25/2/2008

حين قابلنا نادي حنا في عام 2008 كان يبلغ من العمر 54 عاما ولديه أربع أبناء: كبيرهم حاتم من مواليد 1981 ويعمل محاميا، وهاني من مواليد 1983 ويعمل أيضا بالمحاماة، ومريم من مواليد 1985 (متزوجة) وإنجي من مواليد 1987.

لكن قصته بدأت عام 1995 حين كان يبلغ من العمر 42 عاما وكان يملك شركة في البحر الأحمر راس مالها 250 ألف جنيه.. ولديه خلافات حول ميراث ما مع أمين شرطة في مباحث الأحوال المدنية..

في عام 1995 اكتشفت مصلحة الأحوال المدنية إن شخصا ما قام بتزوير شهادة ميلاد لسيدة ما لكي تتمكن من عمل بطاقة فنزل أمين الشرطة المذكور أعلاه بصحبة الضابط مصطفى عبد القادر رضوان ليقبضا على المتهم بالتزوير.. وعادا إلى المصلحة بعد أن قبضا على المتهم ومعه المواطن نادي حنا.. قاما بتفتيش منزله والاستيلاء على أوراقا كثيرة خاصة به بما فيها الختم والسجل التجاري لشركته للتحقق من صحتها..

إلى هذا اليوم لم يسترجع نادي حنا أوراق شركته ولا ختمها ولا الشركة نفسها.. لكن ليس ذلك هو ما يبحث عنه نادي.. إنه يبحث عن العدالة والمحاسبة لمن احتجزوه لمدة عامين فوق سطح قسم شرطة أوسيم.. ولمن أذاقوه أبشع أنواع التعذيب وتسببوا له في عديد من المضاعفات النفسية والجسدية آخرها سرطان القولون الذي ينتظر موافقة الدولة ليعالج على نفقتها.

يقول نادي حنا:

فيه راجل مزور في قرية البراجيل عمل شهادة ميلاد مزورة لواحدة عشان تعمل بطاقة.. فيه أمين شرطة قريبي يعمل في مباحث الأحوال المدنية.. بيننا مشكلة على ورث.. أمين الشرطة ده نزل يقبض على المزور.. فقبض علي معاه يوم 30 نوفمبر 1995. وأخد أوراق كتيرة من البيت.. الضابط ثبت الأوراق في محضر القسم لكن ما حولوهاش للنيابة العامة.. أخدت أربع أيام في 15 يوم.. يوم 18 ديسمبر النيابة قررت إخلاء سبيلنا بكفالة.. دفعت الكفالة يوم 19.. يوم 20 ديسمبر أخذونا مديرية أمن الجيزة عشان يشوفوا علينا قضايا تانيه ولا لأ.. يوم 21 ديسمبر مركز أوسيم حولني على مباحث الأحوال المدنية..
قعدت 3 أيام في مباحث الأحوال المدنية في العباسية من 21 ديسمبر 1995 لحد 23 ديسمبر 1995.. بدأوا يعذبوني عشان أوقع على المحضر باعتباري متهم مع المزور.. الضابط كان اسمه مقدم مصطفى عبد القادر رضوان.. لا زال يعمل في مصلحة الأحوال المدنية.. في الأول كان التعذيب ضرب وشلاليات.. بعدين ابتدا التعذيب العنيف وبالكهربا.. كان يستعمل زجاجة بيبسي فارغة.. يدخلها في فتحة الشرج ويسيبها شويه وبعدين يشدها مرة واحدة.. كنت بأسمع كأن صوت فرقعة.. مرات تانية كان بيستخدم ماسورة حديد.. يدخل الماسورة في فتحة الشرج ويوصلها لسلك كهربا وسلك تاني يلفه حوالين القضيب وبعدين يشغل الكهربا من جهاز أسود.. كان بيلف دراعه.. تلات أيام تعذيب.. ابتديت أنزف جامد من تحت.. خاف أموت راح محولني نيابة مركز إمبابة.. .. وكيل النيابة شافني بأنزف دم راح محولني على مستشفى إمبابة.. عملوا لي إسعافات أولية من غير تقرير.. رجعت النيابة تاني.. أغلبية الورق اللي أخدوه من بيتي احتفظوا بيه في القسم.. ما كانش معايا في النيابة إلا بطاقتي الشخصية، وشهادة جيش، وشهادة ميلاد أولادي.. باقي الورق اللي أخدوه من البيت احتفت رغم إنها مثبوتة في محضر القسم..
وكيل النيابة.. كان اسمه عمرو الحناوي.. كان بيحقق معايا باعتباري مجني عليه.. لا سألني عن التزوير ولا غيره.. سألني بس عن التعذيب.. وكان بيكتب قدامي.. بعتني على الطب الشرعي في زينهم بالكلابشات.. ما كانش معايا محامين.. الراجل التاني شهد على محامين كتير بيتعاونوا معاه في عملية التزوير.. ما بقاش فيه حد عاوز يحضر معانا عشان شبهة التزوير..
في الطب الشرعي لقيتهم بياخدوا نموذج لخطي.. بيستكتبوني يعني على أساس إني مزور.. ومن الطب الشرعي رحت على قسم أوسيم.. حجزوني على السطح.. قالوا لي عشان جروحك تنشف.. كانت المعاملة كويسة.. كانوا بيجيبوا لي دكاترة من المستشفى..
طول الوقت كنت متصور إني محجوز على ذمة قضية وأهل كانوا بيجيبوا لي أكل..
الراجل التاني المزور وقع على الورق على طول.. هو من عيله جامدة في الهرم.. يمكن يبقى عنده 80 سنة دلوقتي.. عليه أحكام جنايات ودلوقتي هربان.. من ساعة ما اتعرضنا على الطب الشرعي ما شفتهوش..
يوم 25 يناير 1996 شفت عدد من مجلة الحوادث.. لسه العدد عندي.. لقيت صورتي وجنبها صورة الراجل التاني والخبر بيقول “حولوا لمحاكمة عادلة”.. وأنا عمري ما رحت المحكمة.. أنا تصورت أنه اتحكم عليا غيابي..
فضلت في مركز أوسيم من 23/12/1995 لحد 30/12/1997.. سنتين.. بالنهار على السطح وبالليل في التلاجة.. ما كانش فيه تعذيب في اوسيم!!!..
يوم 30/12/1997 قالوا لي امشي.. خرجت جري على بيتنا..
بعد أسبوع رحت النيابة اسأل عن القضية.. قضية التعذيب.. لقيت القضية راحت نيابة شرق إسكندرية لاستكمال التحقيقات..
في أبريل 2006 ملف القضية رجع على نيابة أوسيم.. الطب الشرعي رد بعد 11 سنة.. رقم الصادر عندي في الإسكندرية لكن مفيش رقم وارد.. بعد 11 سنة لما مسكها وكيل النيابة الجديد استدعاني.. بعت لي
قال لي: أنا مش فاهم حاجة.
قلت له: دي قضية تعذيب..
قال لي: مفيش حاجة مكتوبة عن تعذيب..

طلب عرض تاني على الطب الشرعي.. استسمحته يديني صورة من القضية وفي الآخر إداني صورة.. واتبهدل جامد بسبب كده.. ونقلوه المرور (لدينا في مركز النديم صورة من القضية)

لما قريت الملف اكتشفت عدد من الحاجات.. أولا مفيش أحراز، والأوراق اللي رفضت أوقع عليها الضابط وقع عليها بدالي، وعلى ضهر المحضر: ضابط الشرطة مزور إذن نيابة بالقبض عليا.. الورق بيقول ان فيه محامين حضورا معانا.. في الحقيقة ما كانش معانا محامين. و قرار النيابة بالتحويل للطب الشرعي كان عشان استكتابنا.. لكن القرار ما كانش فيه لا أمر بالتحفظ علينا ولا إخلاء سبيل..

في أبريل 2007 اتنشر عن القضية مرة واحدة ومعتز الدمرداش دعاني للبرنامج بتاعه.. وأنا رايح لمعتز الدمرداش اتخطفت من البراجيل.. وأخدوني على مصلحة الأحوال المدنية.. عند المقدم مصطفى عبد القادر رضوان.. كلبشني وقعد يسب ويشتم لغاية لما زمايله فكوني وسابوني في الشارع وقالوا لي معلهش.. و معتز الدمرداش أذاع الخبر على الهوا.. لكن من ساعتها لا حد ذاع ولا حد نشر..

أنا عملت بلاغ للنائب العام وأرسلت نسخة لرئيس الجمهورية والمجلس الأعلى للقضاء والنائب العام.. وهو حولها للمحامي العام لنيابات شمال الجيزة.. من سنة 2007 والقضية هناك.. استدعاني مرة لكن ما فتحش تحقيق رسمي.. هو موافق يحقق في موضوع الضابط، شرط إني ما أذكرش وكيل النيابة المتواطئ معاه.. وأنا مصر أفتح كل حاجة..

من 1997 لحد دلوقتي كنت بأتابع القضية وباشتغل وجوزت بنتي ولي حفيد.. عندي أمل قبل ما أموت آخد حقي.. عاوز حد يقف معايا.

المواطن نادي حنا مصاب بسقوط شرجي وسرطان في المستقيم يستكمل فحوصاته في معهد الأورام استعداد للجراحة.. يعيش على المسكنات.. وعلى أمل أن يعوضه أحد عن عامين أمضاهما فوق سطح قسم شرطة أوسيم.. وفي هذه الأثناء يتردد عليه لواءات من وزارة الداخلية لإقناعه أن يكتفي بشكوى التعذيب وأن يتجاوز عن مخالفات النيابة.. لكن نادي حنا يريد حقه كاملا.. وهو حق يكفله القانون والدستور والمواثيق الدولية ومبادئ الأخلاق.