14/11/2005
افتتاحية “نساء سورية”
بقلم: سوسن زكزك
كنا نعرف منذ بداية حملتنا “لا لقتل النساء” ان ردات فعل كثيرة ستثار ضد الحملة،وبخاصة في مجتمع استسهل التضحية بحقوق الانسان بعامة، وفي مقدمتها حقوق النساء، نتيجة لارث كبير من العسف المجتمعي وللعطالة العقلية التي وجدنا فيها ” ملاذا آمنا ” يقينا شر الوقوع في التجربة !
وكان من الطبيعي أن تتنامى ردات الفعل هذه، وتأخذ أشكالا أكثر حدة مع اتساع الحملة لتصبح حملة وطنية، يشارك فيها ألوان متعددة الانتماءات والمشارب، لايجمعها الا رغبتها، ومن ثم اصرارها،على أن تحمي حق الحياة لنساء مهددات بالموت الرخيص لمجرد الشبهة، أو لأسباب بعيدة كل البعد عن الشرف !
وحيث ينعدم التفكير تنتصب الحجج -أو التهم – الجاهزة، التي تستند الى القانون نفسه.
والذي يسوغ قتل النساء بحجة ” الدفاع عن الشرف”, بحيث يؤسس القانون لمنظومة أخلاقية غريبة، تجعل المتحول الثقافي الذي يتبدى عبر عدد من العادات والتقاليد القابلة للتطور، والمفترض بها هذا، تجعل من هذا المتحول قيما أخلاقية مقدسة، تتنافى بالأصل مع القيمة الأساس .
وكمثال بسيط : لقد بقيت الحرية، وهي أساس حقوق الانسان، قيمة مقدسة عند البشر منذ بدء الخليقة، وظلت حلما يستنهض المحرومين منها، بينما كان التمتع بها مرتبطا بتوازن القوى في المجتمع، وبتطوره الحضاري ، فكلما ارتقى درجة كلما اتسعت دائرة المتمتعين بها ، وأصبح حرمان الناس من حرياتهم ممارسة أخلاقية مرفوضة !
فالأصل اذا هو القيمة الأخلاقية، فكيف يتماشى الشرف مع القتل ، وأين يكون الشرف عندما تتحول العلاقة بين المرأة و أبيها أو أخيها أو زوجها الى علاقة قاتل بضحية !
و كيف يمكن للشرف هذا أن يحول هذا الانسان القريب الى قاتل بالاكراه بدافع الضغط المجتمعي البدائي، أو بتشجيع من القانون نفسه، فهل هذا هو الشرف الذين تريدون ” حمايته ” ؟! أم هو ذلك الشرف الذي يجعل ألسنة الناس تلوك تلك الضحية، وأن تجعل من ” الحبة قبة ” ، لتصبح رمزا من رموز العيب ، دون أن يمكن لأحد أن يتأكد مما حصل ، أو كيف حصل ، أو حتى لماذا حصل ، وان كان بالأصل هناك ” حبة ” حتى يحق لكم أن تجعلوا منها ” قبة ” !
وهل الشرف في أن يسن كل واحد قانون محاسبة خاص به أو ب “حاشيته ” تحت ذريعة خصوصية ما ، تعكس خوفا ” مرعبا ” من التطور البشري الذي يجري حولنا ؟!
أين الشرف في كل هذا ؟ بل أين الأخلاق ؟!
لستم وحدكم يا سادتي حريصين على ” الأخلاق ” ، بل نحن جميعا حريصون عليها، ولكن دعونا لا نستسهل اطلاق الأحكام ، ولنعمل عقولنا ، ولنسأل أنفسنا ما الذي يجعل سوريا في الترتيب الخامس بين بلدان العالم في قتل النساء تحت هذه الذريعة ؟! هل لأن نساءنا …….؟! ” لاسمح الله ” . أم لأسباب لاعلاقة لها البتة بالأخلاق أو ب “الدافع الشريف ” ، وبخاصة أنه لم تجر أية جهة حتى الآن أي دراسة ميدانية كافية تظهر الدوافع الحقيقية أمام ارتفاع عدد هذا النوع من الجرائم ، وكذلك تظهر العدد الحقيقي لها ، الذي يفوق بكثير الحالات المرصودة ! (وهذا مالمسناه خلال الحملة ).
ودعونا جميعا نعمل من أجل أن تنسجم ممارساتنا الأخلاقية مع القيم الأخلاقية الايجابية ، التي لا تنفصل عن مجمل المنظومة الأخلاقية الحضارية الانسانية !