16/4/2009

يصادف الجمعة الموافق للسابع عشر من نيسان (أبريل) 2009 الذكرى السنوية ليوم الأسير الفلسطيني، وهي مناسبة للتذكير بمعاناة آلاف المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، الذين يحرمون من حريتهم بسبب نضالهم سعياً لتحقيق الحق في حرية تقرير المصير للشعب الفلسطيني، ومئات الآلاف ممن اعتقلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية منذ العام 1967. وهي دعوة لشحذ الهمم وتحشيد الجهود الرامية إلى التضامن مع المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وفضح الانتهاكات الجسيمة والمنظمة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحقهم.

وتشير الإحصاءات إلى أن عدد المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية يبلغ الآن حوالي (9500) معتقل، من بينهم (360) طفل و(67) سيدة، وهم يشكلون جزءاً صغيراً من أكثر من 700000 فلسطيني اعتقلتهم إسرائيل منذ العام 1967، حيث بلغ عدد الشهداء ممن قتلوا داخل السجون (196) معتقلاً من بينهم (49) فارقوا الحياة جراء الإهمال الطبي.

تأتي ذكرى يوم الأسير هذا العام وسط أجواء من تصعيد سلطات الاحتلال انتهاكاتها الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني ومعايير حقوق الإنسان، ولاسيما المعايير الدنيا المتعلقة بمعاملة السجناء والأشخاص المحرومين من حريتهم، خاصة بعد أن قررت الحكومة الإسرائيلية في جلستها التي عقدت بتاريخ 29/3/2009م تشديد الإجراءات التعسفية بحق المعتقلين الفلسطينيين تشمل تكريس التمييز بين المعتقلين بناءً على الانتماء السياسي، وذلك وفقاً لتوصيات اللجنة التي شكلتها الحكومة الإسرائيلية لهذا الغرض في شهر مارس 2009.

وتتميز الإجراءات الجديدة بالقسوة ومزيد من التحلل من الالتزامات القانونية التي يفرضها القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان على دولة الاحتلال. كما أنها تشكل محاولة للانقضاض على المكتسبات التي حققها الأسرى عبر سنوات نضالهم الطويلة داخل المعتقلات الإسرائيلية وضحى العديد منهم بأرواحهم من أجل تحقيقها، وتتلخص في:

حرمان المعتقلين من متابعة وسائل الإعلام لعزلهم عن العالم الخارجي، حرمانهم من تلقي الأموال لشراء احتياجاتهم الأساسية بعد أن تحللت سلطات الاحتلال من واجباتها القانونية التي تفرض عليها توفير كافة حاجات المعتقلين، حرمان المعتقلين في سجون الاحتلال من حقهم من مواصلة تعليمهم، حرمان فئات جديدة من المعتقلين من زيارات ذويهم والالتقاء بهم – بعد أن كان هذا الإجراء يقتصر على المعتقلين من قطاع غزة – وممارسة مزيد من الضغوط لفرض الزي البرتقالي على المعتقلين. وتحاول سلطات الاحتلال التمييز بين المعتقلين بتركيزها الضغط على الذين ينتمون لحركة حماس، وإتباع أسلوب النقل المتكرر للمعتقلين إلى المعتقلات، في محاولة لشق صفوف المعتقلين ومنعهم من تنسيق مواقفهم سواء بين المعتقلين بانتماءاتهم السياسية المختلفة أو التنسيق بين المعتقلين في السجون كافة.

ويشكل هذا التصعيد حلقة في سياق الانتهاكات المنظمة التي ترتكبها قوات الاحتلال والتي تبدأ من الاعتقال التي عادة ما تتسم بالتعسف، أي غياب الأساس والسبب القانوني للاحتجاز وعدم توفير ضمانات المحاكمة العادلة، ولاسيما بعد أن أصبحت قوات الاحتلال تتعامل مع عدد من معتقلي قطاع غزة كمقاتلين غير شرعيين وتسمح باعتقالهم دون توجيه اتهام ودون فترة محددة للاحتجاز بناءً على معلومات وملفات سرية تمنع المعتقلين من استخدام وسائل الدفاع عن النفس، بينما تستمر في الاعتقال الإداري دون توجيه تهم محددة للمعتقل. إن هذه الإجراءات التي تشرعها المحاكم الإسرائيلية تجيز اعتقال أي فلسطيني لآي سبب ولأي فترة تريدها دون ضوابط تحميهم من مثل هذه الإجراءات التعسفية. كما يتعرض المعتقلون الفلسطينيون إلى التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة. ويحرمون من حقهم في زيارة أسرهم. كما يحتجزون في ظروف تنتهك المعايير الدنيا لمعاملة السجناء، سواء لجهة أماكن الاحتجاز وموائمتها مع الظروف المناخية أو المساحة الكافية والإضاءة ومرافق الإصحاح.

كما تتعمد سلطات الاحتلال حرمان المعتقلين المرضى من الرعاية الصحية الكافية وتقدم وجبات طعام سيئة نوعاً وكماً، بما يفضي إلى مشاكل صحية لها علاقة بسوء التغذية، وتحللت إدارة السجون من التزاماتها بتوفير حاجيات الأسرى من ملابس ومواد تنظيف منذ سنوات، وأصبحت هذه الممارسات تحظى بغطاء قانوني بعد تشكيل لجنة وزارية أقرت تصعيد الإجراءات التعسفية في مارس 2009، كما أورد البيان.

ويأتي تصعيد قوات الاحتلال انتهاكاتها الموجهة ضد المعتقلين الفلسطينيين وسط استمرار غياب أي جهد فلسطيني أو عربي أو دولي منظم من أجل إلزام قوات الاحتلال بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان ولا سيما المعايير الدنيا لمعاملة السجناء وتوفير المحاكمة العادلة لهم والإفراج الفوري عن كافة المعتقلين الإداريين أو الذين باتت تصنفهم قوات الاحتلال على أنهم مقاتلين غير شرعيين في إجراء يشرع انتهاك أبسط أسس المحاكمة العادلة، والإفراج الفوري عن الأطفال والنساء والمرضى كافة، والعمل على تحرير المعتقلين السياسيين كافة.

مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يؤكد على استمراره في مواصلة كافة جهوده في تمثيل والدفاع عن المعتقلين الفلسطينيين وفضح الانتهاكات التي ترتكب بحقهم فإنه يؤكد على أن الجهود التي تقوم بها مؤسسات حقوق الإنسان لا يمكن لها وحدها أن تحقق نجاحاً كبيراً ما لم يتمكن المجتمع الفلسطيني من استعادة وحدته السياسية ووضع قضية المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية على رأس أولوياته والعمل على تحشيد الجهود العربية والدولية لممارسة أقصى درجات الضغط على دولة الاحتلال لوقف انتهاكاتها الجسيمة والمنظمة لقواعد القانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان، والعمل على تحرير المعتقلين الفلسطينيين.

وفي هذا السياق يدعو مركز الميزان منظمات المجتمع المدني ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية والمحلية والأحزاب السياسية إلى التحرك الجاد لفضح ما ترتكبه قوات الاحتلال من انتهاكات لقواعد القانون الدولي وخاصة قانون المقاتل غير الشرعي والعمل على وقف استخدامه كونه يشكل انتهاكاً خطيراً للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، والعمل على إلزام سلطات الاحتلال بواجباتها القانونية في توفير احتياجات المعتقلين كافة وفي مقدمتها حقهم في الرعاية الصحية وتلقي زيارات ذويهم ومراسلتهم والاتصال بهم. والإفراج العاجل عن الأطفال والنساء والموقوفين دون محاكمات ودونما تهم محددة تمهيداً لتحرير المعتقلين الفلسطينيين كافة.

انتهى

مركز الميزان لحقوق الإنسان