13 اغسطس 2004

الرئيــس الشــرفي
العميــد محمــد شقــرون

في الوقت الذي تحتفل فيه النساء التونسيات بمناسبة العيد الوطني للمرأة ، تعيش نساء تونسيات تحت وطأة قيود وضعتها أجهزة الأمن حرمتهن من ابسط حقوقهن. والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين تهنئ النساء التونسيات بعيد المرأة وتقدم للرأي العام الوطني كل يوم عينة من المآسي التي تعيشها عدد كبير من النساء عبر رسائل وشهادات تلقتها الجمعية وتتوجه بنداء إلى كل التونسيات والتونسيين الأحرار للعمل على وضع حد لمعاناة هؤلاء النسوة ومن ورائهن عائلات وأبناء تحت رعايتهن.

شهادة شقيقة هدى بن قيراط

إلى كل الجمعيات الحقوقية و الجمعيات المعنية بالدفاع عن حقوق المرأة في هذه البلاد
إلى كل أحرار تونس

هذه مأساة أختي ومن ورائها مأساة كل سجينة رأي ذاقت السجن وويلاته وحُـرمت من طعم الحرية … سُـلبت حريتها ولو لدقيقة ولو لساعة من الزمن… تجرعت الظلم وأصناف القهر والمهانة بسجون تونس.

شقيقتي تدعى هدى بن قيراط من مواليد 27/11/1967 أصيلة جزيرة جربة، ترعرعت بين أحضان والديها وتعلمت ودخلت المدارس الابتدائية والثانوية ثم الجامعة بتونس (كلية الشريعة وأصول الدين). بدأت مأساتها في شهر مارس 1991 لما رجعت إلى مسقط رأسها بجربة في عطلة الربيع وياله من ربيع ؟؟ ،

أوقفتها شرطة مدنين لمدة ثلاثة أيام بدون موجب قانوني، خضعت لتهديد وترهيب وتعنيف وأحيلت في اليوم الرابع أمام السيد وكيل الجمهورية فأذن بالإفراج عنها ثم حضرت عدة جلسات بالمحكمة وانقطعت عن الدراسة وبقيت من مركز شرطة إلى آخر تتلقفها بطاقات إرشادات ومحاضر بحث وحجز لا قانوني.

حوكمت بالسجن مدة ستة أشهر ونُـفـذ الحكم في سنة 1992 إذ أدخلت سجن حربوب بقسم النساء وهناك قضت مدة العقوبة، عقلها وكل حواسها لم تتحمل السجن وظلماته وقهره للذات البشرية. فلمدة عشرة أيام كاملة ليلا ونهارا تبكي بصوت عال، عشرة أيام بدون أكل إلا الماء، عشرة أيام بدون نوم انتفخت عيناها ثم وجهها وبدأت فرائصها ترتعد من شدة الخوف ثم بدأت تهذي بكلام غير مفهوم ورفضت إدارة السجن نقلها إلى المستشفى . ومما خـوّفـها إيداع سجينة حق عام معروفة لدى الجميع بأنها سحاقية ( تدعى ع هـ ) وهمس سجينات الحق العام بان السحاقية ستنال حتما من هدى باعتبارها أصغر وأجمل سجينة موجودة بالغرفة ولكن السجينة (ع هـ ) تعاطفت مع هدى عندما رأت حالتها الصحية والنفسية متدهورة بل اكثر من ذلك عرضت نفسها للتعنيف والإهانة من قبل إدارة السجن لأنها طالبت بنقل هدى إلى المستشفى والإسراع في علاجها.

كان الأمر سيئا جدا بالسجن فالملازم فؤاد مصطفى كان يعنف السجينات بسبب وبدون سبب. حرمان من العلاج ومن أدوات الكتابة بدون تلفزة الفسحة غير مسموح بها لغير سجينات الحق العام تعاني من سوء التغذية فالكبرانة لا تمدنا الا بالقليل من الخبز ومرق فكنا نغمس الخبز في الماء لتخفيف وطأة الجوع.

انهارت هدى ودخلت في حالة هستيرية.. بعثرت الأدباش بالغرفة ونتفت شعر رأسها وحاولت الانتحار عدة مرات وذلك بخنق نفسها وعوض أن تنقل للعلاج تم ترحيلها إلى سجن القيروان. وما ان ولجت بابه حتى تلقفها الأعوان والمدير لزهر ورئيس” السنترا ” بالضرب والركل عندما عرفوا ان تهمتها الانتماء . قاموا بقص الخمارات و الادباش وطلبوا منها الانبطاح أرضا وبقيت كذلك لمدة نصف يوم والركل والضرب من طرف كل داخل وكل خارج من الأعوان .

وخرجت هدى من السجن بعد قضاء كامل العقوبة “ستة اشهر” خرجت تبكي ولم تفرح بالخروج وكل جوارحها مكسورة ولم تنته مأساة هدى بل تفاقمت لما مارسته الشرطة من مراقبة إدارية رغم أن الحكم لا يشمل عقوبة تكميلية مهما كان نوعها.

هدى تـُـمـضـي مرتين في اليوم وان تأخرت أو تغيبت تُـضـرب وتُـعـنّـف من قبل المدعو سالم الوريمي أحد أعوان الشرطة العدلية والمهذب نائب رئيس المركز.

تتردد هدى على مستشفى الرازي للمداواة والعلاج وتمر بفترات هلوسة واكتئاب ونوبات من الصرع والجنون لدرجة أنها تخرج من المنزل تجوب الأزقة والشوارع وتهذي وكم مرة دخلت إلى مركز الشرطة في حالة هيجان وكم مرة حاول رئيس المركز استصدار قرار إيواء بمستشفى الأمراض العقلية.

إن شقيقتي هدى أصبحت حطاما بعد أن كانت تشع حياتها بالبهجة..
إني أهيب بكل من يقرأ هاته الشهادة التي أسرد فيها مأساة هدى أن يتدخل وينقذها من الضياع والجنون والنسيان ……

تعليق “تونس نيوز”:
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم خفف المُصاب عنها وعن عائلتها وعن جميع ضحايا القمع في تونس رجالا ونساء شيبا وشبانا وأطفالا.

إن هيئة تحرير “تونس نيوز” تدعو الجمعيات التونسية والمنظمات غير الحكومية والنشطاء والشخصيات المهتمة بالشأن التونسي في البلدان الغربية (فرنسا وألمانيا وسويسرا وبريطانيا وكندا .. وفي أي مكان في العالم) إلى التكاتف والتشاور والتعاون من أجل توفير العلاج الضروري والعناية اللازمة للسيدة هدى قيراط داخل البلاد التونسية أو خارجها. وأجركم على الله)