1/9/2008
حذر الدكتور «محمد المخلافي» رئيس المرصد اليمني لحقوق الإنسان الأحزاب السياسية من الاستمرار في الأزمات السياسية والجهوية، مطالبا إياها بالتوافق من أجل ساحة سياسية خالية من الأزمات، وإصلاح النظام الانتخابي لضمان نزاهة وديمقراطية الانتخابات التي هي صمام أمان العملية الانتخابية. وقال المخلافي: «إن المدخل الأساسي لتوفير النزاهة في العملية الانتخابية يبدأ بسلامة ونزاهة السجل الانتخابي الذي يعد أساسا لكل عملية انتخابية وهو مصدر الثقة بالعملية الانتخابية ونتائجها». معلنا عن نية المرصد القيام بدراسة حالة السجل الانتخابي إلى جانب الرقابة على عملية القيد والتسجيل القادمة، وطرح الرؤى المختلفة بشأن حالة السجل ووضعه قانونيا، ودراسة حالة السجل الانتخابي ووضعه قانونيا وعمليا وطرحها على المعنيين الأحزاب السياسية واللجنة العليا للانتخابات». وأوضح أن «المشكلة حول عملية القيد والتسجيل والوثوق بالسجل تتكرر في كل عملية انتخابية». وأكد أن هذه الدراسة ستكون «شاملة لرؤى تتعلق بالشروط اللازمة ليكون السجل الانتخابي في الانتخابات القادمة أكثر سلامة وأقل اختلافا حوله». جاء ذلك في الندوة التي عقدها المرصد اليمني لحقوق الإنسان يوم أمس الأحد 23/8/ 2007 حول تقييم السجل الانتخابي، لمناقشة دراسة تقييمية للسجل الانتخابي. واستعرض د. عادل الشرجبي في الندوة دراسة تحليلية مدى ملائمة نظام التسجيل الانتخابي في اليمن للمعايير الدولية للانتخابات الحرة والنزيهة وأن «تديره بنية إدارية كفؤة مدربة ومستقلة وغير معرضة للتحيز أو الخضوع لضغوط أي من الأطراف السياسية وأن تمهد لعملية التسجيل الانتخابي بتنفيذ تحديد للدوائر والحدود الانتخابية، يراعى فيه تضاريس المناطق وتوزيعها الجغرافي، وتعتمد على بيانات ومعلومات مستندة إلى تعداد سكاني دقيق». وأكد على ضرورة «شمولية السجل الانتخابي والدقة والتنظيم والشفافية والعدالة والإنصاف. وأن هذه الدراسة تهدف إلى تقييم الإطار القانوني المنظم لعمليات إعداد ومواجهة السجل الانتخابي في اليمن والإجراءات التي اتخذتها اللجنة العليا للانتخابات لتنفيذ عمليات تسجيل الناخبين في ضوء معايير الانتخابات الحرة والنزيهة والعادلة وتحديد أهم جوانب القصور التشريعية والإجرائية وأسبابها وتقديم المقترحات اللازمة لحلها وتجاوزها». وأشار إلى أن معظم جوانب القصور في السجل الانتخابي ترجع إلى أن «نظام إعداد ومراجعة جدول الناخبين صيغ بشكل عام وفقا لنظام الانتخاب الفردي في دوائر صغيرة يتم الفوز فيها على أساس الأغلبية المطلقة، الأمر الذي يولد مشكلات عديدة فيما يتعلق بنظام تقسيم الدوائر وإعداد ومراجعة السجل الانتخابي». ودعا إلى ضرورة اعتماد السجل المدني «أساسا وحيدا للتسجيل المعتمد لتحديد سن المواطن المتقدم للتسجيل في سجلات الناخبين الأمر الذي يحد من تسجيل من لم يبلغوا السن القانونية وكذا عدم تكرار التسجيل في أكثر من دائرة انتخابية، ويقتضي أيضا أن تحدد المواطن الانتخابية للناخب بموطنين فقط هما محل إقامة عائلته أو محل إقامته الدائمة وإسقاط مكان العمل كموطن انتخابي». وطالب بأن تتم عمليات نقل الموطن الانتخابي بنفس الإجراءات التي «تمت بها عملية قيد الناخبين الذين بلغوا السن القانونية. ويتم التنسيق بين الدائرة التي يتم نقل الموطن الانتخابي منها والتي يتم نقل الموطن الانتخابي إليها دون تدخل اللجنة العليا للانتخابات وإلزام ورثة المتوفى بالإبلاغ عن وفاته وطلب حذف اسمه من جداول قيد الناخبين». كما طالب «النص صراحة بتشكيل لجان إعداد ومراجعة جداول الناخبين من الأحزاب السياسية الممثلة بالبرلمان، بحيث يمنح الحزب الحاكم 50 % من قوام اللجان وتحصل باقي الأحزاب على 50 %». وأكد على ضرورة أن تتم عملية «إعداد جداول الناخبين على مستوى الدوائر إلكترونيا، والنص صراحة على حق الأحزاب السياسية في الحصول على نسخة إلكترونية من الجداول الانتخابية لكل دائرة انتخابية». ورأى الشرجبي أن معظم جوانب القصور في السجل الانتخابي، ترجع «إلى أن نظام إعداد ومراجعة جداول الناخبين قد صيغ بشكلٍ عام وفقاً لنظام الانتخاب الفردي في دوائر صغيرة يتم الفوز فيها على أساس الأغلبية المطلقة» وهو النظام القاصر عن التمثيل الحقيقي للقوى السياسية المتنافسة في العملية الانتخابية، والذي يولد مشاكل عديدة فيما يتعلق بنظام تقسيم الدوائر، وإعداد ومراجعة السجل الانتخابي»، موصياً في هذا بإجراء «مناقشات وحوارات بين القوى السياسية حول تغيير نظام الانتخابات النيابية والفردية، بحيث يؤخذ بنظام التمثيل النسبي، وإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، بحيث تكون اليمن دائرة واحدة في الانتخابات الرئاسية، والمحافظة دائرة واحدة في الانتخابات النيابية، والمديرية دائرة انتخابية في الانتخابات المحلية.» ونبه إلى أنه و«بغض النظر عن مدى الاتفاق بين القوى السياسية حول تغيير النظام الانتخابي، أو عدم اتفاقها»، فإنه لا بد من تعديلات لقانون الانتخابات العامة والاستفتاء رقم 13 لعام 2001، فيما يتعلق بإعداد ومراجعة جداول قيد الناخبين، تتمثل في: «اعتماد السجل المدني أساساً وحيداً للتسجيل في جداول قيد الناخبين، بحيث تغدوا البطاقة الشخصية هي الآلية الوحيدة المعتمدة لتحديد سن المواطن المتقدم للتسجيل في سجلات الناخبين، وتحديد الموطن الانتخابي، إن اعتماد السجل المدني أساساً للسجل الانتخابي سوف يعمل على الحد من تسجيل الذين لم يبلغوا السن القانونية، ومن تكرار التسجيل في أكثر من دائرة انتخابية، لاسيما إن التسجيل سوف يعتمد على الرقم الوطني الذي لا يتكرر.» و«اعتماد محل إقامة المواطن أو محل إقامة أسرته ولو لم يكن مقيماً فيه كموطن انتخابي، وله أن يختار بين هذين الموطنين، مع ضرورة أن يتم تعريف الأسرة ( عوضاً عن العائلة في القانون الساري ) بأنها الزوج والزوجة والأبناء غير المتزوجين بالنسبة للناخب المتزوج، والوالدين والإخوة غير المتزوجين بالنسبة للناخب غير المتزوج». إن اعتماد السجل المدني أساساً للسجل الانتخابي، يقتضي أن تحدد المواطن الانتخابية للناخب بموطنين فقط هما محل إقامة عائلته أو محل إقامته الدائمة كما يرى الشرجبي في ورقته، ولذا ينبغي إسقاط مكان العمل كموطن انتخابي، في المادة (47) من القانون رقم (23) لسنة 2003 بتعديل القرار الجمهوري بالقانون رقم (23) لسنة 1991، بشــأن الأحوال المدنية والسجل المدني تنص على ما يلي: أ ) يكون قيد الشخص في إدارة الأحوال المدنية والسجل المدني في موطنه الأصلي أو مقر إقامته الدائم. ب ) لا يجوز منح أي مواطن بطاقة شخصية أو عائلية إلاَّ من موطنه الأصلي أو مقر إقامته الدائم. ويشترط الشرجبي أيضاً أن تتم عمليات نقل الموطن الانتخابي بنفس الإجراءات التي تتم بها عملية قيد الناخبين الذين بلغوا السن القانونية، بمعنى أن تتم العملية بالتنسيق بين الدائرة التي يتم نقل الموطن الانتخابي منها والتي يتم نقل الموطن الانتخابي إليها، دون تدخل اللجنة العليا للانتخابات، بحيث تتم أولاً حذف اسم الناخب من الدائرة التي يرغب في نقل قيده منها، ثم تسجيل اسمه في الدائرة التي يرغب في نقل موطنه الانتخابي إليها، وإلزام ورثة المتوفي بالإبلاغ عن وفاته وطلب حذف اسمه من جداول قيد الناخبين أيضاً، مع النص صراحة على عدم جواز نقل الموطن الانتخابي في نفس دورة التسجيل التي سجل فيها المواطن اسمه في جداول الناخبين لأول مرة في جدول قيد الناخبين، وكذلك النص صراحة على تشكيل لجان إعداد ومراجعة جداول الناخبين من الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، بحيث يمنح الحزب الحاكم 50% من قوام اللجان، وتحصل باقي الأحزاب الممثلة في البرلمان نسبة 50% من قوام اللجان، توزع فيما بينها بالتساوي، أو حسب تمثيلها في البرلمان. وقدم الشرجبي العديد من الـ «ينبغيات» التي أوصى أن يتضمن قانون الانتخابات نصوص واضحة فيما يتعلق بعملية تقديم الشكاوى ضد أي انتهاكات لقانون الانتخابات، تفصل بشكل كامل الطريقة والأطر الزمنية لتقديم الشكاوى وطريقة التعامل معها وحلها. و يجب أن يكون للقضاء والنيابة العامة اطر واضحة حول آلية تعاملهم مع الشكاوى المتعلقة بالانتخابات وعلى اللجنة العليا للانتخابات والنيابة العامة والقضاء أن توفر معلومات عامة حول عدد الشكاوى المستلمة والطريقة التي حلت بها، وأن ينص القانون على أن تتم عملية إعداد جداول الناخبين على مستوى الدوائر إلكترونياً، والنص صراحة على حق الأحزاب السياسية في الحصول على نسخ إلكترونية من الجداول الانتخابية لكل دائرة انتخابية، بصيغة يمكن التعامل معها، إحصائياً، مع ضمان عدم التلاعب بها، أو ساتخدامها في التزوير. وأن تحذف عبارة «والتعليمات التي تصدرها اللجنة العليا» التي ترد بعد عبارة «وفقاً للقانون» في مواد القانون المعدل. وأن ينص القانون المعدل على ضرورة تحديد أسماء المحاكم والقضاة المعنيين بالطعون المتعلقة بقرارات الإدراج والحذف في الدوائر المحلية، وان يتم نشرها بالتزامن مع نشر جداول قيد الناخبين الأولية. وقدم الأكاديمي «عبد الجليل الصوفي» عرضاً لتقسيم الدوائر الانتخابية وتأثيرها على نتائج الانتخابات البرلمانية كنموذج، في ورقته التي رأى فيها أن موضوع تحديد الدوائر الانتخابية والدوائر المحلية والمركز الانتخابي من الموضوعات المهمة في العمليات الانتخابية بشكل عام، رغم عدم حصولها على الاهتمام الكافي من قبل الأحزاب والقوى السياسية اليمنية، ومنظمات المجتمع المدني المهتمة والعاملة على الانتخابات والرقابة عليها. ورأى الصوفي أن الأحزاب السياسية تتعامل مع الانتخابات كتكتيك مرحلي دون رؤية إستراتيجية. وقال «الصوفي»: «إن أبرز المشكلات منذ بداية الانتخابات البرلمانية الأولى في 1993 هي ضعف الحيادية والشفافية والنزاهة لدى اللجنة العليا للانتخابات، الأمر الذي جعلها محل شكوك الهيئة الناخبة بل وعدم مصداقيتها من قبل قطاع واسع من الناخبين». مستغرباً من تأخير نقاش موضوع تقسيم الدوائر الانتخابية مما يزيد من تردي الوضع الانتخابي في اليمن عبر عزوف الناخبين عن المشاركة الجادة في الانتخابات، حيث أن التقسيم الانتخابي الحالي يعد أحد الوسائل التي تكرس هيمنة طرف أو حزب أو قوة سياسية أحادية على البرلمان ليتم إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية بطريقة أكثر عدالة ومنطقية وعلمية. واعتمد الصوفي أولاً قياس الفرق بين النسبة المئوية للمقاعد لكل حزب من إجمالي مقاعد البرلمان والنسبة المئوية للأصوات التي حصل عليها نفس الحزب من أجمالي الأصوات التي ذهبت بالكامل إلى صناديق الاقتراع. ليستنتج أن الحزب الحاكم «المؤتمر الشعبي العام» حصل في انتخابات 1993 على122 مقعدا بما نسبته40.53% من المقاعد مقابل حصوله على 640523 صوتا بما نسبته 28.68%. وهو ما يكشف عن «أن هناك فارقا بينهما بحدود 11.85%. كما حصل في انتخابات 1997 على 187 مقعدا بما نسبته 62.54% ، مقابل حصوله على 1175343 صوتا بما نسبته 43.62% أي بفارق 19.4.» «أما فيما يتعلق بانتخابات عام 2003 فقد حصل حزب المؤتمر على 229 بما نسبته 76.07%، مقابل حصوله على 3439442 صوتا بما نسبته 60.13%. أي بفارق 16.6.» ليصل بذلك إلى «أن كل المؤشرات والأرقام والنسب تنسجم مع القاعدة -التي اعتمد عليها- لمعرفة في صالح من كان تصميم الدوائر الانتخابية بهذه الطريقة. تشير إلى أن الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام هو المستفيد الأكبر، وقد «كان ذلك التقسيم محابيا ومتحيزاً معه، الأمر الذي أسهم مع عوامل أخرى لاستمراره في «مقدمة الأحزاب لثلاث دوارات انتخابية متتالية» و«ربما سيتسمر الحزب الحاكم المؤتمر في ضوء هذا التقسيم مسيطر ومهيمناً على الانتخابات القادمة 2009 والتي تليها.» وفيما يخص حزب التجمع اليمني للإصلاح «فقد حصل عام 1993 على 63 مقعدا أي بما نسبته 20.93%، وعلى 382545 بما نسبته 17.13 % من الأصوات، أي بفارق 3.8%، كما حصل عام 1997 على 53 مقعدا بما نسبته 17.72% وعلى 637728 صوتا بما نسبته 23.66% أي بفارق -6.6 ، وحصل عام 2003 على 46 مقعدا بما نسبته 15.28% وعلى 1346128 صوتا بما نسبته 23.53% أي بفارق 8.25-. الأمر الذي يشير إلى أن حزب الإصلاح استفاد من تصميم الدوائر الانتخابية لدورة انتخابية واحدة فقط هي الأولى والتي كان متحالفا فيها مع المؤتمر، غير أنه حصل نوع من التلاعب بالدوائر وبمراكزها ضده في الدورتين الانتخابيتين 1997 و 2003 وربما يعزى ذلك إلى خروجه من عباءة المؤتمر وإعلانه فك التحالف الاستراتيجي معه عام 1996 من جهة أو الأمر الذي جعله يتقدم في الأصوات لكنه يتراجع في المقاعد بمعنى أن تصميم الدوائر كان متحيزا ضده وليس معه. وويناقش الصوفي الوضع الذي يخص الحزب الاشتراكي اليمني الذي حصل على المرتبة الثالثة في أول انتخابات جرت في البلاد بعد إعادة تحقيق الوحدة عام 1990، وكان قد حصل على 56 مقعدا في البرلمان بما نسبته 18.6 %، بينما حصل على 413984 صوتا بما نسبته 18.45 % أي إن الفارق بسيط لا يكاد يذكر وهو .6.% الأمر الذي يشير إلى أن الاشتراكي لم يكن مستفيدا من التلاعب في حدود الدوائر الانتخابية، وفي عام 1997 لم يكن مشاركا في الانتخابات، بينما في العام 2003 حصل على7 مقاعد فقط بما نسبته 2.32% وحصل على 277223 صوتا بما نسبته 4.84 %.ومما سبق يمكن الإشارة إلى إن الحزب الاشتراكي تأثر كثيرا بالاتجاه السلبي من تصميم الدوائر الانتخابية بل إن تحيزا وتلاعبا ضده أصبح أمر واضح للعيان بصورة كبيرة وليس العكس. ثم اعتمد الصوفي طريقة أخرى في دراسته تتضمن الإشارة إلى تخطيط الدوائر الانتخابية وتعين حدودها بطريقة غير علمية بحيث أصبحت تلك الدائرة تعاني من تشوهات كبيرة في حدودها، وعرض خلال ذلك حالتين لشكل دائرتين انتخابيتين هما الدائرة 242 في حرف سفيان بمحافظة عمران الذي وصف بالشكل الخرافي، والدائرة 43 في محافظة تعز التي قال إن مراكزها متباعدة ولا تصلح لتكون دائرة انتخابية. واختتم الصوفي ورقته بالتوصية على أنه »لا بد أن ينظر للتقسيم الانتخابي الحالي على انه إحدى الوسائل التي تكرس هيمنة طرف أو حزب أو قوة سياسية أحادية على البرلمان، مما يحتم إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية بطريقة أكثر عدالة ومنطقية وعلمية، ولا بد أن يشترك في أعادة تقسيم الدوائر الانتخابية كل الجهات والأطراف ذات العلاقة بالعملية الانتخابية بما فيهم المنظمات الدولية والأحزاب السياسية والشخصيات الاجتماعية والوزارات الحكومية المعنية والخبراء من الجغرافيين والسياسيين في المجال الانتخابي.» وضرورة الاستفادة من التقنيات الحديثة في العلوم الجغرافية كأنظمة المعلومات الجغرافية عند إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية لكونها توفر الدقة المعلوماتية في رسم حدود الدائرة الانتخابية وفي توزيع المراكز الانتخابية. |