27/4/2005

نظم مركز غزة للحقوق والقانون بالتعاون مع حزب الاتحاد الديمقراطية الفلسطيني فدا ورشة عمل تحت عنوان “القضاء الفلسطيني ودوره في سيادة القانون”. عقدت الورشة في قاعة وزارة شؤون الأسرى والمحررين في مدينة غزة. استضاف اللقاء كلاً من:

السيد/ محمد دغيش رئيس النيابة.
السيد/ عدنان أبو وردة قاض محكمة البداية في غزة.
السيد/ جمال أبو نحل عضو اللجنة المركزية في حزب فدا.
السيد/ محمد عفانة منسق مشروع التربية المدنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان من مركز غزة للحقوق والقانون.

في بداية اللقاء تحدث عدنان أبو وردة قاضي محكمة بداية غزة عن القضاء الفلسطيني عبر حقبة من الزمن، واعتبر أبو وردة أن القضاء الفلسطيني له تسلسل تاريخي في المجتمع الفلسطيني منذ عهد الأتراك، و مروراً بالعهد المصري، ومن ثم الاحتلال الإسرائيلي، ومن ثم القضاء في ظل السلطة الوطنية الفلسطينية.
كما تحدث أبو وردة عن مبدأ سيادة القانون على اعتبار أن يكون الحاكم والمحكوم تحت مظلة القانون، ولكن هناك بعض الحكومات تقوم بتطبيق القانون وفق أهواء طبقة معينة وتكون هي في حل منه، وهناك أيضاً حكومات تلتزم بالقوانين سواء حاكم أو محكوم.

إن مبدأ سيادة القانون هو الضمان الأساسي لحرية الفرد. فالقانون الأساسي نص في مواده على كثير من المواد التي تحمي حقوق وحريات الأفراد. كما جاء في القوانين الفلسطينية بأن

تلتزم السلطة التنفيذية بالقانون. وتعمل على تطبيق كافة القرارات القضائية الصادرة عن المحاكم الفلسطينية، بالإضافة إلى ضرورة وجود مبدأ استقلال السلطات الثلاث كما جاء في القانون، مع وجود انسجام بين تلك السلطات. كما تحدث أبو وردة أن من مهام السلطة القضائية الاحتكام في المنازعات بين المواطنين الفلسطينيين. كما نوه أبو وردة إلى أن السلطة التشريعية مهمتها سن القوانين ومراقبة أعمال السلطة التنفيذية.

ونوه أبو وردة إلى أن القانون الأساسي نص على أن الشعب هو مصدر السلطات على اعتبار أن الفلسطينيين متساوون أمام القضاء لا تمييز بينهم، كما يجب أن يكون هناك انصياع لكافة القوانين. ويجب أن يكون هناك وعي كامل من قبل الشعب الفلسطيني بكيفية احترام القانون. فعدم الالتزام بالقوانين من قبل المواطن هو نتيجة للظروف الراهنة التي يمر بها الشعب الفلسطيني جراء ممارسات الاحتلال الإسرائيلي.

وقال أبو وردة أن السلطة القضائية لا يكفى أن تكون وحدها من أجل تعزيز مبدأ سيادة القانون، بل أيضاً السلطة التشريعية والتنفيذية كافة تساهم مجملاً في تعزيز مبدأ سيادة القانون.

أما عدم تنفيذ القانون ليس مسئولية السلطة القضائية، بل إنما مسئولية السلطة التنفيذية، فالسلطة القضائية مهمتها إصدار القرارات القضائية.

ومن جانب آخر تحدث السيد محمد دغيش رئيس النيابة عن دور القضاء في تعزيز سيادة القانون. وقال أن القانون هو مجموعة من المبادئ الأخلاقية والاجتماعية والفكرية التي تهدف إلى ضبط سلوك الفرد والمجتمع. واعتبر أن القواعد الأخلاقية هي ركيزة أساسية من ركائز القانون فالفرد يبدأ بنفسه وبضبط أخلاقه وسلوكه، ومن ثم الأسرة، والعشيرة، والأحزاب السياسية، والمجتمع جميعهم يساهموا في تعزيز سيادة القانون.

إن القضاء يصدر أحكام بنص القانون وبناء على حيثيات وبينات في أوراق القضية المنظورة أمامه فالحكم يصدر عن المحكمة لمصلحة طرف دون الآخر بناءً على ما تتضمنه الأوراق. إن استقلال القضاء وعدم التدخل فيه أو التأثير عليه يساهم بشكل كبير في إرساء مبدأ العدالة للجميع وسيادة القانون. فالقانون الأساسي وقانون السلطة القضائية وقانون الإجراءات الجزائية كفل حرية المواطن وضمن له حقوقه سواء في أوامر القبض أو التفتيش أو أثناء التحقيق. بذلك فإن النيابة العام والقضاء لا تفرق بين مواطن وآخر أيً كانت صفته.

بذلك اعتبر دغيش أن من أسباب عدم سيادة القانون تعود إلى عدم وجود قوة تنفيذية قوية على الأرض تقوم بتنفيذ أوامر النيابة العامة وأحاكم المحاكم الذي من شأنه أن تساهم مساهمة كبيرة في تطبيق مبدأ سيادة القانون على الجميع، فإن عجز القوة التنفيذية وهي أداة القانون وتنفيذه عن تطبيق القانون تشعر المواطن بأن القانون مغيب وربما يكون عاجزاً على أن يكون فعالاً ومؤثراً على المجتمع، ويشعر بأن هناك تمييز بين المواطنين بعضهم عن بعض. بالإضافة إلى فوضى السلاح، وعدم ضبطه بشكل سليم من خلال منح التراخيص اللازمة لمن هم بحاجة ماسة له. بالإضافة إلى أنه يجب أن يكون هناك قوة تنفيذية (شرطة قضائية) خاصة من أجل تطبيق القرارات القضائية الصادرة عن المحاكم الفلسطينية.

كما تحدث السيد جمال أبو نحل عضو اللجنة المركزية في حزب الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني فدا عن القضاء الفلسطيني ودور حزب فدا في سيادة القانون. قال أن استقلال القضاء في فلسطين يعكس بشكل واضح مدى تطور الديمقراطية وإحقاق مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث. فإن واقع الحال يدلل على مدى خطورة الأوضاع العامة في فلسطين وتدهور الحالة الأمنية، ولجوء العديد من الأفراد والعائلات إلى استخدام السلاح وغيره بعيداً عن المحاكم وعن القضاء. وقال أبو نحل أننا في حزب فدا رفعنا صوتنا عالياً وطالبنا المجلس التشريعي الفلسطيني بسن القوانين التي تكفل حرية الإنسان الفلسطيني وكرامته وتصون حقوقه.

وتحدث محمد عفانة منسق المشروع ممثلاً عن مركز غزة للحقوق والقانون. وقال أن هذه الورشة تأتي ضمن مشروع التربية المدنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان للقيادات الشابة في الأحزاب السياسية العاملة في قطاع غزة والممول من مشروع تمكين.

وقال عفانة أن المشروع بدأ العمل به منذ يناير كانون ثاني 2004 استهدف (247) قيادي حزبي من حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني فدا عن طريق عقد (14) دورة تدريبية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون واستقلال القضاء. .

وذكر عفانة أن مثل هذه الورش تهدف إلى تعزيز أسس بناء المجتمع المدني الديمقراطي والمساهمة بتقوية الأحزاب السياسية الفلسطينية من خلال الدورات التدريبية التي يعقدها المركز.

وفي نهاية اللقاء أوصى المشاركين في الورشة بضرورة زيادة وعي المواطن بالقوانين وبواجباته وحقوقه، وأن تلتزم الأجهزة الأمنية والشرطة الفلسطينية بتنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء والمحاكم الفلسطينية، مع تخصيص موارد مالية كافية للجهاز القضائي وتعيين مزيد من القضاء بما يتناسب مع عدد السكان. بالإضافة إلى جمع الأسلحة الغير قانونية التي تشكل خطراً على حياة المواطن بشكل فوري من المواطنين الذين يستخدمونه بشكل غير قانوني، و الضرورة القصوى في تشكيل شرطة قضائية لتنفيذ القرارات الصادرة من السلطة القضائية.
وفي نهاية ورشة العمل وزعت شهادات تقديرية على الذين شاركوا في الدورة التدريبية المتميز الثالثة في استقلال القضاء التي عقدت في وقت سابق.