29 فبراير 2004
الإصلاح استحقاق دائم. ليس خطوة مرحلية، أو حملة عابرة، وإنما هو جدلية متعانقة مع الفساد إلى صيرورة لا متناهية يصرع فيها أحدهما الآخر إن استطاع.

والحياة لا تعرف السكون، لأن السكون نوع من أنواع الفساد، المُولِّد للأسن والركود فإما أن ينتهض الواقع صاعداً متطلباً جهداً وطاقة، وإما أن يتسفل نحو القاع فاقداً لقواه منقاداً لجذب الفساد. ينتهض الواقع فيأتي في طريق صعوده على بُنى الفساد وخلاياه، أو يتسفل فيجتاح قواعد الإصلاح ومستنداته.
و(الانتهاض) أو (التسفل) ليس تعليمات وأوامر وقوانين وإرشادات، كما أن التربية ليست تعليماً وتلقينا فقط، لانتهاض جهد ومشقة وديناميكية نفسية قبل أن تكون ظاهرية.. ولذا لا يقدر عليه إلا أشخاص مصلحون فلا يمكن أن يحارب الفساد الفاسدون.. وتبادل الأدوار يجعل عملية الإصلاح كوميديا تثير ضحكاً كالبكاء حيث على أنفسهم يضحك النظارة والمخرج والممثلون.

إن في وطننا واقعاً ديموغرافيا وسياسياً وإدارياً واقتصادياً تحتاج مواجهته إلى إرادة المصلحين.. ومن أفق إلى أفق ينبغي أن تتحول شعرة الإصلاح إلى حبل متين ومن ثم إلى ميثاق غليظ.. حين يكثر الحديث عن الإصلاح في هذه الأيام، يتساءل الإنسان: هل يمكن لأداة الفساد أن تكون أداة إصلاح ؟!

المدنيون الأحرار
29/2/2004