اجتماعية وان التعامل الأحادي لقضية غزة أثار حنق الناس حيث قام بعض الأفراد برجم اليمنيين اليهود بالحجارة حتى سال الدم وقد قال الأمن بان من قام بهذه الأفعال أطفال رغم أنه مع عدد من الصحفيين رأوا الجناة والذين كانوا بالتأكيد راشدين.
وبعد أربعة أيام من مقتل ماشا تم إلقاء قنبلة يدوية على بيت سعيد إسرائيل لم تسفر إلا عن إصابات مادية والتي نشرت الرعب في أوساط اليمنيين اليهود وكذلك وصول تهديدات برسائل الهاتف للحاخام يحيى بن يعيش والتي تم معرفة أن لها علاقة بمرافقين لمسئولين والتي قال لهم رجال الأمن أن يخاطبوا الرئيس. هذا الأمر شكك فيه الآنسي بأنه قد تكون محاولات لطرد اليهود مادام أن هناك تواطؤ امني.
و أضاف الآنسي بان هذه القضية ليست سياسية ولا خارجية بل “قضية يمنية” وان اليمنيين عليهم الدفاع عن مبادئ التسامح التي جبلوا عليها.
اليهود قبل و بعد مقتل شاما:
رغم عدم وجود تهديدات لكن هناك مضايقات ونظرة اجتماعية قاصرة فعند دراسة أبناء الجالية اليهودية في المدارس الرسمية يظل المدرسين والجميع بمضايقتهم بالقول لهم “أسلموا-أسلموا.”
وكذلك يخاف معظم اليهود من فقدان هويتهم الدينية بسبب عدم وجود مدارس خاصة بهم حيث أن أبناء الجالية يتم القول لهم “أحلقوا الزنانير.”
معظم اليهود لا يستطيعون التحدث العربي بطلاقة وذلك لانغلاقهم على أنفسهم وعدم اختلاطهم مع المجتمع كاملا. “نحن يمنيون نسائنا متغطيات نؤمن بالشرف” أضاف أفرايم.
الهيئة الوطنية للحقوق والحريات