30/1/2008

بعد أكثر من أسبوع من المداولات علق مجلس الأمن الدولي أمس الثلاثاء الموافق 29/1/2008 جلسات المداولة بشأن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة منذ فرض إسرائيل حصاراً جائراً عليه. وقد فشل المجلس بذلك في إصدار بيان رئاسي غير ملزم يدين العقوبات الجماعية التي تفرضها إسرائيل على المدنيين دون تمييز، وذلك لاعتبارات سياسية بحتة. وكان المجلس عقد في وقت متأخر من ليلة أمس الثلاثاء جلسة جديدة على مستوى المندوبين الدائمين لمناقشة التعديلات التي أدخلت على مشروع القرار الذي تقدمت به المجموعة العربية بشأن الأوضاع المستجدة في قطاع غزة.

وعلى الرغم من المعلومات التي تقدمت بها وفود عدة دول، بالإضافة إلى نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشئون السياسية حول الأزمة الخانقة التي يعانيها سكان القطاع بسبب الإجراءات الإسرائيلية، والتي أكد فيها أن مبررات إسرائيل المتمثلة في استمرار إطلاق الصواريخ عليها من قطاع غزة، لا تبرر اتخاذ إجراءات تعاقب فيها جميع سكان القطاع دون تمييز، حيث أن القانون الدولي يحظر العقوبات الجماعية تحت أية ظروف، إلا أن ممثل الولايات المتحدة الأمريكية رفض النسخة المعدلة لمسودة البيان، والتي تقدمت بها السعودية ولبيبيا، بوصفها غير متوازنة.

مركز الميزان لحقوق الإنسان يستنكر بشدة تغليب مجلس الأمن للاعتبارات السياسية على حماية حقوق الإنسان، والذي تمثل في فشل المجلس أمس في القيام بأدنى واجباته القانونية والأخلاقية تجاه معاناة مليون ونصف مليون فلسطيني من سكان قطاع غزة، الذين تنتهك إسرائيل أبسط حقوقهم الإنسانية وتتنكر للحماية التي توفرها لهم قواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئ الأمم المتحدة.

والمركز يرى في هذا الفشل استمراراً لحالة العجز التي تحكم موقف المجتمع الدولي تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا سيما وأن مجلس الأمن نفسه سبق وأن تجاهل بل ورفض النظر في الرأي الاستشاري الذي قدمته محكمة العدل الدولية بخصوص بناء إسرائيل لجدار الفصل العنصري داخل الضفة الغربية، والذي أكد على وضع الأراضي الفلسطيني كأرض محتلة ينطبق عليها القانون الدولي الإنساني، ولاسيما اتفاقية جنيف الرابعة، والقانون الدولي لحقوق الإنسان. كما يشدد المركز على أن هذا الفشل يقوض من مشروعية منظمة الأمم المتحدة ودورها المعلن في حفظ الأمن والسلم الدوليين وحماية وتعزيز حقوق الإنسان، خاصةً وأن حقوق الإنسان والأوضاع الإنسانية للمدنيين أصبحت محل مقايضة سياسية على مدى أكثر من نصف قرن، يغيِب عنها الانتصار للقيم والمبادئ التي تشكل جوهر مقاصد الأمم المتحدة.

ويشير المركز إلى أن فشل مجلس الأمن في التدخل في الانتهاك المنظم لحقوق الإنسان، ومنع منظمات الأمم المتحدة من إغاثة المدنيين المتضررين يمثل امتداداً لعجز المجتمع الدولي عن حماية السكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وعليه يدعو المركز إلى عدم تجاهل الأسباب الجوهرية التي تتسبب في تردي أوضاع حقوق الإنسان، وعلى رأسها الاحتلال والعنف المتأصل في محاولة إسرائيل تأمين استمراره من خلال السيطرة والاستيطان والضم واستخدام العنف كوسيلة لذلك.

ويدعو المركز منظمات حقوق الإنسان الدولية والوطنية إلى تكثيف نشاطاتها الهادفة إلى الضغط على حكوماتها من أجل اتخاذ مواقف من شأنها أن تعزز حماية واحترام حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة كأساس وحيد لتأمين السلام والعدل.

انتهـــى