24/11/2007

بسم الله الرحمن الرحيم
إلى كل ضمير حي ،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا السجين السياسي السابق أحمد بن مكي البوعزيزي من مواليد 05 أكتوبر 1953 بمدينة ماطر – ولاية بنزرت ، اُطلق سراحي في 30 نوفمبر 2006 في إطار سراح شرطي، بعد أن تأكدت السلطات التونسية من أن مرضاً عُضالا ً بات يُهدد حياتي و بعد أن قضيتُ أربعة عشر سنة متنقلاً بين السجون التونسية منذ سنة 1992 تاريخ محاكمتي بأحكام بلغ مجموعها 43 سنة.

وبدلاً من أن تكون استعادة حريتي مناسبة جديدة لتعويض بناتي دفء العائلة وحضور الأب وحنانه والإستمتاع بعبق البنوّة وريحها ،كانت عودتي إلى العائلة مناسبة أوقدت فيَّ الأحزان وبعثتْ في نفوس أفراد العائلة مشاعر الغبن والإحباط لاسيما بعد أن تأكد لدى الجميع أن سرطاناً أصاب مني الأمعاء الغليضة وامتد إلى الكبد ولا يزال يفعل فعله .. …. رجل جاوز الستين يعود لأهله بعد أن نخرت السجون عظامه وأورثته رطوبة حيطانها وعفونة هوائها مرضاً خبيثاً، ليجد نفسه بعد انقطاع عن العالم يجابه احتياجات عائلته المتعددة وكلفة الحياة المتزايدة ومصاريف الدراسة الجامعية الثقيلة لبناته، و مرض لا يقوى على تحمل كلفة دوائه غير الميسورين أو ذوي السعة(الحصة الواحدة من المعالجة بالأشعة تبلغ كلفتها 2000 دينار تونسية) ، فماذا عساني أفعل غير الصبر على البلاء و انتظار القضاء ؟

ما كنت لأرفع القلم و أخط هذه الكلمات لولا بريق في أعين بناتي كثيراً ما أرمقه فأقرأ فيه آمالـَهن في شفائي و رجاءَهن في بقائي إلى جوارهن، وما كنتُ لأعبأ على أي جنبٍ أموت لولا الخشية من أن يتهمني القريب قبل البعيد أني فوتُ أسباباً ولم أهتم لوسائلَ كانت تـُذهِبُ عني الداء وتُعِيدُ إليَّ العافية والشفاء . و لا يكون إلا ما يشاء الله .