14/1/2008
بعيدا عن التلفزيون (الفضائيات، الفيديوكليبات..).. بعيدا عن المذيعات في محطات المسابقات.. وعن فتيات الإعلان.. بعيدا عن كل هؤلاء.. وهنا، في الشارع والجامعة والأسواق.. نراهن: فتيات صغيرات السن ومراهقات وشابات وسيدات يتفنن بأنواع الملابس التي تبرز أجسادهن بطريقة لا تناسب المكان ولا الزمان! ويتفنن بتزيين وجوههن وتجميلها عند أطباء التجميل بشكل يجاوز المعقول والعادي والطبيعي، ليبرز عنفاً جديداً من نوع آخر على المرأة، تلك الإنسانة التي “يجب” أن تكون دوما بغاية الجمال!! فهي جسد ووجه ممنوع عليه أن يشيخ كأي مخلوق! وممنوع عليه أن يكون حرا كما هو دون تزييف أو تجمّل!
المرأة سلعة أو تقترب منها: تحاسب بمظهرها.. بسنها! وتقاس بمقياس لا يقاس به الذكر! فهو الرجل الحر يلبس كما يشاء ويظهر بما يريحه دون رتوش أو تزييف، إلا إذا أراد هو ذلك بكامل حريته وإرادته دون أية ضغوط!
لكنها هي التي لا يحق لها ما يحق لغيرها! ولا تملك من الأسلحة والحقوق ما يجعلها معتدة بإنسانيتها! فلا تكون لها الحرية باختيار نفسها على الأقل، ما يجعلها رهينة لعقلية تأسرها ضمن ملابس مبتذله وأشكال معينة موحدة تطلقها فنانات الواوا والدندنه والخاشوقة!
انه عنف وليد سلسلة من العنف بدأ من اعتبارها مواطنة من الدرجة الثانية، مرورا بتهميشها كجزء من الكماليات في البرستيج الاجتماعي، وتحفة فنية تقدّر بمظهرها ما يشعرها أنها لا تتعدى شكلها الخارجي ولا تقاس إلا به!
طالما تغنينا ببلادنا التي تنادي بالعفة والاحتشام وهجونا البلاد الأخرى المتحررة بطريقة حياتها ولباسها!! لكن، للعلم فقط، إن المرأة التي ترتدي وتتزين بالطريقة التي تتزين بها فتياتنا في الشوارع والجامعات والأسواق تعتبر مومسا في نظر “تلك” البلاد! فالمرأة الطبيعية هي الحرّة والتي تتم تربيتها على أن تكون حرّة..
لكن لا لوم على نساء بلادنا.. إنما على القوانين والعادات التي تجعل من تلك الإنسانة المواطنة ناقصة للأهلية وسلعة تشترى وتباع دون إرادة منها لتبقى معنفة بأشكال تختلف وتتنوع من يوم إلى آخر.
فهل سنشهد عنفا مختلفا أيضا في سنوات مقبلة؟! أم ثورة في القوانين والعقليات تعيد الحقوق إلى أصحابها والإنسان إلى إنسانيته؟