18/5/2006

بقلم: بسام القاضي
“في البداية”
افتتاحية “نساء سورية”

جددت رابطة النساء السوريات حملتها التي أطلقتها في أواخر عام 2003 من أجل قانون جنسية عادل يمنح أبناء المرأة السورية جنسية أماتهم.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقدته الرابطة بالتعاون مع المنتدى الاجتماعي بدمشق (16/5/2006). تلي خلاله بيان صحفي (اقرأ البيان..) أهاب بجميع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية التي تتطلع إلى التغيير الديمقراطي، ومن أجل تحقيق المساواة بين جميع المواطنين، ذكوراً وإناثاً، التحرك من أجل إزالة هذا التمييز من قانون الجنسية بما يوفر لآلاف الأسر المعنية التمتع بحقوق متساوية مع بقية أفراد المجتمع.

مذكرات..
في اليوم التالي للمؤتمر، سلمت الرابطة معروضاً إلى مكتب السيد رئيس الجمهورية (اقرأ المعروض..)، كما سلمت نسخة من المذكرة (اقرأ المذكرة..) إلى كل من رئاسة مجلس الوزراء ورئاسة مجلس الشعب السوري. ملاحظات حول المؤتمر

سنبدأ بالملاحظات أولاً. إذ رغم أهمية مثل هذه اللقاءات، وأن هذا اللقاء حقق بعض أهدافه من حيث إعادة التذكير بهذه القضية الهامة. إلا أن ثغرات مهمة بدت واضحة ولفتت الانتباه. وهي مسائل لا تتعلق بالشكل بقدر تعلقها بآليات عمل الجمعيات المدنية في سورية.

فقد كان لافتاً للنظر جلوس خمسة من (قيادة) رابطة النساء السوريات على المنصة أمام جمهور لم يتجاوز الخمسين شخصاً عدد كبير منهم من الإعلاميين! وهذه الوجوه الخمسة هي ذاتها، التي تقدمها الرابطة في كل نشاطاتها! وطبعاً حال الرابطة لايختلف في هذا الأمر عن حال غيرها! لكنه سؤال بات يطرح بقوة: هل هناك أي مبرر على الإطلاق لغياب أية وجوه جديدة في هذه الجهات؟ وطبعاً ليس هناك سوى احتمالين لهذا الأمر: إما أنه لا توجد وجوه جديدة وهذا يعني أن هذه الجمعيات فشلت فشلاً ذريعاً في استقطاب أي شخص! وإما أن هناك وجوه جديدة لكنها لا تجد منفذاً لتخرج من الظلام! إن الذرائع المختلفة التي نسمعها دائما حول هذا الأمر، لم تعد تقنع أحداً. والمسؤولية في هذا الأمر لا تقع بإطلاق على القوانين الاستثنائية وغياب ثقافة التطوع وما إلى ذلك ن حجج نسمعها دوماً. ولعله من النافل أن نقول مرة أخرى أنه لو لم تكن هناك معوقات في العمل المجتمعي لما كان هناك ضرورة لوجودنا أصلاً. هذا الأمر بات من الضروري معالجته معالجة جذرية. وبات من الضروري القول أن الناس ملت الوجوه ذاتها التي تتحدث بالأسلوب ذاته والكلمات ذاتها إلى ما لا نهاية! وهذا أمر مهم حتى من الناحية الشكلية.

أما إصرار العضوات الخمسة على تبادل الأدوار في الحديث، فقد كان أيضاً مثيراً. إذ بدا بوضوح كما لو أنه من الضروري أن يكون لكل منهن مساحة! وإلى درجة كبيرة لم يكن الأمر يتعلق بالاختصاصات أو بضرورات العمل! الملفت أيضاً هو هذا العدد القليل من الحضور في موضوع على هذا القدر من الأهمية! خاصة أنه مضى على إطلاق الحملة سنوات!

ولم يجد التبرير المقدم بأن جميع الجهات قد دعيت إلى الحضور نفعاً في تبرير هذا الأمر! إذا كانت حقاً قد دعيت، فإن النتيجة تستدعي مراجعة الرابطة لأسلوبها وطريقة عملها في هذا الشأن. إذ من غير المعقول أن تقدم شهادات حية هي ذاتها التي قدمت قبل سنوات! وهذا يعني لأي قارئ حيادي أن عملاً لم ينجز خلال هذه السنوات إلى درجة أنه لا يوجد شهادة حية جديدة!

وسؤال آخر مهم طرح همساً من بعض المهتمين: رابطة النساء السوريات هي عضو في “تجمع سوريات” الذي أطلق منذ فترة ويضم عدة جمعيات سورية عاملة في قضايا المرأة (إضافة إلى اللجنة الوطنية لتطوير دور المرأة وجمعية المبادرة الاجتماعية ومنتدى سوريات الإسلامي والمنتدى الفكري ومجموعة كوكب اللاعنف ولجنة دعم قضايا المرأة)، فلماذا أطلق البيان الصحفي، والمؤتمر ككل، باسم الرابطة وحدها؟ وهل يكفي تبريراً لذلك أن الرابطة قامت بحملتها الأولى قبل تأسيس التجمع؟ وأين صوت التجمع، كجهات منفصلة وكمجموعة، داخل المؤتمر؟ وهل فشل الجميع في إقامة حشد ملائم؟ وأخيراً، فإن البيان الصحفي كان يجب، برأينا أيضاً، أن يتضمن تفاصيل أكثر حول ما جرى عمله خلال السنوات الماضية. وخاصة كان يجب أن يضع النقاط على الحروف بإشارة واضحة إلى الجهات التي ساهمت في تأخر هذا القانون. وعدم الاكتفاء بإعلان متابعة العمل والمناشدة على دعم هذا العمل والتحرك لأجله.

هذه الأسئلة تحتاج فعلاً، برأينا، إلى وقفة مهمة ومتأنية. فطالما أن أعضاء التجمع قد أطلقوا هذا التجمع، لم يعد مبرراً أن يعود العمل شكلاً ومضموناً إلى الوراء.

نقاش مفتوح
الصحفي جورج كدر تساءل عن الجهة المعرقلة لصدور القانون؟ وأجابت السيدات أنه ليس لديهن فكرة إن كانت هناك جهة معرقلة لهذا الأمر! خاصة أن الحكومة أرسلت استفساراً إلى وزارة الأوقاف سائلة إياها رأيها فأجابت الوزارة بعدم وجود ما يمنع تعديل القانون من الناحية الشرعية. أما لماذا لم يصدر القانون حتى الآن فلا أحد يعرف. وتساءل بسام القاضي عما فعلته الرابطة خلال عامين منذ تقديم الاقتراح إلى مجلس الشعب؟ وعن عدد النساء المتضررات التقريبي؟ وعن الاعتراضات الحكومية حول هذا الاقتراح؟

فأجيب أن الرابطة تتابع منذ 2004 مع أعضاء مجلس الشعب، وتدعوهم لتوجيه أسئلة خطية إلى مجلس الوزراء حول تأخره في الرد. لكن الأمل الذي بث دائماً عبر التأكيد أن إقرار الاقتراح بات قريباً لعب دوراً في ضعف الحركة تجاه هذا الأمر.

وأكدت السيدات أنه لا يوجد أي عائق قانوني أمام التعديل. والحجتين المتداولتين هما قضية المجردين من الجنسية، وقضية اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة. فيم يخص المجردين، جرى الاعتراف بأنها قضية وطنية على لسان أعلى مستوى في سورية، أي السيد رئيس الجمهورية، وكان هناك حديث واضح عن ضرورة حل هذه المسألة. وأما حق العودة، فقد أكدت اللجنة العليا لشؤون اللاجئين أن حصولهم على جنسية أخرى لا يؤثر على حقهم بالعودة، بل هو أمر سياسي يخص كل بلد على حدة. وأما فيما يخص حجم المشكلة، فلا يبدو أن هناك أية إحصاءات حول الموضوع. خاصة أن عقود توثيق الزواج لا تحتوي بنداً يثبت جنسية الزوج. لكن العمل الميداني يشير إلى أن هذه المشكلة شائعة على نطاق واسع. ومثلاً في مناطق ريف دمشق هناك عدد كبير من الفتيات صغيرات السن اللواتي يتزوجن من خليجيين. وهؤلاء كثيراً ما يتركن زوجاتهن سريعاً عائدين إلى بلدانهم وتاركين زوجاتهم حاملات بأطفال سيعانون المشكلة ذاتها.

وأشير إلى أن الحملة المذكورة جاءت في سياق حملة إقليمية حققت بعض النجاح في بعض البلدان العربية. فالجزائر أقر تعديل يمنح المرأة الجزائرية حق منح جنسيتها لأطفالها. وفي مصر كذلك لكن بدون أثر رجعي الأمر الذي دعا المهتمين إلى مواصلة الضغط بهدف حل هذه المسألة.

أصلان عبد الكريم تساءل إن كانت هذه المشكلة تخص الدول العربية والإسلامية، أم أنها عالمية. وتساءل عن عدد الدول التي منحت هذا الحق للمرأة. فأجيب على سؤاله بالقول أن المسألة تتعلق بعلاقة مدنية بين المواطن والدولة، ولا ترتبط بالإسلام. ولذلك هناك تطورات مختلفة المستوى على هذا الصعيد في كل من السودان واليمن والبحرين وتونس ولبنان.. وأشير إلى أن صعوبات إضافية ستواجه أبناء السوريات المتزوجات من غير السوري نتيجة القوانين الجديدة للعمالة الوافدة التي تشترط للحصول على رخصة عمل تأمين بمبلغ 10.000 ليرة سورية، كما أن تجديد الإقامة سيكون كل ستة أشهر، وغير ذلك…

وحول تحفظ سورية على إحدى مواد اتفاقية السيداو، وهي المادة المعنية بحق المرأة في منح جنسيتها لأطفالها، أبدى مفتي الجمهورية رأيه أنه لاصلة لقانون الجنسية بالشريعة الإسلامية، رغم أن التحفظ المذكور وضع تحت بند التعارض مع الشريعة الإسلامية.

عارف الشيخ، فلسطيني متزوج من سورية، أكد أن حق العودة هو حق جماعي وفردي، ولا يحق لأحد التصرف به، وتنازل فرد أو مجموعة عنه ليس له أثر على حق الآخرين به. ولذلك فإن منح السورية المتزوجة من فلسطيني جنسيتها لأبنائها لا يؤثر على حق هؤلاء الأولاد بالعودة. كما أشار إلى واقع أن الخدمات التي يستفيد منها الفلسطينيون المقيمون في سورية هي خدمات جيدة فعلاً ولا يشعر هؤلاء الأبناء بفرق واضح بينهم وبين السوريين.

راما نجمة تساءلت عن ارتباط هذا القانون بالزواج المدني مشيرة إلى أن بعض النساء المسلمات يتزوجن في أوروبا بأزواج غير مسلمين. فأجيب أن لهذه المسألة قوانينها التي لا تتعلق بالجنسية. فحتى السورية المسلمة التي تتزوج من غير مسلم يعد زواجها باطل. وحين يقع الزواج المدني خارج سورية يسجل نظامياً وفق شروط صحة الزواج المعمول بها في سورية. ومنطلق الحملة هو حق المواطنة المتساوي للرجل والمرأة. عبد الرحمن كوكي تساءل عن المشكلة المترتبة على ازدواج الجنسية في بعض الحالات. فالسعودية مثلاً تسقط جنسيتها عن السعودي الذي يحصل على جنسية عربية أخرى (رغم أنها تسمح بجنسية أمريكية إضافية مثلاً). مما قد يرتب مشاكل بخصوص أبناء السورية المتزوجة من سعودي حين يحصل أبناؤها على الجنسية السورية.

وتساءل إن كان من الأفضل اقتراح قانون يعطي هذا الحق في حالات محددة كفقدان الأب أو غيابه..

وأجيب أن حق الجنسية لا يتعلق بما تفعله الدول الأخرى. كما أن هناك قرار من جامعة الدول العربية (جرى التراجع عنه بعد حرب الخليج الأولى) باعتبار كل من يحمل إحدى الجنسيات العربية هو عربي. كما أن اللاجئين الفلسطيني هم كل من كان في فلسطين أثناء التهجير، وهم يضمون 11 جنسية مختلفة.

ثم قدمت ثلاث سيدات سوريات متزوجات من أجانب شرحاً لواقع الحال الذي يعشنه ويعيشه أبناءهن. 17/5/2006