15/2/2010

أقام شكرى عازر، وصابر بركات، وأحمد الصياد وآخرين من لجنة الدفاع عن أموال التأمينات والمعاشات دعويين قضائيتين لحماية أموال التأمينات الإجتماعية بغية الحيلولة دون استمرار وزير المالية فى الجمع بين رئاسته لوزارة المالية، ورئاسته لبنك الاستثمار القومى، وتبعية ملف التأمينات الاجتماعية لوزارته، وكذلك للعمل على فصل موازنة التأمينات عن الموازنة العامة للدولة، وكان وزير المالية قد أصدر القرار 272 لسنة 2006 والذى تضمن تعديل المادة 218 من اللائحة التنفيذية لقانون الموازنة العامة رقم 53 لسنة 1973 والذى جعل إيرادات التأمينات جزء من إيرادات الموازنة العامة للدولة، ومصروفات التأمينات جزء من مصروفات الموازنة العامة للدولة ، وبعد تداول الدعوى بالجلسات انتهت محكمة القضاء الإدارى فى 30 يونيه 2009 إلى إحالة أوراق القضيتين إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية أمرين :

الأمر الأول: الفقرة الثانية من المادة الثامنة من قانون ربط الموازنة العامة للدولة والذى أجاز لوزير المالية اصدار سندات على الخزانة العامة لصالح صندوقى التأمينات التابعين للهيئة القومية للتأمين الاجتماعى حيث تراءى للمحكم أنه لا يوفر للنظام التأمينى اطار تنظيمى و اشرافى محايد وترتب عليه عدم قيام مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الإجتماعى بدوره المنوط به قانوناً فى إدارة أموال التأمينات الاجتماعية والحفاظ عليها وصيانتها وتنميتها.

الامر الثانى: رئيس الجمهورية قراره رقم 422 لسنة 2005 بشأن تحديد الوزير المختص بتطبيق قانون النأمين الإجتماعى والذى نص فى مادته الأولى على أن ” يكون وزير المالية هو الوزير المختص بتنفيذ تشريعات التأمين الإجتماعى ويحل محل وزير التأمينات أينما ذكر فى كافة التشريعات و القوانين الأخرى.” فبموجب النص المتقدم جمع وزير المالية بين( رئاسته لمجلس إدراة بنك الإستثمار القومى ـ الذى تودع فيه احتياطيات أموال التأمينات ـ ورئاسته لمجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى) أى بين صفة الدائن بالنسبة لأموال التأمينات التى يتم إقراضها للدولة وبين صفة المدين حال إقتراض الخزانة العامة لهذه الأموال، و الوزير المذكور يقوم بتحديد مدة سداد القرض وعائده بقرارات مركزية وتعليمات إدارية دون الرجوع إلى مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الإجتماعى الذى يفترض قيامه بادارة أموال التأمينات بالنيابة عن أصحابها.

فقامت هيئة قضايا الدولة بالطعن على حكم القضاء الإدارى أمام المحكمة الإدارية العليا بموجب الطعن 35902لسنة 55 قضائية عليا لمحاولة وقف الإحالة للمحكمة ، وبعد أن تداولت الدعوى قضت المحكمة الادارية العليا ظهر اليوم باجماع الارآء برفض طعن هيئة قضايا الدولة وتأييد حكم محكمة القضاء الإدارى باحالة القضية للمحكمة الدستورية.

ويرى المركز المصرى للحقوق الإقتصادية والإجتماعية أن أبرز ما فى حكم الإدارية العليا ليس فقد تأييد الإحالة للمحكمة الدستورية ولكن أيضا يعد تأكيدا وتأييدا للرسالة التى وجهها حكم محكمة القضاء الإدارى للمشرع عند صياغة تشريعات التأمينات الإجتماعية حيث وضع الحكم مجموعة من المعايير التى تكقل تحقيق نظاما تأمينيا يتمع بطابع اجتماعى ويحمى حقوق المؤمن عليهم ، وجاء به ” فإن التنظيم التشريعى للتأمين الإجتماعى فى مصر ينبغى أن يراعى عدداً من المبادئ و الأسس و الضوابط الكفيلة بجعله نظاماً تراكمياً قادراً على الوفاء بالتزاماته وتحسين مستوى دخل المشاركين فيه ومن ذلك ما يلى:

1 ـ أن يضمن التشريع بقاء و استمرارية قيام الدولة بتقديم الرعاية التأمينية للمواطنين باعتبارها حق لهم.

2 ـ أن يضمن وضع إطار تنظيمى وإشرافى جيد و محايد لإدارة أموال التأمينات الإجتماعية.

3 ـ أن يقرر فواصل واضحة بين الأموال العامة وبين أموال التأمينات ويضمن عدم جور الإدارة عليها سواء بمصادرتها أو الإستيلاء غير المشروع عليها أو بغخراجها من السلطة الفعلية لجهة الإدارة القائمة عليها.

4 ـ أن ينص التشريع صراحة على أن مدخرات التأمينات الإجتماعية وعائدات إستثمارها حق لأصحاب المعاشات مقرر لرعايتهم تأمينياً ولتحسين معاشاتهم لتتماشى مع زيادة أعباء المعيشة.

5 ـ أن يكفل التشريع لمجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى استقلاليته وقيامه بمهامه المسندة اليه وبدوره المحدد له قانوناً ومن ذلك مشاركته فى اتخاذ أية قرارات بشأن الانفاق من فائض أموال التأمينات الاجتماعية.

6 ـ أن يلزم الخزانة العامة بسداد الفوائد المستحقة على مدخرات التأمينات التى تقترضها الدولة سنوياً طبقا للأسعار السائدة فى السوق.

7 ـ أن يضمن عدم اقتراض هذه الأموال الإ لتحقيق عائد حقيقى ، سواء كان عائداً اجتماعياً أو اقتصادياً يحقق دخلاً.

8 ـ أن يضمن التشريع عدالة المزايا التأمينية التى يحصل عليها المشاركين فى النظام التأمينى مقارنة بما يدفعونه من اشتراكات طوال العمر الإنتاجى.”

وإذ يرحب المركز المصرى للحقوق الإقتصادية والإجتماعية بهذا الحكم التاريخى فإنه يطالب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير المالية بإحترام أحكام القضاء وإنفاذ هذه المبادىء التى نادت بها محكمة القضاء الإدارى وأيدتها الإدارية العليا فى أرض الواقع، ويرى أن أولى هذه الخطوات هو وقف أى تعديلات على قانون التأمين الإجتماعى وطرح مشروع القانون الذى أعدته وزارة المالية على الرأى العام ومنظمات المجتمع المدنى، وفتح حوار مجتمعى بشأنه.

المركز المصرى للحقوق الإقتصادية والإجتماعية
15 فبراير 2010ً