24/2/2009

المقدمة
يعد تقريرنا هذا عن الحريات الصحفية في اليمن لعام 2008 ، التقرير الرابع في سلسلة تقاريرنا السنوية عن حال حرية الرأي والتعبير في اليمن ، سيكون من المؤسف القول أن الانتهاكات التي طالت الحريات الصحفية هذا العام بلغت حداً مخيفا من الزيادة كماً ونوعاً بالمقارنة بالأعوام السابقة ، ففي حين كانت الانتهاكات في عام 2005 ثلاثة وخمسين (53) حالة انتهاك ، رصدنا سبعة وستين(67) حالة انتهاك في عام 2006 ، وفي عام 2007 بلغت الانتهاكات (112) حالة ، أما عام 2008 والذي هو موضوع تقريرنا الحالي فقد بلغت الانتهاكات التي طالت الحريات الصحفية (248) مائتين وثمانية وأربعين حالة انتهاك أي بمعدل خمس انتهاكات في الأسبوع الواحد ، تنوعت بين الضرب والاختطاف والاعتقال والمحاكمة والتهديد والمنع من التغطيات الصحفية ومن الحصول على المعلومة ، إلى الحرمان من منح تصاريح اصدار الصحف وحجب المواقع الالكترونية وسحب تراخيص الصحف بقرارات ادارية .

كما أنه من الملاحظ بأن انتهاكات الحريات الصحفية في هذا العام ارتبطت بعلاقة مباشرة مع الفعاليات الاحتجاجية السلمية للمواطنين حيث وجد مراسلو الصحف والقنوات الفضائية انفسهم يشاركون منظمي تلك الفعاليات فيما يتلقونه من انتهاكات ، ويتعرضون مثلهم للقمع والتنكيل اثناء تغطيتهم الاعتصامات والتظاهرات حيث تعرضوا للضرب المبرح والمنع من عمل التغطية الصحفية ومصادرة ادوات التصوير والتوثيق الاعلامية، وحتى الفعاليات الاحتجاجية التي لم يتعرض منظموها للقمع من قبل السلطات الأمنية تفرد الصحفيون بالتعرض للانتهاكات وذلك لأن الأجهزة الأمنية لأنها قررت أن لايسمحون للصحفيين بتغطيتها إعلامياً ، وفي كلا الحالتين كان ذنب الصحفيون ومراسلو وسائل الاعلام انهم يزاولون مهنتهم في نقل الخبر فحسب .

كما تجلت العلاقة بين الصحفيين ومنظمي الفعاليات الاحتجاجية في طبيعة المحاكمات التي تعرضوا لها ، اذ تم محاكمة صحفيين وكتاب رأي وصحف في ذات المحكمة الجزائية المتخصصة وبذات التهمة الموجهة لمنظمي فعاليات الاحتجاج السلمي.

ان هذا التلازم والارتباط بين الانتهاكات التي طالت الصحفيين ومراسلي وسائل الاعلام وكتاب الراي ، وتلك التي طالت منظمي الفعاليات والاحتجاجات السلمية والمشاركين فيها يقودنا للحديث عن انتهاكات تطال حرية التعبير بمعناها الواسع بالصوت والصورة والكتابة ، وبشقها الحركي عبر الاعتصامات والتظاهرات والعصيان المدني. حيث أن كفالة حرية التعبير تعني كفالة حق المواطنين في ممارسة حقهم في التعبير بالصوت والصورة والكتابة وبالحركة اعتصاما وتظاهراً وغير ذلك.

وعلى ذلك فان عملية الرصد للانتهاكات التي تطال حرية التعبير يجب ان تشمل تلك الانتهاكات التي تطال ممارسي حقهم في التعبير الحركي جنبا الى جنب مع الانتهاكات التي تطال حرية التعبير بالقول والصورة والكتابة وهذا ماسنفعله في تقرير لاحق بإذن الله .

وختاماً سنقول: إننا في منظمة صحفيات بلا قيود ونحن نعد تقريرنا هذا لاحظنا بأن نوع الانتهاكات التي تعرضت لها الحريات الصحفية في عام 2008 لم تختلف عن تلك الانتهاكات في عام 2007 حيث تركزت في غالبيتها في الاعتداء المباشر على الصحفي بالخطف والضرب والاعتقال ومصادرة الأجهزة والمعدات الإعلامية بسبب نقل الخبر ومنعه من الحصول على المعلومة وتداولها.

الأمر الذي يجعلنا نؤكد على أن الحريات الصحفية في اليمن ستظل منتهكة.. محدودة الأثر .. متواضعة التأثير ، وستظل المشاركة المجتمعية في المساهمة الفاعلة في التنمية السياسية والاجتماعية غائبة كذلك ، حتى يتم إنجاز آليات وتشريعات جديدة تكفل حق الحصول على المعلومة وتتيح تداولها، عبر إتاحة قنوات وآليات النفاذ إلى الملفات والوثائق الخاصة بالمؤسسات العامة ، وعبر استحداث قانون جديد خلاق للصحافة والمطبوعات يتيح حق امتلاك وسائل الإعلام مقروءة ومسموعة ومرئية للجميع افراد ومنظمات وأحزاب، مع تخلي الدولة عن احتكار امتلاك وسائل الاعلام، وخصخصة وسائل الاعلام العامة بشكل يتيح للصحافة الخاصة النمو بصورة طبيعية.

إن الحضور الفاعل للصحافة وحرية التعبير مرهون أولا وأخيرا بحق الوصول للمعلومة وتداولها ، وحق امتلاك وسائل الإعلام مقروءة ومسموعة ومرئية . إن الحاجة لهذين الحقين تبدوا أكثر أهمية من أي شيء آخر ، فمابين الحقين يتوقف مستقبل حرية التعبير ومعها كل الحقوق والواجبات العامة ، ويجب أن يحتل هذان الحقان أولويات وأجندة الإصلاحات المؤسساتية التي نحتاجها في طريق اليمن إلى الحكم رشيد.
توكل عبد السلام كرمان
رئيسة منظمة صحفيات بلا قيود