20 مارس 2004
بقلم: الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان
لم تحد إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على العنف الممارس ضدها، وكان لا بد من إيجاد آليات متخصصة في محاربة هذا العنف. ويأتي الإعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة كأحد الآليات التي تبنتها الأمم المتحدة. وقد صدر هذا الإعلان عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلستها العامة الخامسة والثمانين في العشرين من ديسمبر 2001 . وترى الأمم المتحدة أن العنف ضد المرأة يمثل عقبة أمام تحقيق المساواة والتنمية والسلم. ومن هنا تؤكد ديباجة الإعلان أن العنف الذي يمارس ضد المرأة يشكل إنتهاكاً لحقوق الإنسان والحريات الأساسية ويحد من ممارستها لهذه الحقوق. وهو مظهر من مظاهر العلاقات القوى غير المتكافئة بين الرجل والمرأة على مدى العصور، والتي أدت إلى هيمنة الرجل على المرأة وممارسته التمييز ضدها . والعنف هو أحد الأساليب التي تفرض بها على المراة وضعية التبعية للرجل.
لم تحد إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على العنف الممارس ضدها، وكان لا بد من إيجاد آليات متخصصة في محاربة هذا العنف. ويأتي الإعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة كأحد الآليات التي تبنتها الأمم المتحدة. وقد صدر هذا الإعلان عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في جلستها العامة الخامسة والثمانين في العشرين من ديسمبر 2001 . وترى الأمم المتحدة أن العنف ضد المرأة يمثل عقبة أمام تحقيق المساواة والتنمية والسلم. ومن هنا تؤكد ديباجة الإعلان أن العنف الذي يمارس ضد المرأة يشكل إنتهاكاً لحقوق الإنسان والحريات الأساسية ويحد من ممارستها لهذه الحقوق. وهو مظهر من مظاهر العلاقات القوى غير المتكافئة بين الرجل والمرأة على مدى العصور، والتي أدت إلى هيمنة الرجل على المرأة وممارسته التمييز ضدها . والعنف هو أحد الأساليب التي تفرض بها على المراة وضعية التبعية للرجل.
يعرف الإعلان العنف ضد المرأة بأنه اي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التعديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة. ويشمل العنف مايلي:
· العنف البدني والجنسي الذي يحدث في إطار الأسرة بما في ذلك الضرب والتعدي الجنسي على أطفال الأسرة الإناث أو العنف المتصل بالمهر(تتعرض الإناث للإضطهاد والقتل وغير ذلك في البلاد التي تدفع الفتاة مهراً لعريسها كالهند مثلاُ) وختان البنات وغير ذلك من الممارسات التقليدية الضارة بصحة المرأة. ومن أشكال العنف ضد المرأة اغتصاب الزوجة (إجبارها على معاشرة الزوج بدون رضاها). إلى جانب العنف غير الزوجي الذي يمارسه أحد أفراد الأسرة كالأخ أو ولي الأمر وغيرهم غلى جانب العنف المرتبط بالإستغلال.
· العنف البدني والجنسي والنفسي الذي يحدث في إطار المجتمع العام بما في ذلك الإغتصاب والتعدي الجنسي والمضايقة الجنسية والتخويف في مكان العمل وفي المؤسسات التعليمية واي مكان آخر، والإتجار بالنساء وإجبارهن على البغاء.
· العنف البدني والجنسي والنفسي الذي ترتكبه الدولة أو تتغاضى عنه اينما وقع.
ولعل أكثر الفئات تعرضاً للعنف هن النساء المنتميات للأقليات والنساء المنحدرات من السكان الأصليين لأنهن الأكثر عرضة للتمييز العرقي والإضطهاد. واللاجئات والمهاجرات حيث يتعرضن خلال محاولتهن الفرار من بلدانهم إلى الكثير من المخاطر منها الإغتصاب أو القتل والإبتزاز. كما أنهن عادة ما يحاولن الهجرة مع أطفالهن مما يعيق تحركهن ويجعلهن اكثر عرضة للمخاطر.
و تفتقر الأرياف والمناطق النائية في البلدان الفقيرة إلى الخدمات الرئيسية كالكهرباء والماء والخدمات الصحية والتعليمية. وتتعرض النساء الفقيرات للعنف الأسري والإجتماعي. وكثير من النساء في هذه المناطق مسئولات مباشرة عن تأمين إحتياجات أسرهن المعيشية لذا فإنهن يكن عرضة للوقوع تحت ضغوط مادية ونفسية نتيجة لحالتهن الإقتصادية وعدم تمكنهن من تلبية إحتياجات أطفالهن. وعادة ما يكون الفقر والعوز سبباً لأن يمارس الرجل الإضطهاد على المرأة، وفي الريف والمناطق النائية يتمثل العنف الذي تتعرض له المرأة إلى تغلغل العادات والتقاليد وبالتالي الممارسات الضارة بصحة الفتاة والمرأة على وجه العموم كختان البنات على سبيل المثال. ومن الجدير ذكره هنا أن الكثيرون يعتقدون خطأً أن الختان هو واجب في الإسلام ، والحقيقة أنه عادةً متوارثة بين بعض الشعوب وترجع للعصر الفرعوني. ولقد كان الختان يمارس في البحرين عند بعض الطوائف الإسلامية في بداية القرن الماضي ثم انقرض ولكنه عاد في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينات. وقد حذرت منه أخصائية إجتماعية تعمل في إحدى مدارس القري البحرينية، ثم تكلمت عنه كذلك باحثة بحرينية في ندوة عن المرأة وأكدت عليها أستاذة في كلية العلوم الصحية، ومؤخراً أشارت إليه عضوة في جمعية نسائية وأكدت أنه يمارس في بشكل متزايد في القرى، وناشدت الجمعيات النسائية بالتدخل لمنعه.
ومن الفئات النسائية اللاتي يتعرضن للعنف أكثر من غيرهن نزيلات السجون والمؤسسات الإصلاحيةـ وذلك ، ويكون ذلك عادةً نتيجة ممارسة التعذيب عليهن من قبل السلطات العقابية، إلى جانب أن العائلة عادة ما تقف ضد المرأة السجينة وبدلاً من أن تقف معها وتخفف من معاناتها نجد أن الكثير من الأسر تتبرأ من بناتهن في حالة سجنهن. وفي حالة الحروب تكون النساء عادةً أكثر تاثراُ بالنزاعات المسلحة فمن ناحية أن هن لسن طرفاُ في النزاعات إلا أنهن الضحايا الأكثر تأثراُ بها والسبب إنهن يكن عرضة للإعتداءات المسلحة والمخاطر. وتكون النساء في هذه الحال مسئولات عن تأمين سلامة الأسرة بكاملها وتأمين إحتياجاتها اليومية مما يعرضهن بالتالي إلى خطر القتل وغير ذلك من العنف كالإغتصاب والإعتداءات الجنسية وغير ذلك ، بالإضافة لتعرضهن لضغوط نفسية نتيجة خوفهن على أبنائهن. ولقد أشارت الكثير من شهادة النساء عن معاناتهن أثناء الحرب اللبنانية إلى هذه الحقيقة.
وتشير ديباجة الإعلان إلى أن العنف ضد المرأة ظاهرة عامة منتشرة في كل المجتمعات وهي تتخطى حدود الدخل والطبقة والثقافة. أي بمعنى آخر أن ينتشر العنف ضد المرأة في المجتمعات الصناعية الغربية الغنية كما ينتشر في المجتمعات النامية الفقيرة منها والغنية. وهو يمارس بين الطبقات الغنية والفقيرة، وبين المثقفين والمتعلمين والأميين، وهو ليس حصراً على طائفة أو مستوى تعليمي أو ثقافي معين.
ويشير الإعلان لأهمية الدور الذي تلعبه الحركات النسائية في لفت الإهتمام إلى طبيعة وصعوبة وضخامة مشكلة العنف ضد المرأة، حيث تلعب المنظمات والجمعيات النسائية دوراً كبيراً في محاربة العنف ومساعدة النساء المعنفات وتقديم الدعم القانوني والنفسي لهن. وقد أنشأت المنظمات النسائية مراكز للإستشارات القانونية والنفسية. كما افتتح البعض بيوتاً لإيواء ضحايا العنف من النساء. وتجدر الإشارة هنا إلى أن جمعية أوال النسائية قد أنشأت الخط الساخن ومركز الإستشارات القانونية والنفسية، كما أنشأت جمعية نهضة فتاة البحرين مركزاً للإستشارات وبالتالي تكون هذه الجمعيتين قد وضعتا رجليهما على الطريق الصحيح لمحاربة العنف أو أي انتهاك لحقوق المرأة. إلا أن الدور الأكبر الذي يجب أن تلعبه هذه المنظمات النسوية ومنظمات حقوق الإنسان هو التوعية ونشر الوعي بحقوق المرأة وحث النساء على هدم جدار الصمت وكشف جرائم العنف التي يتعرضن لها سواء في الأسرة أو المجتمع. كما تلعب الجمعيات النسائية دوراً مهماً في الضغط باتجاه تعديل القوانين لصالح المرأة ومحاربة كافة أشكال التمييز ضدها.
ينطلق الإعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة من الحقوق الأساسية الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين. وهذه الحقوق هي: الحق في الحياة والحق في المساواة، والحق في الحرية والأمن الشخصي، والحق في التمتع بحماية القانون، والحق في عدم التعرض لأي شكل من أشكال التمييز والحق في أعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، والحق في شروط عمل منصفة وأخيراً الحق في أن تكون في مأمن من التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (المادة 3).
ويحَمِل الإعلان الحكومات مسئولية إتخاذ كافة التدابير التي من شأنها الحد من العنف ضد المرأة. فعلى الحكومات إدانة العنف ضد المرأة وعدم التذرع باية حجج كالأعراف والتقاليد أو الإعتبارات الدينية. كما تقع عليها مسئولية تنقيح قوانينها الوطنية بحيث تتضمن جزاءات جنائية أو مدنية أو جزاءات عمل بحق من يمارسون العنف ضد المرأة. كما يجب على الحكومات أن تعيد النظر في تحفظاتها بشأن إتفاقية السيداو، وأن تمتنع عن استعمال العنف ضد المرأة وتحقق في كافة ممارسات التعذيب التي ينفذها موظفيها وتحاسب المسئولين عن هذه الممارسات.
وعلى الحكومات أيضاً أن تضع الخطط والإستراتيجيات التي من شأنها محاربة العنف ضد المرأة وتعزيز المساواة والحقوق. كما أن عليها أن ترصد جزءً من ميزانيتها لهذا الغرض. ويدعو الإعلان الحكومات إلى بناء دور لإيواء النساء المعنفات مع أطفالهن، وأن والعمل على تاهيلهن نفسياً وجسدياً واجتماعياً. وحيث أن العنف ضد المرأة هو أحد السلوكيات الإجتماعية يضع الأعلان أهمية خاصة للتعليم حيث يدعو إلى إتخاذ التدابير من أجل تعديل أنماط السلوك الإجتماعي والثقافي للرجل والمرأة على حد سواء، وإزالة التحيز والممارسات التقليدية الأخرى المستندة إلى دونية أي من الجنسين أو تفوقه أو إلى القوالب الجامدة فيما يتعلق بدور الرجل والمرأة. وهذا يستلزم مراجعة كافة الكتب والمناهج التعليمية وتمحيصحها لإبراز أية نصوص أو قيم تمييزية بين الجنسين وبالتالي تعديلها. بالإضافة لذلك يجب على وسائل الإعلام المختلفة إصلاح أساليبها بحيث تساهم في محاربة التمييز والعنف ضد المرأة. وأن تساهم مساهمة فعالة في نشر التوعية بحقوق الإنسان وحقوق المرأة. وأن تشجع صوغ مبادئ توجيهية ملائمة للمساعدة على تنفيذ المبادئ التي يتضمنها الإعلان.
ويدعو الإعلان الحكومات للإعتراف بالدور الذي تؤديه الحركة النسائية والمنظمات غير الحكومية في كافة أنحاء العالم في رفع درجة الوعي والتخفيف من حدة مشكلة العنف ضد المرأة. بالإضافة إلى تسهيلها ومساندتها لعمل الحركة النسائية والمنظمات غير الحكومية وتتعاون معها على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية. وأن تشجع المنظمات الإقليمية والحكومية الدولية التي هي أعضاء فيها على إدراج القضاء على العنف ضد المرأة ضمن برامجها.
ولا ننسِ هنا دور مراكز الدراسات والبحوث بهذا الخصوص حيث أنها يجب أن تضطلع بمهمة رصد كافة أشكال العنف ضد المرأة وأن تجمع البيانات وتصنفها وخاصة فيما يتعلق بالعنف الأسري, وعلى الحكومات أن تساند هذه المراكز وأن تشجع الأبحاث التي تتناول أسباب هذا العنف وطبيعته وخطورته وتبعاته، ودراسة مدى فعالية التدابير التي تنفذ لدرئه ولتعويض من يتعرضن له ونشر نتائج هذه الدراسات على أوسع نطاق. كما أن على الحكومات أيضاً أن تضمن تقاريرها الدورية الخاصة بتطبيقها للإتفاقيات الدولية التي هي طرفاُ فيها قسماً خاصاً عن التدابير والقوانين التي تتخذها لمحاربة العنف ضد المرأة.
ويخلص الإعلان إلى الإشارة إلى المسئولية الدولية في محاربة العنف ضد المرأة. وهذه بعض الإجراءات ينبغي إتخاذه تعزيزاً لهذه الغاية ما يأتي:
-
- 1. تعزيز التعاون الدولي والإقليمي بهدف تحديد استراتيجيات إقليمية لمكافحة العنف، وتبادل الخبرات وتمويل البرامج المتصلة بالقضاء على العنف ضد المرأة.
-
- 2. الترويج لعقد الإجتماعات والحلقات الدراسية في مسألة العنف ضد المرأة.
-
- 3. تشجيع تبادل المعلومات والتنسيق بين هيئات الأمم المتحدة في مسألة العنف ضد المرأة.
- 4. التعاون مع المنظمات غير الحكومية في التصدي لمسألة العنف ضد المرأة.
بقى أن نذكر أنه استناداً إلى هذا الإعلان وإلى إتفاقية السيداو فإن على الحكومة والمجلس الأعلى للمرأة دوراً ومسئولية كبيرين في ترجمة هذه المبادئ إلى خطط واستراتيجيات وسياسات . كما أن عليها كذلك توثيق علاقتها مع الجمعيات النسائية بحيث تكون شريكاُ معها وليس تابعاً لها. وأن تعمل على تعديل القوانين المنظمة لعمل هذه الجمعيات بحيث تعطيها حيزاً كافياً من حرية الحركة. كما أن على الحكومة أن تسهل مهمة الجمعيات في محاربة العنف وفي تعزيز المساواة بين الرجل والمرأة ويشمل ذلك تقديم الدعم المادي لمشاريع الجمعيات في هذا الشأن.