1/11/2006

لكل فرد حق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه
( المادة /3/ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان)

لكل شخص، بوصفه عضوا في المجتمع، حق في الضمان الاجتماعي، ومن حقه أن توفر له، من خلال المجهود القومي والتعاون الدولي، وبما يتفق مع هيكل كل دولة ومواردها، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي لا غنى عنها لكرامته ولتنامي شخصيته في حرية.
( المادة /22/ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان)

بيان

تعرضت مدينة رأس العين في الشمال الشرقي لسوريا ومحافظة الحسكة يومي 28 و 29 /10/2006 لهطول أمطار غزيرة إضافة لسيول جارفة عبرت من الحدود التركية عن طريق نهر الخابور حيث تبين فيما بعد أنها كانت نتيجة لفتح مجريين من سد خانكي على مجرى نهر الخابور مما أدى لفيضانات هائلة نتج عنها ارتفاع في منسوب المياه لما يقارب المتر ونصف ، الأمر الذي أفضى إلى مصادرة حق عدد كبير من الضحايا بالحياة إضافة لفقدان آخرين عرف منهم ( علاء الدين يوسف وعلي النامس ) إضافة لثلاثة من رجال الإنقاذ ، هذا عدا عن إغراق الكثير من القرى وهدم المئات من المنازل وتشريد العديد من الأسر و كان من بين المتضررين الذين تمت معرفتهم ( محمود ملا درويش وصوفي خلف واسماعيل موسى وداوود حلاوة و عبد الرزاق إبراهيم و إبراهيم أومري وإدريس أومري ومحمود عزيز وإبراهيم بكري ) إضافة لنفوق أعداد كبيرة من الماشية تقدر بما يزيد عن الخمسمائة رأس وقد تركزت معظم الأضرار في حي المحطة الشمالي والمحطة الجنوبي وحي الدخل المحدود إضافة لقرى تل خلف والأهراس وتل حمام والأربعين وتل تمر التابعة لمنطقة رأس العين إضافة لحي النشوة الغربية وقرية المفتي التابعة لمحافظة الحسكة.

إننا في المنظمة السورية لحقوق الإنسان إذ نعبر عن أرق التعازي لأسر الضحايا و أسمى آيات الإجلال لشهداء الواجب من رجال الإنقاذ فإننا نبدي قلقنا الشديد مما تواترت أخباره عن التقصير الشديد للجهات الحكومية المسؤولة في عمليات الإنقاذ والتي كان عليها اتخاذ خطوات أكثر جدية لتوفير قدر أكبر من الاحتياطات الاحترازية لمثل هذه النكبات وذلك من خلال تجهيزات أكثر تقنية وقدرة أكبر على تشبيك جهود الإنقاذ فيما بين طواقم الإنقاذ بين عدة محافظات ومواجهة أكثر حرصاً لمظاهر التسيب الإهمال لدى أطقم وأجهزة الإغاثة وذلك برفدها بكل ما هو ضروري وتقني وحديث وسريع وقادر على التحرك لمثل هذه الظروف المأساوية.

و ترى المنظمة السورية لحقوق الإنسان أن لمنظمات ومؤسـسات العمل الأهلي والإنساني دور يتجاوز الرثاء و الوقوف على الأطلال وذلك بإعداد قوائم بأسماء المتضررين ومقدار الضرر الحاصل الجسدي منه والمادي وذلك تمهيداً لمساعدة الضحايا على المطالبة بالتعويض.

كما تطالب المنظمة بلجنة تحقيق عادلة ونزيهة و محايدة وشـفافة وبمشاركة من جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان لمعرفة المتسبب الرئيسي والمباشر بهذه الكارثة وذلك بإجراء الخبرة الفنية وبالسرعة الكلية وعلى يد خبراء اختصاصيين ومحلفين لمعرفة فيما إذا كان فتح المجريين على نهر الخابور كاف بحد ذاته لإحداث مثل هذه النتيجة الكارثية أم أن العوامل الطبيعية لعبت الدور الأكبر ولكشف الحقيقة فيما إذا كانت السلطات التركية قد أنذرت الحكومة السورية بأنها فتحت المجريين على نهر الخابور لاتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة أم لا.

وذلك تمهيداً لتحديد نسبة المسـؤولية عن الأضرار الحاصلة كخطوة أولية و ضرورية للمطالبة بالتعويض العادل والمنصف لأسر الضحايا لعل التعويض يأسو الجراح ويواسي الجريح.

تعقيب
من رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان
المحامي مهند الحسني

ينتج عن استعمالات مياه الأنهار الدولية آثار كبيرة و متعددة لها علاقة بسيادة دول حوض النهر الدولي باعتبار أن النهر الدولي يعتبر جزء من أراضي كل دولة من دول الحوض ويخضع لسيادتها.

بداية يعرف النهر الدولي وفقاً لقانون الأنهار الدولية إذا كان حوضهُ يمر في أقاليم دول مختلفة وبهذه الحالة تباشر كل دولة سيادتها على ما يمر في أقاليمها مع مراعاة مصالح الدول الأخرى التي يمر بها النهر الزراعية والصناعية والسكانية فهل تتمتع كل دولة داخل أراضيها بالسيادة المطلقة على النهر الدولي بحيث تستطيع أن تمارس صلاحياتها المطلقة داخل حدود دولتها.

يجيب على ذلك العرف الدولي ومن خلفه القانون الدولي بأنه لا يمكن لهذه السيادة أن تكون مطلقة لأن استعمالات المياه في دولة من دول حوض النهر العليا قد ينتج عنه ضرر لدول المصب أي الدول التي يمر بها النهر.

هذا وقد قنن القانون الدولي هذه المسـألة بقانون المجاري الدولية لعام 1997 الصادر عن الأمم المتحدة من خلال مبدأين قانونيين ملزمين ومتكاملين.

الأول : أنه لا يجوز التعدي على المصالح الحقوقية للدول المتشاركة بالموارد الطبيعية
الثاني : أن لا يؤدي الإستعمال إلى إيذاء محسـوس للدول الأخرى.

كما ان اتفاقية قانون المجاري الدولية غير الملاحية لعام 1997 حددت آلية التعاون بشان التدابير المزمع إقامتها من قبل أي من الدول المتشاطئة ، فقد نصت المادة (11) منه على أن تتبادل دول المجرى المائي المعلومات وتتشاور مع بعضها البعض وتتفاوض حسب الاقتضاء بشأن التدابير المزمع اتخاذها على حالة مجرى دولي مائي.

كما نصت المادة(12) المتعلقة بالإخطار المحتملة للتدابير المزمعة اتخاذها التي يمكن ان يكون لها أثر ضار حيث نصت هذه المادة (قبل ان تقوم دولة من دول المجرى المائي أو أن تسمح بتنفيذ تدابير مزمع اتخاذها يمكن ان يكون لها أثر ضار ذو شأن على دول أخرى من دول المجرى المائي, عليها ان توجه الى تلك الدولة أخطاراً بذلك في الوقت المناسب ويكون هذا الإخطار مصحوباً بالبيانات والمعلومات التقنية المتاحة بما في ذلك نتائج أي عملية لتقييم الأثر البيئي من أجل تمكين الدولة التي يتم إخطارها من تقييم الآثار المحتملة للتدابير المزمع اتخاذها.

من جهة أخرى فقد خرج مؤتمر الأمم المتحدة للمياه لعام 1977 بنتيجة مؤداها أنه ينبغي على الدول المتشـاطئة بالنهر الدولي تبادل المعلومات المتعلقة بالنهر والني يمكن الاعتماد عليها لإدارة مياهه بحيث تتجنب إلحاق أضرار بالأطراف المشتركة بالمياه.

ومن جهة أخرى فقد أكد قسم الموارد المائية في البنك الدولي بقراره رقم /97/ على أن على الدول العليا مشاورة الدول الواطئة في أي إجراء يهدف لإدارة موارد المياه.

كما أن المؤتمر الدولي لجمعية القانون الدولي بيوغسلافيا اعتبر الدولة مسؤولة طبقاً للقانون الدولي عن كافة الأعمال الخاصة التي من شــأنها تغيير النظام القائم على وجه يلحق الضرر بدولة أخرى.

من كل ما ســـلف بيانه تتجلى بوضوح مسـؤولية الحكومة التركية المباشـرة عن جميع الأضرار اللاحقة بالنفس والممتلكات في المناطق المتضررة من سوريا فيما إذا ثبت أنها لم تقم بما يلزم لتحذير الحكومة السورية بعد فتح المجريين على نهر الخابور وأن السيول الناتجة عن فتح المجريين كانت كافية بحد ذاتها لإحداث النتيجة الضارة.

رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان
المحامي مهند الحسني