16/8/2005
في هذه الأيام التي اشتد فيها حر الصيف توالت صرخات الإستغاثة من داخل السجون التونسية جراء الاختناق الذي يعيشه مئات المساجين السياسيين
فقد بلغ الى علم الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن تشكيات عديدة و صرخات مفزعة أصبحت تنطلق بين الفينة و الأخرى من قبل المساجين السياسيين الذين دخل البعض منهم في إضراب عن الطعام و قد كانت الرسائل الموجهة الى الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين ترسم صورة سوداء قاتمة لما يعانيه مساجين الرأي من اضطهاد مسلط عليهم في هذه الفترة بالذات فالبعض يتحدث خاصة من سجن برج العامري عن هذه المأساة بطريقة مفزعة :
“قضيت 14 سنة في أصعب الظروف أصبت خلالها بأمراض مزمنة آخرها فقدان السمع و الطنين المستمر في أذني من جراء الضجيج المتواصل ليلا نهارا و المدمر للأعصاب .أرفع اليكم هذه الصرخة من وراء القضبان عساها تبلغ مسامع كل من يهتم بأوضاع حقوق الإنسان في تونس و خاصة وضعية المساجين السياسيين و معاناتهم و هذه عينات من بعض معاناتي :
– الاكتظاظ الخانق حيث تحوي كل غرفة ضعف طاقة استيعابها .
– اختناق الأجواء داخل الغرفة بسبب كثرة التدخين و إلقاء أعقاب السجائر على الأرض مما سبب لي حساسية مفرطة و ضيق في التنفس .
– تكديس الأوساخ و انعدام النظافة إلا في المناسبات (زيارة المسؤولين) .
– انسداد المراحيض و فيضان المجاري الى داخل الغرف .
– تعمد إدارة السجن قطع الماء في أغلب فترات النهار و إرجاعه في ساعة متأخرة من الليل مما يتسبب في فوضى عارمة حتى الصباح و هكذا يستحيل النوم و الراحة .
– انتشار المؤثرات العقلية و لعب القمار و اللواط و سب الجلالة في ظل الصوت المرتفع للتلفاز الى أعلى حد .
و رغم الامكانيات المتاحة لدى الادارة (سجن برج العامري) مثل جناح K العزلة أو غرفة غير المدخنين فإنها ترفض نقلي الى هذه الغرف في حين يتم نقل مساجين آخرين (حق عام) بناء على تدخلات .
إنني أمام الوضع اللاإنساني لا يمكنني الاستمرار أو العيش في مثل هذه الظروف المدمرة للأعصاب و بعد 14 سنة التي قضيتها في السجن لذلك دخلت في إضراب جوع يوم 26/7/2005 و إني أناشد كل الجهات الحقوقية المدافعة عن حقوق الانسان و المنابر الاعلامية الصادقة و الشخصيات الوطنية الفاضلة أن تبذل كل ما في وسعها لوضع حد لمعاناتي و تحسين ظروف إقامتي .
أملي فيكم وطيد أن تقدروا الموقف و لكم مني جزيل الشكر و الامتنان ” .
و قد سبق للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن عبرت عن استيائها العميق للوضع الخطير الذي كان سببا في تفشي أمراض عديدة تبقى عالقة بأبدان المساجين السياسيين حتى بعد خروجهم من السجن
و الجمعية تطلق مرة أخرى صيحة فزع خاصة و أن ما يرويه المساجين المسرحون لا يمكن التغاضي عنه بأي حال من الأحوال و حيث أن قطع الماء المتعمد في فترة اشتداد الحرارة يحرم السجناء من الشرب و الإرتواء و يحرمهم من النظافة و تجدر الإشارة الى أن الغرفة التي تحتوي على سبعين سجينا لا يقع تزويدها إلا بحنفيتين اثنتين و هو ما يجعل السجناء مصطفن في طوابير طويلة من أجل شربة ماء
و أن قطع الماء عنهم لساعات عديدة من النهار هو نوع من أنواع التعذيب المسلط عليهم هذا بالإضافة الى أن انسداد المراحيض يتسبب في روائح كريهة و يجعل الهواء ملوثا و يؤدي مع كثرة الدخان المتصاعد الى الاختناق و حالات عديدة من الغثيان و فقدان الوعي و الاصابة بالربو .
و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين التي سبق لها أن نبهت الى هذا الوضع الخطير الذي لا يحتمل :
– تناشد جميع المسؤولين في وزارة العدل و الادارة العامة للسجون و مديري السجون بأن يضعوا حدا لهذه الممارسات الغريبة و تحملهم مسؤولية جميع الأضرار التي تحصل للمساجين السياسيين بدنيا و معنويا .
– تدعو كافة الهيئات و المنظمات الحقوقية و الأحزاب السياسية المحلية و الدولية للتدخل لوضع حد لهذه المأساة الانسانية التي قل و أن يوجد لها نظير في العالم .