21/7/2008

صعَّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي من عدوانها على الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث واصلت حملة الاعتقالات، التي طالت مؤخراً النائبة في المجلس التشريعي منى منصور، التي جرى اعتقالها فجر اليوم الاثنين الموافق 21/07/2008 من منزلها في مدينة نابلس ليرتفع بذلك عدد أعضاء المجلس التشريعي المعتقلين في السجون الإسرائيلية إلى حوالي (45) نائباً ونائبة من بينهم رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الدكتور عزيز دويك الذي تتدهور حالته الصحية. كما واصلت استهداف المؤسسات الأهلية والخاصة في الضفة الغربية.

وسط هذا التصعيد واصلت تلك القوات فرض حصارها المشدد على قطاع غزة، الذي يترافق مع استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية وحالة حقوق الإنسان ومستويات المعيشة للسكان في قطاع غزة. فعلى الرغم من مضي أكثر من شهر على إعلان اتفاق التهدئة، التي دخلت حيز التنفيذ الفعلي في التاسع عشر من حزيران (يونيو) المنصرم، والتي توقع المراقبون أن تفضي إلى رفع الحصار المشدد المفروض على القطاع، إلا أن أي متغير حقيقي لم يحدث ولم يلمس السكان تحسناً يذكر في أي من أوجه حياتهم سواء تعلق الأمر بتوفر احتياجاتهم الأساسية أو الأدوية والمعدات الطبية والوقود والمحروقات، حيث يعاني القطاع من أزمة خانقة في الوقود والمحروقات وغاز الطهي. وهذا على عكس ما تدعيه قوات الاحتلال بأنها خففت من حصارها وأعادت فتح المعابر.

فعلى صعيد حرية السفر والتنقل، تواصل تلك القوات إغلاق معبر رفح البري المنفذ الوحيد لسكان القطاع على العالم الخارجي ولم تسهم حالة الفتح الوحيدة التي جرت للمعبر وعلى ثلاث أيام متواصلة عن إحداث أي تغيير يخفف من عدد المحتجزين في قطاع غزة أو خارجه، بحيث لم يتجاوز عدد من سمح لهم بمغادرة قطاع غزة (150) شخص فيما مكث الآلاف في العراء بما في ذلك المرضى وكبار السن والأطفال على مدى يومين على أمل أن يتمكنوا من مغادرة القطاع من بينهم حوالي (1400) مريضاً ممن لا تستطيع مستشفيات القطاع التعامل مع حالاتهم الصعبة ولاسيما أمراض القلب والسرطانات وغيرها. كما حال استمرار الإغلاق دون وصول مئات الطلبة إلى جامعاتهم، ودون لم شمل عشرات الأسر التي قدم عدد من أفرادها في زيارة القطاع منذ نحو عام ولم يتمكنوا من العودة إلى أسرهم في الدول التي قدموا منها. وقد عانى بعض أطفال هذه الأسر من فقدان فصل دراسي أو تأخر في التحصيل بسبب عدم التحاقهم في المدارس ومن التحق كان التحاقه متأخراً ووجد نفسه أمام منهاج مختلف عن نظيره في الدول التي قدموا منها.

كما واصلت الأوضاع الإنسانية والاقتصادية ومستويات المعيشة تدهورها، فعلى سبيل المثال وبالرغم من فتح المعابر جزئياً والسماح بدخول بعض السلع بقي قطاعا الزراعة والصناعة يعانيان من المشكلة نفسها بسبب ندرة المواد الخام والأسمدة والأدوية وفي الوقت نفسه سد منافذ التصدير أمامهما، كما تواصلت أزمة حركة النقل والمواصلات الداخلية، مما تسبب في استمرار ارتفاع أسعار المواصلات وندرتها وتعطيل عمل قطاعي الصناعة والزراعة وبقيت المنتجات الزراعية في حدود مستوياتها السابقة الأمر الذي أسهم في استمرار ارتفاع أسعار بعض المنتجات الزراعية وجعلها في مستويات دون قدرة الجمهور الشرائية.

هذا واستمر الشلل الذي أصاب قطاعات التجارة والبناء والإنشاءات والسياحة، كما تواصلت الانقطاعات المتكررة ولساعات طوال للتيار الكهربائي، ونسب التلوث المرتفعة في الهواء ومياه البحر.

وصعَّدت قوات الاحتلال من انتهاكاتها الموجهة ضد الصيادين الفلسطينيين، الذين تتعرض مراكبهم لإطلاق نار يتكرر بشكل شبه يومي، حيث أصيب منذ إعلان التهدئة الصيّاد: زياد محمد أبو ريالة، البالغ من العمر (38 عاماً)، بجروح في وجه. كما اعتقلت عند حوالي الساعة 6:00 من صباح يوم الأحد الموافق 13/7/2008 الصياد خليل إبراهيم عبد الله البردويل، البالغ من العمر (33) عام، والصياد محمد محمد إبراهيم البردويل، البالغ من العمر (19) عام، وذلك خلال تواجدهم على بعد حوالي كيلو مترين عن ميناء الصيادين داخل بحر رفح، وأجبرتهم على خلع ملابسهم والسباحة إلى الزورق الحربي، واقتادتهم لجهة غير معلومة، قبل أن تفرج عنهم عند حوالي الساعة 21:00 من مساء يوم الأحد نفسه. هذا وتشير حصيلة أعمال الرصد والتوثيق في المركز إلى أن النصف الأول من العام 2008 كان هو الأسوأ لجهة أعداد الضحايا الذين قتلوا على أيدي قوات الاحتلال أو في مواجهتها من بين سني الانتفاضة، حيث بلغ عدد القتلى (371) قتيلاً، من بينهم (61) طفلاً و(18) سيدة، وبلغ عدد المعتقلين (182). ومنذ بداية التهدئة قتل فلسطينيان على أيدي قوات الاحتلال وجرح (6) فيما اعتقل اثنان منذ بداية التهدئة المعلنة.

مركز الميزان لحقوق الإنسان، يجدد استنكاره الشديد لاستمرار الحصار المفروض على قطاع غزة، الذي يمس بمستوى حياة السكان مساساً جوهرياً يطال حقهم في الحياة، ويستنكر أي مقايضة بين حقوق الإنسان واشتراطات سياسية أو أمنية. ومركز الميزان يجدد مطالبته المجتمع الدولي، ولاسيما الأطراف السامية الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة، بالتحرك العاجل لوقف الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال ولاسيما جريمة العقاب الجماعي المتواصلة على قطاع غزة والتي تنتهك حقوق الإنسان كافة. عليه وأمام الشواهد المتكررة على تعمد قوات الاحتلال ارتكاب جرائم حرب وتجاهل المؤسسات القضائية لهذه الجرائم وتقاعسها عن ملاحقة المجرمين، فإن مركز الميزان يدعو المجتمع الدولي إلى البحث جدياً في إنشاء محاكم مختصة بالنظر في جرائم الحرب الإسرائيلية، والكف عن تسييس قضية حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإخضاعها لمصالح الأطراف الدولية السياسية والاقتصادية.

انتهى