11/3/2008

تواصل الحصار والإغلاق المشدد الذي تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي وتمنع بموجبه حركة مرور الأفراد والبضائع، ولا تستثني حتى الحالات الإنسانية، كالمرضى الذين يتهددهم الموت بسبب حرمانهم من الوصول إلى الممستشفيات، حيث تشير مصادر وزارة الصحة الفلسطينية إلى مقتل ما يزيد عن مائة مريض فلسطيني، هذا بالإضافة إلى توقف قطاعات اقتصادية بالكامل وحرمان عشرات الآلاف من الفلسطينيين من مصادر رزقهم.

وفي تطور جديد أصبح الحصار يتهدد قطاع الصيد البحري الذي يشغل حوالي (5000) فلسطينياً، بين صيادين وتجار أسماك وعاملين في المجال، حيث يعمل (3000) صياداً في قطاع غزة. وينعكس التقليص الحاد في كميات الوقود والمحروقات التي تسمح سلطات الاحتلال بمرورها إلى قطاع غزة بشكل مباشر على قطاع الصيد البحري حيث تعمل محركات زوارق الصيد الصغيرة كافة على البنزين كوقود لها، فيما تعمل محركات مراكب الصيد الكبيرة وعددها حوالي (16) مركباً على مادة السولار، ويستهك المركب الواحد منها (700) لتراً من السولار في اليوم الواحد أي أن استهلاك المراكب كافة يصل إلى (11200) لتراً من السولار. ويضاف إلى ذلك استخدام غاز الطبغ في الإضاءة لتجميع الأسماك.

هذا ويعتبر التوقيت الذي شددت فيه قوات الاحتلال من تقليص الكميات بالغ الأهمية، ولاسيما وأن الصيد في قطاع غزة يعتمد بالدرجة الأساسية على المواسم بالنظر لأن الشواطئ الغزية تفتقر إلى المراعي السمكية، وينتظر الصيادون بفارغ الصبر بدء موسم صيد أسماك السردين الذي يبدأ في مطلع شهر نيسان/ أبريل القادم ويستمر إلى ثلاثة شهور.

وتجدر الإشارة إلى أن قوات الاحتلال ومنذ بداية آذار/ مارس الحالي (أي خلال 11 يومياً) لم تسمح بمرور أكثر من (100.000) لتراً من البنزين وهي كمية تصل إلى نصف ما كان يدخل القطاع في اليوم الواحد حيث كان متوسط دخول البنزين يومياً يقدر بحوالي (200.000) لتراً من البنزين، فيما لم تسمح بمرور سوى (1.297.600) لتراً من السولار منذ بداية مارس 2008، في حين كان يدخل إلى قطاع غزة متوسط يومي يقدر بحوالي (400.000) لتر يومياً أي كان يجب أن يدخل حوالي (4.400.000) لتراً من السولار.

هذا ولا يقتصر الضرر على قطاع الصيد البحري بل يطال كافة القطاعات، ولاسيما المؤسسات الأهلية ذات الطابع الغوثي، التي بدا أثر نقص الوقود واضحاً على عملها في ظل الهجمة الإسرائيلية الشرسة التي شهدها الأسبوع المنصرم.

كما دفع نقص الوقود إلى توقف آلاف السيارات المدنية وارتفاع حاد في أسعار المواصلات الداخلية وبين المدن، الأمر الذي يفاقم من معاناة السكان في قطاع غزة في ظل أوضاع اقتصادية خانقة يمر فيها سكانه والتزايد غير المسبوق في أعداد الفقراء والعاطلين عن العمل، والتي ساهم الحصار في تصعيدها.

مركز الميزان لحقوق الإنسان يجدد استنكاره الشديد لاستمرار الحصار المفروض على قطاع غزة، والذي يشكل انتهاكاً جسيماً لقواعد القانون الدولي الإنساني، وأن تبرير دولة الاحتلال بأنها تلبي الحاجات الدنيا للقطاع من المحروقات هو أمر يتناقض مع القانون الدولي الإنساني، الذي يؤكد على ضمان تلبية حاجات السكان على إطلاقها، وأن هذه القاعدة تنشأ حقاً للسكان وليس واجباً على قوة الاحتلال فقط، وأن الحاجات الدنيا هي اختراع إسرائيلي غير مسبوق في التاريخ وليس لها أي أساس في القانون الدولي الإنساني.

عليه مركز الميزان لحقوق الإنسان يجدد مطالبته المجتمع الدولي بالخروج عن صمته والقيام بواجبه القانوني والأخلاقي تجاه السكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولاسيما في قطاع غزة، بالتحرك الفوري لإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة ويتهدد حياة سكانه ومصادر رزقهم، وتوفير الحماية الدولية للسكان.

انتهى